فى الصميم

أخيراً‭.. ‬ أصبحت‭ ‬حرباً‭!!‬

جلال عارف
جلال عارف

على‭ ‬مدى‭ ‬11‭ ‬شهرا‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬فى‭ ‬أوكرانيا‭. ‬كانت‭ ‬روسيا‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬قواتها‭ ‬هناك‭ ‬هو‭ ‬‮«‬عملية‭ ‬عسكرية‭ ‬خاصة‮»‬‭.. ‬ربما‭ ‬اعتقادا‭ ‬منها‭- ‬فى‭ ‬البداية‭- ‬بأن‭ ‬الأمر‭ ‬سينتهى‭ ‬سريعا‭. ‬وربما‭ ‬لطمأنة‭ ‬الداخل‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬حاجة‭ ‬لإجراءات‭ ‬طوارئ‭ ‬أو‭ ‬تجنيد‭ ‬اجباري،‭ ‬ولطمأنة‭ ‬الخارج‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬العملية‮»‬‭ ‬محدودة‭ ‬ولا‭ ‬نية‭ ‬للتوسع‭ ‬فيها‭!‬

ما‭ ‬جرى‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬خالف‭ ‬هذه‭ ‬التوقعات‭. ‬دخول‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬لدعم‭ ‬أوكرانيا‭ ‬حول‭ ‬‮«‬العملية‭ ‬الخاصة‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬‮«‬ولو‭ ‬بالوكالة‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭. ‬واضطرت‭ ‬روسيا‭ ‬إلى‭ ‬تجنيد‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬مقاتل‭ ‬جديد‭ ‬لمواجهة‭ ‬الموقف‭. ‬وتغيرت‭ ‬قواعد‭ ‬الاشتباك‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة،‭ ‬وكذلك‭ ‬تغيرت‭ ‬قيادة‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬فى‭ ‬أوكرانيا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬لمواجهة‭ ‬التطورات‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬المعركة‭.‬

قبل‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬فقط،‭ ‬ولمواجهة‭ ‬تقدم‭  ‬القوات‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬عينت‭ ‬موسكو‭ ‬الجنرال‭ ‬سوروفيكين‭ ‬لقيادة‭ ‬الجبهة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬وهو‭ ‬الرجل‭ ‬الذى‭ ‬أنجز‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬مهمته‭ ‬فى‭ ‬سوريا‭ ‬بنجاح‭. ‬وخلال‭ ‬هذه‭ ‬الشهور‭ ‬أشرف‭ ‬سوروفيكين‭ ‬على‭ ‬سحب‭ ‬قواته‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬‮«‬خيروسون‮»‬،‭ ‬ثم‭ ‬قام‭ ‬بالضربات‭ ‬القاسية‭ ‬لتدمير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وأخيرا‭ ‬وبينما‭ ‬كانت‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬تستولى‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬‮«‬سوليدار‮»‬،‭ ‬المهمة‭. ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬قرار‭ ‬جديد‭ ‬بتغيير‭ ‬مهم‭ ‬فى‭ ‬قيادة‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬على‭ ‬الجبهة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬لتثير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬علامات‭ ‬الاستفهام‭ ‬حول‭ ‬مغزى‭ ‬وتوقيت‭ ‬التغيير‭!!‬

وأول‭ ‬الأسئلة‭ ‬وأخطرها‭ ‬هو‭: ‬هل‭ ‬مازالت‭ ‬موسكو‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يجرى‭ ‬فى‭ ‬أوكرانيا‭ ‬هو‭ ‬عملية‭ ‬عسكرية‭ ‬خاصة‭.. ‬أم‭ ‬أننا‭ ‬أمام‭ ‬تقدير‭ ‬جديد‭ ‬يقر‭ ‬بأنها‭ ‬الحرب؟‭

!.. ‬القائد‭ ‬الجديد‭ ‬للجبهة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬هو‭ ‬رئيس‭ ‬أركان‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬والشخصية‭ ‬العسكرية‭ ‬الثانية‭ ‬بعد‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭. ‬

والتنظيم‭ ‬الجديد‭ ‬يبقى‭ ‬على‭ ‬القائد‭ ‬السابق‭ ‬‮«‬سوروفيكين‮»‬،‭ ‬نائبا‭ ‬له‭ ‬مع‭ ‬نائبين‭ ‬آخرين‭ ‬هما‭ ‬قائد‭ ‬الجيش‭ ‬ونائب‭ ‬رئيس‭ ‬الأركان‭. ‬وبالتأكيد‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬ليست‭ ‬قيادة‭ ‬لعملية‭ ‬محدودة،‭ ‬وليست‭ ‬انتقاصا‭ ‬من‭ ‬القائد‭ ‬السابق،‭ ‬بل‭ ‬هى‭ ‬اعتراف‭ ‬‮«‬ولو‭ ‬متأخرا‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬عميلة‭ ‬عسكرية‭ ‬خاصة‭ ‬أصبح‭ ‬حربا‭ ‬قاسية،‭ ‬وبأن‭ ‬خطر‭ ‬المواجهة‭ ‬المباشرة‭ ‬مع‭ ‬حلف‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬،‭ ‬يستدعى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬القيادة‭ ‬العسكرية‭ ‬فى‭ ‬يد‭ ‬رئيس‭ ‬الأركان‭ ‬بسلطاته‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬فروع‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الروسية‭.‬

هل‭ ‬سيمضى‭ ‬الغرب‭ ‬فى‭ ‬زيادة‭ ‬تسليح‭ ‬أوكرانيا‭ ‬واعتبار‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬فى‭ ‬أوكرانيا‭ ‬هدفا‭ ‬مشروعا‭.. ‬أم‭ ‬تنفتح‭ ‬أبواب‭ ‬التفاوض‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تحولت‭ ‬‮«‬العملية‭ ‬الخاصة‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬قد‭ ‬تتحول‭ ‬لمواجهة‭ ‬شاملة‭ ‬لا‭ ‬يتحملها‭ ‬أحد؟‭!‬