دماء في شارع 25 l طالبا التربية الرياضية فقدا حياتهما تحت عجلات سيارة نقل

الطالبان الضحايا
الطالبان الضحايا

الإسكندرية:  محمد مجلى

»الموت نقاء يختار الجياد» .. مقولة خالدة وصادقة وتثبت من حين لآخر أن الموت أحيانًا ينتقي اجمل البشر الذين يستحقون مكانًا أفضل من دنيانا الفانية المليئة بالصراعات الرخيصة على أشياء زائلة لاقيمة لها.
هذه المقولة انطبقت هذه المرة على شابين «زي الورد» كانا يدرسان بجامعة الإسكندرية ويتمتعان بحب وتقدير جميع زملائهما وأساتذتهما.
كيف رحل الشابان الجميلان .. وكيف استقبل الجميع خبر رحيلهما المفاجئ ..هذا ما نتعرف عليه من خلال السطور التالية.

اتصال تليفونى جمع الصديقين»أدهم وعلى» للترتيب والاتفاق على موعد ومكان لقائهما للذهاب لكليتهما لخوض أول الامتحانات العملية، كونهما طالبين بالسنة الأولى فى مرحلة التعليم الجامعي، وما أن التقيا واستقلا دراجتهما البخارية، وتبادلا أطراف الحديث وقبل دقائق معدودة من وصولهما لكليتهما صدمتهما سيارة نقل تحمل الدقيق، بشارع 25 بمنطقة طوسون بالإسكندرية، فأنهت حلم التخرج الجامعي ونقلت أسماءهما من كشوف الناجحين والمتفوقين إلى عداد الموتى، ليعم الحزن أرجاء كلية التربية الرياضية أبوقير بنين، بجامعة الإسكندرية.

وكانت آخر الكلمات التي كتبها الطالب المتوفي، على عمرو على السيد، طالب الفرقة الأولى بكلية التربية والرياضية بنين بأبوقير، جامعة الإسكندرية، على صفحته الشخصية، عبر فيسبوك، جاء فيها : «من أبلغ الناس بوجوده وجبت له الجنه .. رمضان 2023 « متمنيًا أن يشهد بلوغ الشهر الكريم رفقة صديق عمره الطالب أدهم سامح سالم موسى، طالب بذات الفرقة الأولى بنفس الكلية، وزامله في الحادث نفسه، إلا أن هذه الأمنية لم يُكتب لها النجاح فاختارهما القدر وفارقا الحياة ليعم الحزن بين أصدقائهما.
كما دون الطالب على السيد، منشور على صفحته الشخصية عبر فيسبوك قبل وفاته بأيام قليلة طالب فيها أي شخص تسبب فى مضايقته أو حزنه أن يسامحه وأن يتواصل معه لإرضائه وتصفية أي خلافات.

سر الشارع 25                                                                                                                                                                                                  أثناء الحادث                              

شارع 25 طوسون من الشوارع الحيوية والهامة بشرق الإسكندرية فيضم منطقة سكنية عالية كثافة وطريق يشهد وجود محال تجارية وقريب من كلية التربية الرياضية بمنطقة أبوقير، فاتفق الطالب علي السيد صاحب الدراجة البخارية مع زميله أدهم سامح على الذهاب إلى الكلية سويًا لأداء الامتحان العملي، وأثناء خروجهما من شارع 16 المتفرع من شارع 25 بطوسون، فى طريق التوجه إلى الكلية، صدمتهما سيارة نقل تحمل دقيق لتنهي حياتهما فى الحال.

وبحسب زملاء الطالبين وأعضاء هيئة التدريس بكلية التربية الرياضية بأبوقير، فإن كلا الطالبين يتمتعان بالحيوية والنشاط، فجمعتهما رغبة الالتحاق بالكلية بعد الحصول على شهادة الثانوية العامة وعقب خوض اختبارات القدرات واعلان نتيجة قبولهما، زاد الطموح لدى كل منهما في الوصول إلى حلمهما، فكان الالتزام أهم ما يميزهما خلال الفترة الماضية.
وعبر عدد كبير من طلاب كلية التربية الرياضية بنين، عن حزنهم الشديد بعد رحيل اثنين من أفضل زملائهما، فراح الجميع يدعو لهما بالرحمة بعد أن عددوا أهم ما يميزهما من حُسن الخُلق وطيبة القلب ليكون مشهد وداعهما إلى مثواهما الاخير بمقابر الأسرة مشهدا مهيبا حرص على حضوره الآلاف من الطلاب.

كفاح طالبين

ورفع كلا الطالبين الراحلين شعار الكفاح والمثابرة، حيث أكد زملائهما أن كلا من الطالبين الراحلين «أدهم وعلي» كانا حريصين على العمل بجوار الدراسة، وأنهما منذ الصغر اعتادا على العمل فى مهن مختلفة لتساعدهما على الحياة والمعيشة والاعتماد على النفس فنالا اعجاب وثناء المحيطين بهما وكل من تعامل معهما.                        

وبحسب أصدقاء الطالب «علي» فإنه كان يعمل منذ صغره وامتهن مهن عديدة كان آخرها استغلال دراجته البخارية للعمل عليها لكنها كانت سببًا فى وفاته رفقة صديقه، إذ أكد صديقه محمد عبدالرحمن، أن صديقه الراحل شاب مكافح منذ صغر سنه، وأنه كان يحب العمل قبل الدراسة وأنهما عملا سويًا فى عدة مجالات وآخرها كان يعمل بإحدى شركات توصيل الطلبات «الدليفري».

