كنوز| الشمعة 92 لـ «الدلوعة» التى وقعت فى غرام الفتى الأول

شادية تنفصل عن عماد حمدى بعد 3 سنوات من الزواج
شادية تنفصل عن عماد حمدى بعد 3 سنوات من الزواج

فى الثامن من فبراير1931 جاءت «دلوعة» السينما «شادية» إلى الدنيا، عاشت بيننا 86 عاما قدمت خلالها أكثر من 150 فيلما، وأكثر من 400 أغنية، كانت مصدر سعادة لجمهورها ومن حولها، لكنها عانت كثيرا فى حياتها، تألمت لأنها فشلت فى تكوين بيت وعائلة، واحترم جمهورها قرار اعتزالها بعد حفل الليلة المحمدية الذى قدمت خلاله أغنية «خد بإيدى»، لم تتاجر مثل الآخريات باعتزالها، بل أكدت فى أكثر من تصريح أن الفن رسالة، ولم تتبرأ من أعمالها التى أسعدت بها الناس، وأوضحت أنها قررت التفرغ للعبادة ورعاية الأطفال الأيتام.

عانت شادية فى زيجاتها، أحبت وهى بعمر 16 عاما ابن الجيران الذى اسُتشهد فى الحرب، ثم أحبت فتى الشاشة الأول عماد حمدى الذى كان يكبرها بـ 22 عاما ومع ذلك تزوجته، تزوجت المهندس الإذاعى عزيز شافعى ولم تكن تعلم أنه متزوج ورفض أن يطلقها إلا بعد أن تدفع له 1000جنيه، تزوجت صلاح ذو الفقار الذى كونت معه ثنائيا سينمائيا رائعا وفشلت فى الإنجاب منه بحمل لم يكتمل وانفصلت عنه ثم عادت له وانفصلا مرة أخرى، وبمناسبة الذكرى 39 لرحيل عماد حمدى فى 28 يناير الماضى صاحب أول قصة حب عرفتها شادية وأول زواج فى حياتها تعالوا لنرى ماذا كتبت لمجلة «أهل الفن» عن هذه القصة التى تقول فيها: 

«كان قلبى إلى ذلك اليوم لم يُخفق بالحب، كنت أجسد أدوار جولييت، وبنت الجيران، وعزيزة التى تحب يونس، وزليخا التى تحب عاشور، وعبلة التى تحب عنتر، ولكنها كلها كانت تمثيلاً فى تمثيل، وكنت إلى ذلك اليوم أنظر إلى الحب على أنه شىء هائل، ترتجف له الأوصال، وتهتز له جميع الأعصاب، وجاء ذلك اليوم فأحسست أن الحب أكثر هولاً مما كنت أتصور فى اليوم الذى ركبت فيه «قطار الرحمة» الذى اتجه بنا إلى الصعيد لنجمع التبرعات للاجئين فى غزة، وقد ضم ذلك القطار عدداً كبيراً من الفنانين والفنانات، وكان من بينهم: الفنان عماد حمدى، ومن بين الفنانات أنا، وكان هناك رسول أوفده الأخ «كيوبيد» ليكتب فى قطار الرحمة قصة أول حب تمسك فى تلابيبى وتحرك مشاعرى، ولم نكن قد تصارحنا بشىء، لكن التيار الخفى الذى يربط القلوب ويشد بعضها إلى بعض شداً، كان هو التيار الخفى الذى بدأ يسرى بيننا. 

يقولون إن الحب ينمو فى ظل القرب، وقد شاء الله أن تمتد الرحلة إلى ضعف المدة التى استغرقت أكثر من شهر وحتى عاد بنا «قطار الرحمة» للقاهرة، لم يصارحنى عماد حمدى بحبه، لكن كل ما كان يصدر عنه من نظرات وتصرفات، وما يحمله بريق عينيه من رسائل، وما تختلج به شفتاه، وضغطة يده على يدى ونحن نفترق فى محطة القاهرة، كل هذا صرخ فى داخلى بكلمة «أنا أحبك»، وحسبت أن ما حدث فى «قطار الرحمة» مجرد استلطاف متبادل، ولا أدرى لماذا قال عقلى لنفسى «ابتعدى عن طريق عماد حمدى»، لكنى سمعت صوتاً يهتف من قلبى بلهفة وتأنيب: «لا تبتعدى عن عماد، إلى متى تظلين وحيدة ،إنه يحبك»!

قضيت ليالى وأنا غارقة فى دوامة من الفكر، كان لا بد أن أتأكد أن عماد يحبنى، وأن ما بدا منه فى «القطار» هو الانعكاس الصحيح لما فى قلبه، وحين قابلته فى أحد الاستديوهات بدا لى كما لو كنت قد عثرت على كنز فرح به قلبى وخفق، وحين قال لى: «أنا قررت حاجة يا شادية»، قلت مستفسرة «قررت إيه يا عماد»، قال «بس ما اعرفش حاتوافقى ولا لأ !»، قلت «طيب قول».

