إنها مصر

الحرب الأوكرانية.. وجدت لتبقى !

كرم جبر
كرم جبر

اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية فى فبراير الماضي، وتتدحرج مثل كرة النار، لتشتعل ولا تنطفئ، وكأنها حرب وجدت لتبقى.

حرب محيرة وغامضة ومستترة، فى زمن وسائل التواصل الاجتماعى التى تهتك سر أى شيء.. إلا هذه الحرب.

يتحدثون عن ضحايا بأرقام مختلفة، ولا تجد من ينفيها أو يؤكدها، وعندما تبحث عن صور قتلى الحرب من المدنيين، لا تجد إلا صورًا قليلة وغير مأساوية ولا تتناسب مع الحد الأدنى من أعداد الضحايا الذى يعلنون عنه.

فهل النار تختار فى هذه الحرب، وتقتصر خسائرها على بعض البنايات والطرق، ولا تقترب من المدنيين، إلا من يصادفه حظه العثر؟

وصور وفيديوهات مهجرى أوكرانيا.. يشبهون الذاهبين إلى السياحة وليس إلى معسكرات اللاجئين.. الأطفال والنساء والرجال مبتسمون، وملابسهم نظيفة، ويحملون فى أيديهم الألعاب والقطط أو الكلاب، وتقدم لهم الأغذية "تيك أواي"، وتستقبلهم الدول الأوروبية بالرحب والسعة، فهم كنز يعوضونهم نقص السكان وبمعايير الدول الأوروبية.
وفى ضوء ما كنا نسمعه عن الشتاء والبرد والصقيع والتجمد فى أوروبا، جاء الشتاء ولم نر شيئًا من هذا، لم يمت الناس فى البيوت أو الشوارع بردًا، ولم تتعطل أجهزة التسخين، ولم تعكس وسائل الإعلام أيًا من صور المعاناة.

وكانوا يتحدثون عن الظلمات التى ستسود الشوارع، والظلمات المتوقعة فى أعياد الكريسماس والميلاد، وتقترب هذه المناسبات دون ظلام أو إظلام، وأشعلت العاصمة الفرنسية باريس كعادتها أنوار أعياد آخر العام، وسط حشود كبيرة، بألوان ذهبية متغيرة، كبديل لتوفير الطاقة.

وعلى صعيد وقف الحرب، بحثت فلم أجد مبادرات جادة أو مستمرة بوقف القتال أو انسحاب القوات الروسية، إلا بعض المبادرات القليلة وفى صدارتها مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى مؤتمر المناخ، وغير ذلك لم يهتز مجلس الأمن أو أوروبا أو أمريكا بضغوط سياسية للتوصل إلى تسوية سلمية.

وبدأت روسيا الحرب بشراسة وعنف، بعد تمهيد الكترونى لإصابة أوكرانيا بشلل تام، ثم نسمع مؤخرًا عن التركيز على المسيرات الروسية للهجوم على المواقع الأوكرانية على غرار مسيرات الحوثيين فى اليمن.

أما الرئيس الأوكرانى فحكايته حكاية، ظهر فى بدايات الحرب فى صورة مزرية، يرتدى تيشرت متواضعًا مصحوبًا بفيديوهات قديمة عندما كان ممثلاً بقصد التقليل من شأنه، ثم انتهى به المطاف بطلا فى نهاية العام فى أمريكا والكونجرس، واستقبال المنتصرين، مغيرًا الصورة الذهنية التى انطبعت عنه، مقدمًا نموذجًا جديدًا لرئيس قوى الإرادة، لا يستسلم ويرهق الروس بمفاجآت لم تكن متوقعة.

حتى صادرات القمح الأوكراني، فقد ازدهرت بشكل كبير فى زمن الحرب، وسارت الشحنات فى ممرات آمنة، لم تتوافر مثلها للبشر المهاجرين.