بينى وبينك

الكتابة غضبا

زينب عفيفى
زينب عفيفى

لماذا نكتب؟ هذا السؤال المطارد من وقت لآخر لكثير ممن يحملون على عاتقهم مهمة الكتابة كهدف أساسى فى الحياة، ليس لديهم إجابة شافية يمكن أن نضعها تحت مسمى ثابت لأسباب الكتابة، فنجد ماركيز يكتب «كى يفرح الأصدقاء»، فيما أجابت الكاتبة الأميركية سوزان أورلين عن نفس السؤال:» أكتب لأننى أحب سرد الحكايات والتجربة الفعلية لصنع الجمل». 

مسئولية الكتابة مهمة شاقة لماذا نكتب؟ ولمن؟ نكتب أحيانًا تألما وشكوى مما يثور فى أعماق وِجداننا، وفى أحيان أخرى نكتب نيابة عمن لا قلم له ولا صوت، نكتب أحيانا للتنفيس وإراحة لضمائرنا المثقلة والمتعَبة، ولكنى اليوم أكتب لأننى غاضبة، من نفسى وممن هم حولى غاضبة من مجتمع لم يعد يهتم، غاضبة من غلاظة الإحساس، من عدم القدرة على اتقان أى عمل، غاضبة مما وصل إليه حال يقف أمام لوحة جميلة ويفسدها بأفعال القبح، غاضبة من نفسى لأنى تعبت من العطاء الذى امتلأ به البعض من عدم المبالاة والاستسهال، وتمشية الحال ولا يهتم بالنتائج، غاضبة من الأنانية واللهث وراء المصالح بعيدا عن المبادىء والأخلاق، والبحث عن الثراء دون النظر لمصدره، انتهاك حرية كإنسان، غاضبة من اختفاء مبدأ الإيثار، غاضبة من التلكؤ فى أداء الأعمال، غاضبة من الفراغ الذى يقتل الكثير من الأحلام والأمنيات. 

كل هذا الغضب يثير بداخلى سؤال أكثر عبثية من سؤال لماذا نكتب؟ وهو ما جدوى الكتابة؟ ربما أكون فى منطقة مفترق الطرق التى تحتاج الكثير من التريث والتفكر فى كل ما مضي، وربما يكون لدى الكثير من الأحلام المعطلة، وربما يكون نوع من الملل الذى يصاحب البعض قبل الشروع فى كتابة عمل جديد؟ وربما أخلق لنفسى أعذارا أبرر بها حالة الغضب الكامنة التى تتملكنى ولا أستطيع الافصاح عنها. كل شىء وارد فى الكتابة.