صمت لثوان، كان ينظر لوجهى وكأنما يقرأ الجواب، سدد عينيه لعينىّ فوجد فيهما شيئاً أبلغ من جواب اللسان، ولم يوجه لى عماد السؤال، ولا هو سمع منى الجواب، فقد عرفت السؤال الذى لم يقله، وعرف الجواب الذى لم أقله، ومرت الأيام وأصبح الفهم الضمنى لموقفنا فهماً صريحاً يردده الناس ويتناقلونه، ويضفون عليه من أخيلتهم ما لا يتفق وجلال قصة الحب التى نعيشها، سارعنا بوضع خاتمة سعيدة لقصة الحب الذى بدأ فى قطار الحب، وسطر كيوبيد فى حياتى أول حبٍ وأجمل زواجٍ». 

ويروى عماد حمدى للناقدة إيريس نظمى التى نشرت مذكراته تفاصيل القصة التى دارت فى «قطار الرحمة» مبينا أن مهمته كانت تقديم المطربين والمطربات فى الحفلات التى كان يتوقف فيها القطار بكل محطة، من أسوان حتى القاهرة، فيقول: 

« كان من بين المشاركات المطربة شادية، تبادلنا خلال الرحلة عبارات المجاملة والشكر، وتوطدت علاقتنا يوماً بعد يوم، وطال الحديث بيننا فى القطار وداخل دور السينما التى كنا نقدم فيها الحفلات، وعندما توقف القطار فى آخر محطة بالقاهرة شعر كل منا برغبة قوية فى رؤية الآخر مرات أخرى، كان موقفى حرجاً وشائكاً، فأنا متزوج وحياتى مستقرة وعندى طفل أحبه، لكنى لم أقدر على مقاومة ما فى نفسى للقاء شادية،عشت صراعاً بين الزوج الوقور، والمحب المتأجج بالمشاعر التى لا تعترف بالعقل والمنطق، كنت أشعر بأن الشاب الذى فى داخلى هو الذى يوشك أن ينتصر على منطق الزوج الوقور»!!

ويستطرد قائلا: «شاءت الظروف أن نلتقى بعدها فى فيلم «أقوى من الحب»، كنت أؤدى دور ضابط مبتور الذراع متزوج من طبيبة تعامله بجفاء، تظهر فى حياته شادية التى تُغدق عليه حنانها وحبها، ويبدو أن قصة الفيلم ألهبت مشاعرنا، فوجدت نفسى فى موقفٍ لا أُحسد عليه، أصبحت رجلاً متزوجاً وقع فى الحب ولا يستطيع الهرب منه، انفصلت عن زوجتى فتحية شريف بعد ثمانى سنوات زواجٍ، وتزوجت شادية عام 1953، وبعد زواجنا فكرت فى الإنتاج، كانت شادية وقتها تقدم الأدوار الخفيفة فى الأفلام الكوميدية الغنائية، وكنت أشعر أن موهبتها أكبر من هذا، أنتجت فيلمى «شاطئ الذكريات» و«ليلة من عمرى»، ولم تكن  شادية تتخيل نفسها بطلة لفيلم خالٍ من الأغانى، وبمرور أيام التصوير بدأ قلقها يزول، ونالت تقدير الجمهور، كان الفيلمان بداية لمرحلة جديدة فى حياتها، وكان هذا التحول أحد الجوانب الإيجابية فى حياتنا الزوجية،عشنا معاً النجاح المشترك، لكن يبدو أن الحب الزائد عن الحد سلاح ذو حدين، فجأة توقف بنا قطار السعادة فى منتصف الطريق، كان الأمر مؤلماً ومحزناً، ولم أكن أنتظر النهاية بهذه السرعة بعد ثلاث سنوات فقط، كنت أتصور أننى سأقضى بقية سنين العمر إلى جانبها، حدث الانفصال فى 1956 أثناء العدوان الثلاثى على مصر، وكتبت الصحف وقتها كلاماً كثيراً، قالوا إن الغيرة هى السبب، قالوا وقالوا...، فهل تُعتَبَر غيرة الزوج على زوجته جريمة؟!

 

لم يقل عماد حمدى فى مذكراته ما تردد عن أنه صفعها على وجهها فقررت الانفصال عنه بعدها، قال إن الحاقدين هم السبب فى الوقيعة!! 

إقرأ أيضاً|50 ألف جنيه مقابل حرق فيلم شادية وعماد حمدي