د.طارق عبد العزيز يكتب: هنا أرض الحضارات.. الأقصر فى عيون الفن

فنانو الملتقى فى زيارة معبد هابو بالأقصر
فنانو الملتقى فى زيارة معبد هابو بالأقصر

وزيرة الثقافة: الأقصر أكاديمية فنية تبرز على ساحتها أجيال من كبار الفنانين التشكيليين
هانى أبو الحسن: أسعى لتطبيق شعار «التسويق السياحى عن طريق المنتج الثقافى»

 

انطلقت فاعليات ملتقى الأقصر الدولى للتصوير فى دورته الخامسة عشرة تحت رعاية د. نيفين الكيلانى وزيرة الثقافة المصرية والتى قالت: من وحى طيبة، بزغت فكرة الفنان الرائد محمد ناجى إلى النور، بدعم من عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين وزير المعارف آنذاك، لإقامة مراسم الأقصر، لتحل محل البعثات الفنية إلى أوروبا، والتى أعاقتها الحرب العالمية الثانية، لتتحول الأقصر إلى أكاديمية فنية تبرز على ساحتها أجيال من كبار الفنانين التشكيليين المصريين، على رأسهم حامد سعيد، عبد القادر رزق، صلاح طاهر، حسن فتحي، وقائمة طويلة من كبار الفنانين.


وعلى الرغم من بعض الصعوبات التى أبطأت مسيرتها فى مراحل استثنائية إلا أن المراسم قد استمدت خلودها من روح الأقصر الخالدة، فعادت للحياة مرة أخرى، من خلال نافذة ملتقى الأقصر الدولى للتصوير، والذى نحتفل بإقامته بعد تاريخ طويل ومسيرة مشرفة.

وشارك فيه فنانون تشكيليون من مختلف المدارس الفنية، وسط مشاركة دولية كبيرة وصلت إلى ما يزيد عن سبعين دولة أجنبية وعربية، أخرجت لنا مئات الأعمال الفنية، تمثل قيمة فنية استثنائية، وكذلك تمثل ثروة اقتصادية كبيرة يمكن توظيفها بصورة مثالية.

والتى بلا شك تمثل فرصة مناسبة، لصياغة فلسفة ورؤى جديدة تستظل بأهداف الدولة المصرية فى تحقيق الريادة الثقافية، وتعزيز دور الصناعات الثقافية فى تدعيم الاقتصاد المصري.


ويقام الملتقى هذا العام تحت شعار «الأقصر بعيون الفن» .. وينظمه قطاع صندوق التنمية الثقافية برئاسة د. هانى أبو الحسن.. الذى صرح قائلًا: أنه أخذ على عاتقه تطبيق شعار «التسويق السياحى عن طريق المنتج الثقافى»

وأن الملتقى يأتى تأكيداً على حرص الصندوق على دعم حركة الفن التشكيلى فى مصر، بالتوازى مع استراتيجية الدولة لتوظيف الفنون فى التسويق السياحي، لتحقيق الارتقاء بالذوق العام، وإتاحة الفرصة أمام الفنانين من مختلف الثقافات للتفاعل فيما بينهم..، لذا فهو يرى أن الملتقيات التشكيلية ستشهد فى الفترة القادمة أفكارًا ورؤى جديدة ستعود بالنفع على المنظومة الثقافية.


منابع السحر
الملتقى تحتضنه كل عام بقعة فريدة تتوهج بروعة الإبداع والخلود، اجتذبت على مدار تاريخها الطويل أعلام الشرق والغرب.. شعراء وفنانين وأدباء وفلاسفة ورحالة كتبوا عنها بأقلامهم ورسموا بريشهم منابع السحر التى تتدفق منها.. إبداعات الطبيعة ومجد الأجداد ما بين أطلال المعابد وضفتى النيل الذى شهد عبر آلاف السنين مواكب الآلهة والملوك ..آمون وحتشبسوت ورمسيس الثانى .. مشاهد عديدة ستظل منارة إلهام للفنانين التشكيليين المصريين والعرب والأجانب على حدٍّ سواء.


ونجح ملتقى الأقصر فى فرض ذاته عالميًا باعتباره فعالية تضم عددًا من المبدعين من مختلف بقاع الأرض، فالملتقى يضم فنانين مصريين وعربا وأجانب .. فمن مصر تضم كلا من الفنانين: مجدى عبد العزيز، أمل نصر، أحمد علام، وليد نايف، نيفين الرفاعى، محمد دسوقى، محمد نبيل، محمد حمدى، مصطفى ربيع، مهنى ياؤد..، ومن جورجيا SophioMamaladze & Tinatin Kharkhelauri ، ومن الهند avijit Mukherjee، ومن تونس سلوى العايدى، ونجاة الذهبى، ومن العراق محمد الكنانى، ومن البحرين جمال عبد الرحيم،.. وتضم الدورة أيضًا ثمانية شباب من فنانى الورشة وهم: اسلام سيف النصر، حنان رمضان، بسنت داود، رحاب ياسر، محمد الجنايني، سارة خير، زياد فاوى، عائشة نور.


