«مدد يا عبدالرحيم ياقناوي».. حكاية أسد الرجال المغربي شيخ قنا

مسجد عبد الرحيم القناوي
مسجد عبد الرحيم القناوي

«مدد ياعبد الرحيم يا قناوي»، كلمات متداولة اشتهرت بها محافظة قنا، ليس في قنا أو محافظات الصعيد فقط، بل في جميع أنحاء الجمهورية،  تشير إلى عالم تفسير مغربي، أطلق على نفسه عبد الرحيم، وكان في بلاده يشير إلى معنى الأسد. 

في مدينة قنا، تجد نفسك أمام مكان بداخله مسجد كبير، وأضرحة لأولياء الله الصالحين، يزوره الآلاف من المواطنين سنويا، خاصة في مولده الذي يوافق النصف من شعبان، في احتفالات تستمر لمدة 15 يوما، تبدأ في الأول من شعبان وحتى الليلة الكبيرة في النصف منه. 

عبد الرحيم القناوي، ليس مقصدا فقط للصلاة، بل لضريحه علامات روحانية كبيرة، يكون مقصدا رئيسيا لحجاج بيت الله الحرام، قبل مغادرة البلاد، والذي يزور فيها بعض حجاج بيت الله الحرام بقنا، 7 مقامات لأولياء الله الصالحين،  من أبرزها مقام سيدي عبد الرحيم القناوي.

 

 

 

وعبد الرحيم القنائي أو عبد الرحيم القناوي عالم دين وتفسير إسلامي مغربي،  وهو السيد عبد الرحيم بن أحمد بن حجون وينتهي نسبه إلى الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، سمي وأطلق على نفسه «عبد الرحيم» طمعا لما عاينة من وصف الرحمة وكان اسمه في بلاده بمعنى الأسد، وولد في الأول من شعبان سنة 521 هجرية. 

أمضى طفولته في تحصيل العلم في جامع ترغاي الكبير على يد والده كما تتلمذ على كبار العلماء فلم يكد يصل الثامنة من عمره حتى كان قد حفظ القرآن الكريم وجوده تلاوة وفهما، وتوفى والده وهو في سن الثانية عشر لذلك مرض مرضا شديدا حتى حار الأطباء في علاجه وأشار بعض منهم إلى أنه يجب أن يغادر البلاد لما حدث فيها من عزاء لوالده.

قضى في دمشق ثماني سنوات نهل فيها من علماء دمشق وقد بدا لهم ذكاء السيد عبد الرحيم وسرعة بديهته وحفظه وميله إلى التصوف فطلبوا منه وهو في سن العشرين أن يلقي الدروس فأبى وذلك أدبا لأنه يعرف قد علماء دمشق وكان مقيما عند أخيه فسألوا أخاه إقناعه فرفض وقرر العودة إلى بلدة ترغاي. 

 

 

وفي ترغاي وجد مكان أبيه شاغرا لم يقدم أحد على شغله لمعرفة مكانة الشيخ وان ليس فيهم من يستحق هذه المكانة واجتمع علماء ترغاى واصروا على إحلال السيد عبد الرحيم مكان أبيه، فكان لهم ما طلبوا.

وفي أول درس يلقيه الشيخ تكدس الناس لما بدا لهم من غزارة علم السيد عبد الرحيم الشيخ الصغير ذي العشرين عاما وذاع صيته وتوافدت عليه الناس من البلاد المجاورة للقائه.

قضى السيد عبد الرحيم خمس سنوات على هذا النهج وما يقوم به من مهمة الوعظ والإرشاد عن واجبات المسلم نحو ربه ومجتمعه بأسلوب ساحر أخّإذ أبكى المستمعين تأثرا وإعجابا. 

 

على أن أحداث المشرق في ذلك الوقت من تكتل قوى الاستعمار الأوروبى المقنع تحت اسم الصليب، للهجوم على بلاد المشرق واستعمارها كانت تشد تفكيره بقوة إلى المشرق حيث كان يرى وجوب تكتل كل قوى المفكرين من المسلمين لحماية الدول الإسلامية وتعبئ كل القوى المادية والمعنوية لحمايتها من التفكك والضعف والانحلال الذي أوشك أن يصيبها. 

 

 

وفي تلك الأثناء توفيت والدته ولم يكن تزوج بعد وليس هناك صغار يسعى في تربيتهم، الأمر الذي جعله بالإضافة إلى الأسباب السابقة، أن يفكر في الرحيل إلى المشرق.


وقدم لقنا بعد مطالبة الشيخ مجد الدين القشيري، إمام المسجد العمري بقوص عاصمة الصعيد في ذلك الوقت، له بالذهاب لقوص أثناء مقابلته في موسم الحج، ليرفع راية الإسلام وليعلم المسلمين أصول دينهم، وليجعل منهم دعاة للحق وجنودا لدين الله. 

لم يظل القنائي في قوص إلا لثلاثة أيام، وفضل الانتقال لمدينة قنا تنفيذا لرؤى عديدة أخذت تلح عليه في الذهاب إلى قنا والإقامة بها.

 

 

 

والتقى "القنائي "بقنا بالشيخ عبد الله القرشي، أحد أوليائها الصالحين اللذان تحابا وتزاملا في الله، وظل القنائي يتعبد ويدرس لمدة عامين كاملين، مع العمل فى التجارة، ثم تم تعيينه بأمر من والي مصر وقتها شيخًا لقنا، ومن وقتها أطلق عليه بـ”القنائي” وكانت له مدرسته الصوفية الخاصة التي تسمح للطرق الصوفية الأخرى بالأخذ منها من غير الخروج على طرقها.

ومن مؤلفاته تفسير للقران الكريم، رساله في الزواج، أحزاب وأوردة، كتاب الأصفياء، وتوفي سنة 952 هجرية عن عمر يناهز 71 قضى منها 41 عاما في الصعيد.