فى أروقة السياسة

البطة العرجاء فى الولايات المتحدة الأمريكية

د. سمير فرج
د. سمير فرج

البطة العرجاء، أو «The Lame Duck»، هو اصطلاح أمريكى يطلق على حالة الإدارة الأمريكية، عندما ينتمى الرئيس الأمريكى إلى الحزب المعارض لحزب الأغلبية فى الكونجرس. فمثلاً، عندما تولى الرئيس الأمريكى، الحالى، جو بايدن، المُنتمى إلى الحزب الديمقراطى، رئاسة الولايات المتحدة، كانت نانسى بيلوسى تترأس الكونجرس، الذى يشغل الحزب الديمقراطى أغلبية مقاعده، وهو ما كان يضيف على عملية اتخاذ القرار نوعاً من المرونة والسلاسة والسرعة، نظراً لترجيح الأغلبية لقرارات الرئيس، المُنتمى لحزبها، باعتبار أن مشروعات تلك القرارات تمت صياغتها فى أروقة الحزب قبل عرضها على الكونجرس.

إلا أنه فى أواخر العام الماضى، بعد إجراءات انتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى، ويُطلق عليه «التجديد النصفي»، لأنه يجرى فى منتصف فترة رئاسة الرئيس الأمريكى، بعد سنتين من توليه الحكم، جاءت نتيجة تلك الانتخابات صادمة، إذ حصل الحزب الجمهورى، المعارض للرئيس الأمريكى، على الأغلبية، وأصبح الجمهورى، كيفن مكارثى، رئيساً للكونجرس، اعتباراً من 1 يناير 2023، وهو ما يُتوقع معه تعقيدات فى عملية اتخاذ وتنفيذ القرارات، خلال العامين المتبقيين من فترة رئاسة الرئيس الأمريكى، لذلك يُطلق على تلك المرحلة مصطلح «البطة العرجاء». وكانت مجلة بوليتيكو (Politico) الأمريكية قد عبرت عن ذلك الوضع، على أحد أغلفتها، يوماً، بأن رسمت مبنى الكونجرس، تعتليه بطة بطرف صناعى، وكتبت تحتها «The lame duck looms»، أى «البطة العرجاء تلوح فى الأفق». ومما يزيد من صعوبة هذه المرحلة، أن الرئيس الأمريكى الحالى، جو بايدن، سيخوض انتخابات الرئاسة القادمة، وغالباً سينافسه الرئيس السابق، ترامب، من الحزب الجمهورى، لذا سيعمل الكونجرس، خلال الفترة القادمة، على إضعاف سلطة الرئيس جو بايدن، ليتيح لمرشح الحزب الجمهورى الفوز فى الانتخابات الرئاسية القادمة.

ومن المُتوقع، كذلك، أن تتأثر الحرب الروسية الأوكرانية، الجارية، فبعدما كان الكونجرس الأمريكى يؤيد، ويمرر، جميع قرارات الرئيس بايدن، بدعم الرئيس الأوكرانى، سواء مادياً أو عسكرياً، فى حربه ضد روسيا، فإن الكونجرس الحالى، بأغلبيته الجمهورية، يعارض تلك الحرب، ويرى فى دعم أوكرانيا استمراراً للحرب، على حساب الأمن القومى الأمريكى، باعتبار أن الدعم المُقدم لأوكرانيا يأتيها من احتياطى القوة العسكرية الأمريكية، وبناءً عليه ستشهد المرحلة القادمة معارضة لأية قرارات دعم لأوكرانيا، أملاً فى إجبار الأطراف إلى اللجوء لمفاوضات سلام، بعدما تأثر العالم كله بتداعيات تلك الحرب.

وأظن أننا سنشهد، فى الفترة القادمة، مرور الإدارة الأمريكية بفترات شد وجذب، لحين إجراء الانتخابات الرئاسية.