تبادل الثقافات
و فن التصوير هو أحد أنواع الفنون التشكيلية وأقدمها .. ويحتاج دائمًا إلى الفكر والإبداع والخيال .. ولأن الفن ليس له حدود مكانية أو زمانية فإن ملتقى الأقصر الدولى للتصوير منذ لحظة ميلاده عام 2008.  

 وحتى وقتنا الحالى هو أحد الإسهامات التشكيلية التى تمثل أداة للحوار بين فنون وثقافات وحضارات العالم على مر التاريخ..، فهو يهدف إلى تبادل الثقافات باعتباره محفلًا دوليًا يضم فنانين من دول أجنبية وعربية .. فهو عرس للمحاكاة التشخيصية ومرآة تعكس إبداعات وابتكارات الشعوب، إذ يحمل فى طياته كل عام دعوة لرؤية حضارة مصر والاستمتاع بتاريخها وفنونها وتبادل الثقافات .


و بدأ الفنانون المشاركون فى أول وثانى أيام الملتقى زيارة الأماكن الأثرية وذلك لرؤية عظمة التاريخ المصرى حيث زاروا عدة أماكن مثل: «معبد الأقصر ومعبد الكرنك ووادى الملوك ومعبد حتشبسوت».


هبة من الله
وعلى مدار سبعة أيام أقيمت الندوات المصاحبة للملتقى بهدف عرض تجارب الفنانين المشاركين والتفاعل معها والاستفادة منها بالاطلاع على مدارس مختلفة وتبادل الثقافات ..وكان عنوان الندوة الأولى «هنا أم الحضارات»  أدارها كاتب هذه السطور بصفته الناقد المصاحب للملتقى .. واختتمت الندوات بعرض تجربة الفنان المُكرم هذا العام وهو د. مصطفى الفقى أستاذ التصوير بكلية الفنون الجميلة- جامعة حلوان.


وعلى هامش الملتقى عبر الكثير من الفنانين عن سعادتهم برؤية حضارة وتاريخ مصر.. وعلى سبيل المثال قال الفنان الهندى أفيجيت موكيرجى « avijit Mukherjee» : أنا عاشق لمصر وقرأت عنها وأنا فى السادسة من عمرى وأصبح حلمى زيارتها، وأصف وجودى هنا انه هبة من الله.

واشعر بالفخر والسعادة لذلك، وأكثر ما اسعدنى فى مصر هو شعبها الذى يقترب كثيرًا من الشعب الهندى فى الكثير من العادات والثقافات، واختتم كلامه قائلًا: أنا لم أتخيل ان مصر بها كل هذا العدد من الفنانين.

وفعليًا أنا أرسل كل يوم لأصدقائى فى الهند صورًا من تلك الحضارة لأمتعهم بما رأيت، وليشاهدوا تلك الحضارة وهذا التاريخ معى .. وباختصار أصبح أصدقائى الفنانون فى الهند يعتقدون أن مصر هى بلد حلمهم.


التاريخ هنا مختلف
فيما قالت الفنانة Tinatin Kharkhelauri من جورجيا: عندما وطئت قدماى مصر شعرت أن الجو العام ملهم لى عكس أى مكان آخر زرته فى أوربا، وهنا الفن مختلف والفنانون لديهم طاقة غير عادية.

وأعتبرهم نموذجًا ومثلا أعلى بالنسبة لى، أما مصر فهى مختلفة كليًا عن أوربا لكنها تشبه جورجيا فى بعض الصفات، والشعب المصرى بشكل عام ودود ولطيف، والمناطق الأثرية هنا أقوى ما شاهدته فى حياتى، فقد ذهبت إلى البرتغال وعشت نصف حياتى فى اسبانيا.

لكن لا يوجد مقارنة بين ما رأيته هنا وأى مكان آخر..، فأنا لا أصدق أن هناك بشر بهذا الفن أستطاعوا أن يشيدوا مثل هذه المعابد بعظمتها وشموخها وتصميماتها المعمارية، الرسومات التى شاهدتها على جدران المعابد والكتل النحتية الهندسية التى تتسم بالقوة والرصانة لم أر مثلها حتى فى الأعمال التى تنتمى لعصر النهضة فى إسبانيا أو أوربا بشكل عام .. هنا التاريخ مختلف.


وقد قالت د. أسماء النواوى قوميسير عام الملتقى انه قد وقع اختيار اللجنة المنظمة على اختيار د. مصطفى الفقى أستاذ التصوير بكلية الفنون الجميلة لتكريمه فى هذه الدورة لتاريخه الحافل وبصماته فى الفن التشكيلى والأكاديمى... ومن المقرر أن يقام فى نهاية الملتقى معرضً لعرض نتاج الفنانين وكذلك تكريمهم .

اقرأ أيضًا | آية إيهاب تكتب: حكاية عن الأمل