حكاية «الطفل حسن» ابن محافظة دمياط.. وكيف غير تقرير طبي مسار حياته

المتهم
المتهم

حبيبة جمال

صبي لم يكمل عامه الـ١٧ بعد، تربى بعيدًا عن المشكلات والخلافات، لم يحلم سوى بمستقبل وردي، عرف الشقاء منذ صغره، فتحمل المسئولية كاملة، كان سندًا لأسرته، وفي غمضة عين تبدل كل شيء؛ عندما وجد نفسه متهمًا بضرب ابنة خالته وإحداث إصابات بها وهو بريء لم يفعل شيئا.

 كاد أن يضيع مستقله لولا عناية الله وبراعة محاميه، ٣٦٠ يومًا يطارده شبح السجن.. لكن لماذا اتهمته ابنة خالته؟!، وكيف برأته المحكمة؟!، تفاصيل أكثر نسردها في السطور التالية..

الحكاية بدأت هنا في منزل بسيط بمنطقة الأعصر بمحافظة دمياط؛ حيث نشأ حسن، صبي يبلغ من العمر ١٦ عاما، هو أصغر أشقائه والابن الوحيد، رغم صغر سنه إلا أن عقله يسبق سنه بكثير، التحق بالمدرسة وكانت لديه طموحات وأحلام رسم خيوطها منذ الصغر، وبجانب الدراسة قرر أن يرتدي عباءة المسئولية، ويخرج لسوق العمل؛ بحثا عن لقمة العيش الحلال لمساعدة أسرته في مصاريف البيت، عكفت الأسرة على تربيته هو وشقيقتيه تربية صالحة، فكان والده لا يتمنى سوى أن يجد ابنه العكاز الذي يستند عليه، خاصة بعدما هاجمه المرض وظل قعيدًا في الفراش، فكانوا يتجنبون المشكلات والخلافات، ولكن كانت هناك مشكلة واحدة تؤرقهم وهي شقيقة زوجته وابنتها، دائما ما كانا يفتعلان معهم المشكلات، حاولوا بكل الطرق تجنبها ولكن لا مفر من مشكلاتها، فلم تجد ابنة خالته أفضل من هذا الصبي لتثأر لنفسها كيدًا؛ اتهمته بأنه اعتدى بالضرب عليها وإحداث إصابات بها، كان اتهامها سيلقي به خلف أسوار سجن الأحداث وحرمانه من حضن والدته ودفء بيته، وهو لم يدخل القسم ولو مرة واحدة، عاش الصبي الألم والخوف عاما كاملا، وهو مازال طفلا صغيرًا، أخذت من مستقبله وعمره، ولكن عدالة السماء كانت أقوى من انتقام وكيد تلك الفتاة، وحصل على البراءة لينعم بحياته مرة أخرى في هدوء وسلام، فالحقيقة أن لذة الانتقام لا تدوم إلا لحظة ولم يحل الانتقام مشكلة أو يشفي جرحًا، لو كانت تعلم ذلك وتعيه جيدا، ما كان دفعها الانتقام للزج ببريء داخل السجن.

صفحة على الفيس

سعت «أخبار الحوادث»، للاقتراب من هذا المتهم البريء ومن أسرته لمعرفة ماذا حدث، وكيف عاش تلك الفترة حتى حصل على البراءة، وتم إنقاذه قبل أن يدخل السجن، قالت والدته: «الحكاية بدأت منذ عامين تقريبا، عندما وجدت صفحة على الفيس بوك تسيئ لسمعتنا وتشوه صورتنا؛ فلجأت لمباحث الإنترنت، وكانت الصدمة عندما اكتشفت من هو صاحب الصفحة، والتي كانت شقيقتي وابنتها، وقتها تساءلت؛ هل الغيرة والحقد ممكن تدفع إنسان ليشوه سمعة أقرب الناس إليه؟!، ليت الحكاية انتهت عند هذا الحد، لكن بدأت المشكلات تزداد يوما عن يوم، ورغم أن كل واحدة منا تسكن في منطقة غير الأخرى، إلا أنني لم أسلم من الخلافات، واضطررت لترك بيتي وذكرياتي والذهاب لمكان آخر بسبب  التهديدات والفضائح.

