أما قبل

الدجاجة التى تبيض دولارات ( ٢/٢)

إبراهيم المنيسي
إبراهيم المنيسي

ما هو غير معقول ولا مفهوم بالمرة؛ أنه فى عز معاناة الاقتصاد الوطنى من أزمة الدولار وانفجاره، تجد التوسع غير المسبوق من الهيئات الرياضية: أندية واتحادات تتوسع، وبشكل غير مسبوق، فى الاستعانة بمدربين ولاعبين أجانب وتدفع لهم بالدولار. شيء لا يصدق!

وكنا قد تعرضنا هنا فى الأسبوع الماضى لهذه الأزمة التى لا حل لها إلا بأمرين: إما الاستغناء التام عن العنصر الأجنبى فى ملاعبنا دون استثناء، أو كيفية تحقيق أقصى فائدة من هذا العنصر الأجنبى فى ملاعبنا بشكل جاد يمكن من خلاله خلق نظام رياضى محترف ومنضبط يطور صناعة كرة القدم بالخصوص ويحولها لدجاجة تبيض ذهبا ودولارات.. لو عايزين!

وبعد طرح أول لأوجه الاستفادة من هذه الكفاءات الأجنبية نتوقف اليوم عند مشروع فيتوريا الذى يعده المدير الفنى البرتغالى للمنتخب الوطنى وقيل إنه سيعرضه على مجلس إدارة اتحاد الكرة حين عودته يوم العاشر من الشهر الجارى وبعد الانتهاء من إجازات أعياد الميلاد..

روى فيتوريا كان قد أبدى اندهاشه من عدم استعانة منتخبات مصر بلاعبين محترفين من أبناء المصريين العاملين وربما المولودين بالدول الأوروبية كما حدث مع التجربة المغاربية، وسارع اتحاد الكرة بالعمل على تكوين قاعدة بيانات للعشرات من هؤلاء الأبناء لتقديمهم لمدربى المنتخبات الوطنية وهى خطوة إيجابية على الطريق الإصلاحى، لكن فيتوريا وقد طرح تحفظه الشديد على مستوى المسابقات المحلية وكيف أنها لا تعطى الفرصة للاعبين شبان تحت سن الـ ٢٣ عاما وهى الشريحة العمرية الأقل تمثيلا فى الدورى الممتاز برغم جدواها وأهميتها سواء لبناء المستقبل أو لفتح أبواب الاحتراف الخارجى الواعد..

المدير الفنى للمنتخب تحدث ضمن أفكاره عن إمكانية أن يكون لكل فريق من الخمسة الأوائل بالدورى الممتاز فريق آخر من الشبان تحت الـ ٢٣ عاما يسمح لهم بالاشتراك كفريق مستقل بدورى الدرجة الثانية بما يضمن لعناصره الشابة الاحتكاك الجاد بالمستوى العمرى والبدنى الأقوى ويزيد من الدرجة التنافسية بهذه المسابقة ويضخ عناصر جديدة بأعمار صغيرة لأوصال الكرة المصرية.. وقال فيتوريا: هذه مجرد أفكار علينا طرحها والنقاش حولها..

طبعا؛ لم يهتم خبراء اللعبة واتحادها والقائمون عليها بما قاله واقترحه المدير الفنى البرتغالى المستعجب من هشاشة النظام الكروى عندنا.. ولكن وتفاعلا مع مشروع فيتوريا وفكرته الأخيرة التى قد يعترضها الوضع القانونى هنا نظرا لوجود فريق للنادى بالدورى الممتاز مشهر به قانونا. فكيف يكون لنفس النادى فريق آخر بالدرجة الثانية.. وحقيقة فعل سيراميكا كليوباترا التصرف العملى وأعلن عن تعاقده مع نادى ديروط بالدرجة الثانية بأسيوط بحيث ينقل له لاعبيه الصاعدين ليلعبوا معه وباسمه فى الدرجة الثانية ويستردهم وقت العوزة أو يعيد تسويقهم. وهذا تصرف جيد، لكن كيف يمكننا خلق مسابقة مستقلة لفريق تحت ٢٣ سنة تكون مرتبطة بالدورى الممتاز بأنديته وشعبيته ونجومه وأضوائه..؟

الفكرة ممكنة وتحيى مشروع الراحل الكابتن محمود الجوهرى الذى حاربوه بسببه وطفشوه للأردن فى آخر أيامه رحمه الله..