وأضاف لـ «أخبار الحوادث» : على لم يقطع فترة عمله خلال فترة الدراسة فكان مثالا للشباب المجتهد وأنه كان على خُلق وطيب جدا، ربنا يرحمه ويسامحه فكان ينهى محاضراته ويتوجه إلى العمل مباشرة، مع الحرص على عدم التغيب عن حضور محاضراته سواء النظرية أو العملية، فكان يوازن ويوفق أوضاعه بين العمل والدراسة، نظرًا للطموحات التي كان يتطلع إليها.

وقال الطالب اسلام محمد، من أصدقاء الطالب أدهم، أنه كان طالبًا متميزًا وناجحًا ويحرص على الجمع بين العمل والدراسة وكان دمث الخُلق ومتفوق في دراسته، مؤكدًا أنه لا يصدق حتى الآن خبر وفاته، داعيا له بالرحمة.
وأشار الطالب محمد مصطفى، من أصدقاء الطالبين المتوفين، إلى أنه شاهد اللحظات الأخيرة لأصدقائه بعد وقوع الحادث، إذ أنه تواجد بالقرب من الحادث، ووصفه بأنه حادث بشع فدهستهما السيارة بشكل صعب وطالب باستعادة حقهما.

وقال محمد صبري، طالب جامعي من أصدقاء الطالب المتوفي على السيد، أنه أطيب قلب وأحن انسان وأنه كان بمثابة الأخ والصديق وكان محبوبا بين أصدقائه ومعروف عنه حبه لجميع من حوله ومساعدة الآخرين.
وأضاف لـ «أخبار الحوادث» : «أن خبر وفاة صديقه كانت بمثابة صدمة كبيرة فهو خسارة كبيرة لكل من سمع خبر وفاة على»، مضيفًا :» أن كل من تعامل معه كان يعرف أنه انسان وفي ومحب لأصدقائه وعلى قدر المسؤولية لكنها إرادة الله سبحانه وتعالى، وربنا يصبرنا على فراقه».

قلب الأم

بدموع الحسرة والألم ودعت والدة الطالب أدهم، ابنها وظلت تردد دعوات أن الله استرد وديعته وانها أحسنت تربيته، مؤكدة أن ابنها فلذة كبدها كان قلبها النابض وروحها، موضحة أن نجلها كان بارا بأمه وحريصا على اسعاد كل من حوله ورحل وترك حزنا كبيرا ليس بيننا فقط وانما بين أصدقائه.
وأضافت لـ «أخبار الحوادث» : «أنها قررت عدم غلق صفحة ابنها على موقع التواصل الاجتماعي على فيسبوك، حتى يتمكن متابعوه من الدعاء له وأن تكون على تواصل مع أصدقائه لترى فيهم ابنها.
وتابعت الأم المكلومة : «أن أدهم رحل وأخذ الفرحة معاه لكنى اُشهد الله أننى ربيته وعلمته كما أمرنا الله لكن الله استرد وديعته وأتمنى من الله أن يلهمنى الصبر وأن اتحمل فراقه فهو موجود فى كل مكان وزمان ولن أنساه حتى ألقاه في الجنة».

 أولادي

وصف الدكتور محمد بلال، عميد كلية التربية الرياضية بنين بالإسكندرية، خبر وفاة كلا الطالبين بـ»الصدمة» ليس على أسرة الطالبين فقط أو أصدقائهما وانما الصدمة كانت على أعضاء هيئة التدريس والطلاب وإدارة الكلية، مقدمًا خالص العزاء لأسرة الطالبين.

وقال العميد - الذي حرص على حضور مراسم الجنازة والدفن – لقد فقدت اثنين من أبنائي بالكلية والبالغ عددهم نحو 5 آلاف طالب، فالصدمة كانت قوية على الجميع وسعينا خلال الفترة الماضية لمساعدة الطلاب المتأثرين على عبور حالة الحزن التى تعتلى الجميع من طلاب وأعضاء هيئة تدريس.
وأوضح، أنه بحسب أساتذة الطالبين فإنهما من الطلاب المتميزين والملتزمين، لافتًا أنه لم يستطع ابلاغ أسرة كلا الطالبين بخبر وفاتهما، اذ أنه تلقى خبر وفاة الطالبين، في حادث بشارع 25 طوسون أثناء حضورهما الامتحان العملي بمقر الكلية، مختتمًا حديثه قائلًا : «فقدنا اثنين من خيرة شباب وطلاب الكلية».

تفاصيل الواقعة

بدأت الواقعة بتلقى اللواء خالد البروي، مساعد وزير الداخلية، مدير أمن الإسكندرية، إخطارًا من مأمور قسم شرطة المنتزه ثان، يفيد بوقوع حادث مروري بشارع 25  بمنطقة طوسون ووفاة طالبين بعد أن صدمتهما سيارة نقل تحمل الدقيق.

على الفور انتقل ضباط وقوات قسم شرطة المنتزه ثان، رفقة سيارتين إسعاف ورجال المرور إلى موقع الحادث وبإجراء الفحص تبين صحة البلاغ ووفاة كل من الطالب على عمرو على السيد، وصديقه الطالب أدهم سامح سالم موسى، طالبين بالفرقة الأولى بكلية التربية والرياضية بنين بأبوقير، جامعة الإسكندرية، اذ صدمتهما سيارة نقل تحمل الدقيق أثناء استقلال كلا الطالبين دراجة بخارية بمنطقة طوسون.
تم ضبط السائق، قائد سيارة الدقيق وتحرر المحضر اللازم بالواقعة وتم اخطار النيابة العامة لمباشرة التحقيق والتي أمرت بالتصريح بدفن المتوفين بعد طلب تقرير الطب الشرعي وطلب تقرير تحريات المباحث وسماع شهود عيان الواقعة.

أقرأ أيضأ : بسبب قضية خلع.. يتسلل لمنزل حماه ويقتل زوجته طعنًا بـ«سكين»