 حتى كتبت ابنة شقيقتي على صفحتها أنها ستنتقم مني في ابني الوحيد وتدخله الأحداث، وبالفعل فوجئنا بأنها حررت محضرًا ضده تتهمه فيها بأنه اعتدى عليها بالضرب وأحدث بها إصابات عبارة عن جرح قطعي ١٠سم بعمق ١٠سم، وجراحة استغرقت ١٥ غرزة، وهكذا تحولت في غمضة عين حياتنا وانقلبت من الهدوء للعاصفة ومن الاطمئنان للخوف الشديد والقلق على مستقبل ابني الصغير».

صمتت الأم قليلا وكأنها تتذكر ما حدث معها يوما بيوم، ثم استكملت بنبرة صوت يعتليها الحزن قائلة: «بدأت تطاردني الكوابيس كل ليلة، اصحى من نومي مفزوعة خوفا من أن أجد المباحث تدق بابي للقبض على ابني الوحيد وتأخذه من بين أحضاني ويضيع مستقبله، ابني لم يدخل القسم ولو لمرة واحدة في حياته، ولم يكن له عداوات مع أحد، فالكل يحبه، عام كامل ونحن في عذاب، يعيش ابني مطاردًا، طفل ضاعت من عمره سنة في خوف وقلق، لم يكن أمامنا حلا سوى الذهاب لمحام للدفاع عن ابني، والحمدلله انتصرت لنا العدالة، وحكمت ببراءة ابني بعدما تأكدت من أن التقرير مزور، ورغم البراءة والفرحة الشديدة التي سيطرت علينا وكأن الروح ردت لنا من جديد إلا أننا نشعر بالخوف من أن تنتقم منا، لذلك لا نريد سوى حق ابني وأن يتم معاقبة من زور هذا التقرير حتى يكون عبرة ولا يوجد ضحايا آخرين لها، فماذا كنت افعل عندما يحبس ابني ويدخل السجن ويضيع مستقبله»؟!

أسرار البراءة

بعدما وجدت الأسرة ابنهم الصغير متهمًا بجنحة ضرب، تغيرت حياتهم رأسا على عقب، عاشوا في حزن عميق، ليلهم كنهارهم، دموعهم لا تنقطع، الخوف يملأ قلوبهم، لجأوا لمحمد حماد المحامي للدفاع عن صغيرهم، فتواصلنا معه، ليحكي لنا كواليس البراءة، قال: «عندما جاءت لي أسرة حسن وأبلغوني بالقصة والخلافات القديمة بينهم، وبعد دراسة ملف القضية جيدا، تأكدت من أن هذا الصبي بريء، فوافقت عن الدفاع عنه، أول شيء طلبته من المحكمة عرض الشاكية على الطب الشرعي للتأكد من الإصابات التي قالت عنها، بالفعل وافقت المحكمة، وتم عرض الفتاة على الطبيب الشرعي، وظلت أوراق القضية هناك لمدة سبعة أشهر، ولكن امتنعت الفتاة عن الحضور؛ فلجأت لطلب شهادة الطبيب المدون اسمه على تقرير المستشفى، وحضر الجلسة، وقال «التقرير الطبي الصادر للمجني عليها ليس صادرا مني، ولا التوقيع هو توقيعي، ولم أكن متواجدًا داخل المستشفى ساعة تحرير هذا التقرير الطبي»، فطلبت على الفور براءة المتهم مما أسند عليه، كما طلبت إحالة الأوراق إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها نحو جناية التزوير، وحكمت المحكمة ببراءة المتهم وتم إحالة الأوراق للنيابة والتي تحقق في جناية التزوير الآن، ولن يفلت المتهم من عقابه ونحن على ثقة بالقضاء».

هكذا كانت شهادة الطبيب غيرت مسار القضية ونسفت التهمة من أساسها.

أقرأ أيضأ : جنايات بنها تعاقب متهمًا بالشروع في قتل خاله بالحبس سنة مع الشغل