الفكرة ببساطة مدهشة وفيها فوائد جمة وتسمين للدجاجة التى يمكن أن تبيض ذهبا:

كل نادٍ بالدورى الممتاز يقدم فريقا يضم ٢٥ لاعبا من تحت ٢٣ سنة بينهم خمسة لاعبين تحت ١٧ سنة و١٠ تحت ١٩ سنة و١٠ لاعبين تحت سن الـ ٢١ سنة ويسمح لكل فريق الاستعانة فى كل مباراة بخمسة لاعبين من الفريق الأول فى كل مباراة بما يعطى الفرصة لمدربى الفريق الأول لتجهيز العائدين من الإصابة وغير الحاصلين على فرص كافية للعب..

دورى شاب قوى يضم ١٨ فريقا من هذه الفئات العمرية تقام مبارياته قبل ساعتين من مباريات الدورى الممتاز وعلى نفس الملعب.. إذا لعب الأهلى والزمالك معا فى التاسعة مساء. يلعب الفريقان الشابان فى السادسة مثلا.. وهكذا يرتبط جدول البطولتين.. ويمكن تخصيص جوائز كبيرة من عوائد تسويق البطولة الموازية التى يديرها الاتحاد وليس الرابطة ويمنح بموجبها جائزة كبيرة لبطل الدرع العام الكروى، أى الحاصل على النقاط الأعلى فى المسابقتين.. ويكون التمثيل الخارجى فقط وفقا لبطل وترتيب دورى المحترفين لكن الجائزة المالية الكبيرة وفقا للدرع الكروى العام..

جمهور الكرة سوف يتابع باهتمام هذه المسابقة الموازية ويعرف لاعبيها الشبان الذين ستتاح لهم فرص الاحتكاك والتنافس الأقوى من مسابقات الناشئين الهزيلة.. واللعب على ملاعب أفضل وفى حضور جماهيرى يرفع من المستوى وينشط الحضور والعوائد ويتيح الفرصة لمدربى الفرق الأولى بالأندية لمتابعة جادة ودائمة للعناصر الشابة عندهم وكذلك لمدربى المنتخبات للأعمار الأصغر.. بما يقدم للكرة المصرية عشرات اللاعبين من أعمار صغيرة يتم تكوينها فى مستوى تنافسى أقوى وأكثر جدية.. ويحد كثيرا من نهم الأندية الكبيرة فى شراء اللاعبين بأسعار عالية وإهمال المواهب الشابة لديهم.. وربما يقلل كثيرا من عملية الاعتماد على اللاعبين الأجانب.. 

متابعة الإعلام والجماهير لهذه البطولة الشابة بحرج الأندية المهملة لقطاع ناشئيها ويفرض عليها الاهتمام الخاص..

 الأهم من كل هذا أن تقديم العشرات من المواهب الصاعدة سنويا يتيح عملية التسويق للخارج ويدفع شركات التسويق الرياضى الدولية ووكلاء اللاعبين لمتابعة مباريات هذه البطولة بجدية لاقتطاف العناصر الموهوبة ودفعها للأندية الأوروبية بعد تكوينها فى مناخ تنافسى أكثر جدية وقوة وظهورا.. وعندها بمكن وضع تشريع يجبر الأندية على قبول عروض احتراف ناشئيها فى سن صغيرة بالخارج دون مبالغات وتحتفظ لنفسها بنسب من إعادة البيع بما ينمى حقيقة ويسمن هذه الدجاجة التى تبيض دولارات.. لو عايزين!!