تدريب الواعظات على لغة الإشارة لتصحيح المفاهيم الخاطئة

الأزهـر يقتحم عالم الصمت!

تدريب الواعظات على لغة الإشارة
تدريب الواعظات على لغة الإشارة

محمد نور

حياة خاصة يعيشها الصُم والبُكم، لا يعلم كثيرون منا عنها شيئًا، والأهم أن كثيرًا منهم لا يعلم شيئًا عن أمور الدين، فهم لا يجدون عالمًا أو شيخًا يتحدث إليهم، ويوضح لهم المفاهيم والمقاصد الشرعية، ويتعرف على مطالبهم أو احتياجاتهم، ووفقًا للإحصائيات يوجد في مصر 7 ملايين أصم، يحتاجون من يقترب منهم ويرد على أسئلتهم واستفساراتهم فيما يخص المسائل والشعائر الدينية، وهو ما يقوم به الأزهر حاليًا بإطلاقه مبادرة لتعليم لغة الإشارة للواعظات لتعليم ذوي الهمم شعائرهم الدينية والمقاصد الشرعية.

الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، قال إننا نسعى لأن تصل رسالة الأزهر للجميع، فلا يوجد أي مانع في استيعاب التواصل البشرى ولا يمكن أن نتجاهل وجود هؤلاء البشر معنا، مضيفًا أن رسالة الأزهر لجميع الناس، ومنهم ذوو الهمم بشكل عام، والصم بشكل خاص، هى تقديم الدعم والمساندة لهؤلاء باعتبار أن ذلك جزء أصيل من المسئولية المجتمعية والدينية التي تقوم بها مؤسسة الأزهر، فنحن نُساهم في كيفية فهم ذوى الهمم لأمور دينهم؛ فهم مسلمون مُكلفون، وعلى المجتمع بمؤسساته المعنية المُختلفة احتواء هؤلاء فكريا وعقائديا، لافتا إلى أن الأزهر يقوم بجهد كبير تجاه ذوي الهمم، حيث يتم تأهيل الواعظات وتدريبهم على لغة الإشارة حتى يتمكنَّ من التواصل مع هذه الفئة في المجتمع بشكل سلس ويسير باعتبارهم الأحق بالرعاية والاحتواء والاهتمام، مُشيرًا إلى أنه يتم تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية، خاصة لهم فضلًا عن استخدام الأدوات التكنولوجية والوسائل الإلكترونية، والاستفادة منها فى شرح وتبسيط، وتيسير العديد من القضايا المجتمعية والمفاهيم المُهمة.

انتهاء التهميش

الدكتورة إلهام شاهين، مساعد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أكدت أن هناك صعوبات تواجه الصم والبكم فيما يخص التعريف بأمور دينهم ودنياهم، حيث لا توجد مؤسسات تعليمية يتلقون فيها العلوم الشرعية أو الدروس الدينية، ولا توجد برامج تساعدهم على التعريف بأمورهم الدينية، وكل ما هو موجود اجتهادات يقوم بها بعض المتخصصين، إضافة لمترجم للغة الإشارة وهذا في حد ذاته له تأثير سلبي على الصم لأنهم يشعرون بالتهميش، مُشيرة إلى أن الأمور الدينية الفقهية تختلف ولها طبيعة خاصة فى الشرح حسب ظروف المتلقي أو المستفتى، ومن هنا فقد قمنا بتطوير أدوات التواصل حيث إن المتخصصين في لغة الإشارة من المترجمين يفتقدون معرفة العلوم الدينية لأنهم غير متخصصين، وبالتالي قد نجد أن الأصم إذا أراد معرفة الإجابة عن أحد الأسئلة الدينية فالمتخصص في لغة الإشارة لا ينقل له الإجابة صحيحة، فضلا عن أن إجابة الشيوخ لا يتم نقلها للأصم بشكل صحيح وهذا أمر في غاية الخطورة.

تصحيح المفاهيم

أضافت، أن الوسيلة الأساسية لحصول الصم على المعرفة هي لغة الإشارة، لافتة إلى أن الصم كثيرًا منهم يقع فريسة في يد الجماعات الإرهابية، لذلك فمن ضمن مهمة الوعاظ تصحيح المفاهيم المغلوطة، ونشر رسالة الأزهر القائمة على الاعتدال والوسطية، وبيان التعامل مع الآخر المختلف معنا في الفكر والعقيدة، لافتة إلى أن هناك من يروج لمعلومات للصم بأنهم غير مكلفين بأحكام الشريعة فيتم تصديقها على أنها صحيحة، وبالتالي فإذا فعل أحدهم خطأ فإنه لن يحاسب على هذا الفعل، ومن هنا فدَور الواعظات تصحيح هذه المفاهيم الخاطئة بأن الصم مكلفون وأنهم مثل كل البشر عقلاء وأنهم محاسبون على كل فعل بالثواب والعقاب، وأشارت إلى أن الواعظات يقمن بدور كبير مع الصم رغم صعوبة توصيل المعلومات فيما يتعلق بالأمور الدينية، لذلك فكون الواعظات نساء مهم جدًا، حيث تتعامل الواعظة مع الكل رجالاً ونساء، شباباً وأطفالاً، وكلهم يحضرون المجالس والندوات العلمية، موضحة أن الأزهر يقوم بتدريب بعض الوعاظ من الرجال على لغة الإشارة للتعامل مع ذوي الإعاقة من الذكور فيما يتعلق بالتعريف بمقاصد الشريعة الإسلامية.

مهمة ليست سهلة

عائشة صقر، إحدى الواعظات المتدربات للتعامل مع الصم، قالت إن المهمة صعبة وشاقة وتحتاج مجهوداً كبيراً لأن التعامل مع هذه الفئة يحتاج أموراً خاصة ولغة أكثر سهولة ويسراً فيما يتعلق بالخطاب الديني وفهم الشعائر الدينية، مضيفة: «نجحنا في التعامل مع الصم في توصيل رسالة الأزهر والتعريف بالشعائر الدينية، فالخطاب الديني الموجه لهؤلاء يختلف عن الخطاب الموجه للعامة».

أما سمر محمد، فقالت إنها تعلمت لغة الإشارة لمساعدة أخواتها من الصم، وهذا واجب على كل إنسان فقد تدربت على لغة الإشارة لتعليم الصم سلوك الحياة وأمورهم الدينية، وغرست فيهم القيم والمبادئ، مضيفة: «من خلال إجادتي للغة الإشارة سأقوم بتعليم عدد كبير من ذوي الهمم من الصم».

ويؤكد أسامة جاد، رئيس جمعية رعاية الصم والبكم، أن الجمعية مسئولة عن ذوى الهمم من الصم، وتقدم لهم كافة الخدمات بما فيها تعليم أمورهم الدينية، إضافة للسماعات الطبية وغيرها من الخدمات، لافتًا إلى أن المبادرة التي يقوم بها الأزهر الشريف مهمة، خصوصًا في تعليم ذوي الهمم شعائرهم الدينية المبنية على الوسطية والاعتدال.

أقرأ أيضا.. انسحاب لجنة تحكيم «صندانس» بسبب الصم والبكم