أحمد الدرينى لـ «أخبار اليوم»: ملفات مهمة على مائدة «الوثائقية» وهدفنا تقديم محتوى عالمى

أحمد الدريني
أحمد الدريني

لعقود رفعت بعض القنوات فى المنطقة شعارات الحيادية والموضوعية، وبمرور الوقت وجدناها مجرد شعارات، وما يعرض قصصا مبتورة وأخرى يدُس فيها السم ليختلط بالعسل ونكتشف بعد فوات الأوان أن ما قدم للجمهور محتوى «سام» و«غير صالح» للعقل الآدمى.. من هنا كان للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية وقفة، وانطلقت فى تنفيذ أكبر خطة إصلاح وتطوير متكاملة للإعلام المصرى ترتكز فيها على تبنى الحيادية والموضوعية وأخيرًا أطلقت منذ أيام قناة «الوثائقية» وتحمل شعار«القصة الكاملة» لتقدم تاريخ رموز مصر والعالم وتوثق الحاضر بكل تفاصيله بمنتهى الدقة والحيادية والاحترافية لتصبح قادرة على المنافسة الدولية.. فى «معركة الوعي» التى تخوضها الدولة المصرية كان الرهان الأكبر على القوة الناعمة للإعلام والفنون والثقافة فى هدم الموروثات السامة وتأتى أهمية إطلاق قناة وثائقية مصرية فى هذ التوقيت لأسباب كثيرة يكشفها لنا فى السطور التالية رئيس قطاع الإنتاج الوثائقى بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، أحمد الدرينى، بالإضافة للتحديات التى تواجهها القناة ورؤيتها المستقبلية ودورها فى دعم المبدعين. 

بدأ المشوار بوحدة الأفلام الوثائقية والآن اطلاق قناة متخصصة، فى رأيك ما أهمية الفيلم الوثائقى؟
بالفعل استطاعت وحدة الأفلام الوثائقية فى بدايتها انتاج عشرات الأفلام ما بين التاريخى والسياسى والفنى والرياضى والثقافى، وتكمن أهمية الفيلم الوثائقى فى طريقة معالجته لبعض القضايا، فهناك موضوعات يمكن مناقشتها فى خبر أو تقرير صحفى أو مقابلة تلفزيونية.

ولكن هناك موضوعات أخرى الأفضل عرضها ومناقشتها وتقديمها للجمهور بـ«فورمات» مختلف مثل الفيلم الوثائقى أو التسجيلى والذى يقدم وجبة متكاملة عن الموضوع الذى يتم مناقشته عن طريق استيفاء أكبر قدر من المعلومات والحقائق وعرضها بهذا الشكل.

فهناك مثال بسيط، فى كل عام يتم عرض محتوى «كرنفالي» فى احتفالات طابا، يخرج فى النهاية محتوى اعلامى معتمد على كلام مرسل أو لقاء بضيف أو اثنين، على عكس الفيلم الوثائقى.

والذى يبحث فى الوثائق ويقدم صورا وفيديوهات نادرة بالإضافة للقاءات مع ضيوف من الداخل والخارج، ليخرج فى النهاية انتاج بصرى جذاب يحتوى على معلومات ووثائق يتم عرضها للمرة الأولى، وليس مجرد تغطية سريعة.


منذ انطلاق القناة يتم عرض أفلام تخاطب المشاهد المصرى والعربى، هل تستهدف القناة المنافسة الاقليمية والدولية؟
وفى البداية أحب توضيح أن المنتج الجيد يخاطب جميع الفئات والجنسيات والاعمار، وقناة الوثائقية صممت لتقديم محتوى عالمى ومحلى، فنحن لا نخاطب الداخل فقط، بل كل من يجيد اللغة العربية والضابط الأساسى هو الجودة الفنية، والهدف هنا ليس المنافسة أو استهداف مشاهد بعينها فقط.

ولكن تقديم منتج بمعايير جودة فنية ومعرفية عالية، فعندما نشاهد فيلما عن الاجتياح الإسرائيلى للبنان على سبيل المثل يكون الفارق هو مدى جودة العمل وما يقدمه من وثائق وملعومات وما يكشفه من حقائق، بهذا الشكل يصبح العمل تلقائيًا قادرًا على المنافسة.

