حكايات| الأسطى «نورا».. كهربائية من «ضلمة» حياتها «تنور» حياة الزبائن

الأسطى نورا
الأسطى نورا

«بسم الله توكلت على الله».. بتلك الكلمات تبدأ «نورا»، يومها الشاق، بعد أن تودع أطفالها وتطعهم، ثم تتركهم وتنزل لكي تجلب لهم لقمة العيش، فتحمل المعدات الثقيلة فوق كتفها وتبدأ في التنقل من مكان لمكان داخل الجيزة، وأحيانا يأخذها أكل العيش، إلى أن تسافر من محافظة لمحافظة أخرى، فمجرد أن يتصل بها الزبون، تحمل كل أدواتها وتتجه مسرعة له، وتبدأ في عملها.

لم يكن تحول نورا من ربة منزل إلى الأسطى نورًا، أمرًا سهلا عليها، فمهنة فني الكهرباء معروفة بمشقتها، فضلاً عن تعرضها لـ«لصعق الكهرباء» أثناء عملها مرات عدة، فيظل لسانها يدعو ربها بـ«الستر» لكي تعود إلى أولادها سالم.

لا يعني نورا نعومة أيديها، فقد ودعت ذلك مبكرًا بعد مرض زوجها، ولكن ما يشغلها هو ارتعاش يديها جراء حمل المعدات الثقيلة «الشنيور، والهلتي، والصاروخ»، لكن حاجة أطفالها وإشباع رغباتهم تفوق الألم.

 

 

 

تتذكر ابتسامة أطفالها وتتقوى بها عندما يرهقها العمل، وتكون مصدر قوة لكي تستكمل عملها، فقد اختارت أصعب الأعمال ولم تمنعها أنوثتها أن تستمر بها، فتحمل "الصاروخ" و"الهلتي" وتعمل بكل قوة في تأسيس الكهرباء في الشقق.


 تغيب عن منزلها لساعات طويلة حتى تنتهي من عملها ثم تعود لشقتها وتجلب لأطفالها الطعام وتبدأ عمل أخر وهو إعداد الطعام لصغارها، ثم تستريح وتنام لكي تبدأ يوما جديد في العمل كفني كهرباء.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تلك السطور ما هي إلا كلمات قليلة توصف تلك السيدة التي أطلق عليها جيرانها «ام فارس الكهربائيه»، التقت «بوابة أخبار اليوم»، بتلك السيدة لسماع قصتها عن قرب، تروي حكايتها وكيف تحولت من ربة منزل إلى فني كهرباء ومن عملها تلك المهنة الصعبة.

 

تروي «نورا عز الدين» :«تزوجت وعندي طفلين ولد وبنت منذ 5 سنوات، تعلمت المهنة من زوجي بعد أن فقد زراعه، وترك لي طفلين وليس لي مصدر دخل أو معاش مما دفعني لنزول للعمل، بعد أن عملت في حضانة أطفال لكن راتبها لم أستطيع العيش به، بسبب إني اسكن في قانون إيجار جديد، فلم أجد سوي تلك المهنة للعمل بها.. ففي لحظات بشعر بالخوف وأنا احمل «اللهلتي» و«الصاروخ».. لكن ليس أمامي سبيل لجلب لقمة العيش لأولادي سوي من تلك المهنة.. فوالدي توفي وليس لي أقارب أو أحد لكي يساعدنا في ظروف المعيشة».

 

 

وتابعت : «بطلب من المسئولين أنهم يشوفوني أنا وأطفالي ويساعدوني في ظروف المعيشة، لأني تعبت فعلا، المهنة صعبة جدا والحمل ثقيل عليه.. ومفيش حد بيساعدني أنا وولادي وليس لنا سوى الله».

 

 

وأضافت «أول يوم عمل كان في شقة طلب صاحبها إصلاح (كوبس) لنور بها، فدفعت لي ربة المنزل 10 جنيهات.. فدخولي المهنة والعمل كفني كهرباء في تأسيس الشقق، جاء بعد اقتناعي من جارتي بأن أعمل في تلك المهنة، ففي البداية كنت بخاف من نظرات الناس وأنا احمل الصاروخ وامشي به في شارع وسط المواطنين، لكن بعد ذلك تعودت وبدأت اسير بكل شجاعه ولا أخاف من أحد.. بطلب من المسئولين مساعدتي ساعدوني لكي اربي أطفالي».

 

لا تدخر شيئًا من مهنتها فقبل أن تذهب الأموال إلى أولادها وشراء طعامهم تذهب أولا إلى سداد إيجار المعدات، فهي لا تملك شيئًا من الأدوات التي تعمل بها، فتستأجر مُعدة «الهلتي» بـ35 جنيها، قد تكون هي تكلفة «المصنعية»، لكنها لا ترفض أي عمل يأتيها.

لا تحلم نورًا بأي شيء سوى أن تمتلك محلا لتجارة الأدوات الكهربائية يعينها، على مساعدة زوجها المريض، إضافة إلى أعباء الحياة اليومية، فرغم الظروف استطاع نورا أن تضيء حياة أولادها والزبائن.