ولكن على الجانب الآخر يجب النظر أيضًا إلى الحيادية فى طرح القضايا، والقدرة على رؤية الفرق بين المعالجة الفنية وإضفاء الصبغة السياسية، للأسف تستخدم بعض القنوات هذا الدمج وتخلق منتجا موجها بصبغة سياسية واضحة ولكنها تهتم أيضًا بـ«الصنعة».

 

 

وهذا ما يمكن وصفه «بفن صناعة الانحياز» فهى لا تقدم كل الحقيقة وتذهب فى بعض الاعمال التى تقدمها لمساحات الاحتكاك، ولكن لا تستطيع الاستمرار على هذا النمط فقط، لنجدها من ناحية أخرى تقدم أفلاما عن محمد فوزى وبعض رموز الفن من مصر ودول عربية وأجنبية.


منذ اليوم الأول شاهدنا التنوع فى الانتاج الوثائقى، هل هناك خطوط عريضة للقناة فيما يتم تقديمه الفترة المقبلة؟
وبالطبع لدينا رؤية وخطوط عريضة وأولوية فيما يخص انتاج القناة من أفلام وثائقية، حيث تأتى قضايا وموضوعات الهوية والحضارة المصرية على رأس القائمة، ولا يشترط أن يكون المقصود بقضايا الهوية والحضارة المصرية.

وهو تقديم افلام عن الفراعنة وملوك مصر بل أيضًا نجيب محفوظ ورموز الثقافة والفكر والفن والسياسة، لأن هوية مصر على مر العصور تذخر بنماذج وقضايا ملهمة ولها أهمية اقليمية وعالمية كبيرة. 


كما تهتم «الوثائقية» ايضًا بتقديم أعمال لمواجهة قضايا الاسلام السياسى التى تحتاج بالطبع لهذا الشكل من فنون الإعلام لتقديم وجبة معرفية بالوثائق والمستندات واللقاءات وشهادات الضيوف على الاحداث، والهدف هنا مناقشة القضايا بالفكر والوثائق والمستندات فهى أفضل طريقة لمواجهة العديد من الأفكار المغلوطة.

وأخيرًا، تهتم القناة بالطبع بتقديم روايات وحقائق عن العسكرية المصرية باستخدام هذه الادوات وتقديم أعمال ستشكل تغيراً كبيراً وجذرياً عند كشفها ومناقشتها.


هل ترى أن هناك اقبالا من المشاهدين على الأفلام الوثائقية على المنصات وغيرها أكبر من العقود الماضية؟
لا يوجد لدى أرقام موثقة أو نسب معلنة لحسم هذا الموضوع، ولكن المؤكد أن المشاهد يذهب للمنتج الجيد الذى يحترم عقله ويقدم له الجانب المعرفى والحقائق بغلاف فنى جذاب وممتع، فهذه النوعية من الأفلام لا تولد شعورا بالذنب لدى المشاهد فهو لم يهدر وقته وطاقته فى مشاهدة أعمال بلا معنى.

لأن الإنسان بطبعه باحث عن المعرفة، وهذا ما يضع على عاتقنا مهمة التطوير الدائم ومراقبة ظروف الصناعة نفسها والاختيارات المناسبة لكل وقت.


منذ الإعلان عن انطلاق القناة، أصبح هناك أمل فى أن تصبح متنفسا للمبدعين المتخصصين فى هذا الفن من الشباب، هل ترى الوثائقية أن لها دورا فى دعمهم؟ 
وكما ذكرت «الوثائقية» قناة تهتم بالاحترافية وتقديم منتج وثائقى فنى بجودة عالية، لذلك أوظف أشخاصا محترفين وفق هذه الرؤية، ولكن هذا لا يمنع وجود شباب مبدع أراهن عليه وأوفر له الامكانيات لاستكمال عمل فنى يليق بما سبق ذكره من معايير وضوابط للخروج بمنتج قادر على المنافسه فى سوق الفيلم الوثائقى والتسجيلى.

ومن ناحية أخرى القناة رغم أن بدايتها قوية إلا أن عمرها لا يزال صغيرا، لكن ربما بعد مرور سنوات من العمل وتكوين مكتبة وثائقية ضخمة، أن يتطور دور القناة لما أبعد من ذلك فى قصة دعم المواهب كإطلاق مهرجان متخصص وجوائز تشكل متنفسا كبيرا لهم.

اقرأ ايضاً | حزب «المؤتمر»: القناة الوثائقية منبر تنويري وتوعوي

نقلا عن صحيفة أخبار اليوم: 

2023-2-25