حسن حافظ يكتب: ذكرى حقى

حسن حافظ
حسن حافظ

بقلم: حسن حافظ

فى حياة الأدب المصرى والعربى الحديث محطات لا يمكن تخطيها، قامات كبرى تركت علامات لا تُمحى، أصبح فى الذاكرة الثقافية أصحاب منجز فتح الباب أمام صفوف المبدعين للسير فى عوالم الأدب والثقافة المدهشة، أحد أهم هذه القامات الثقافية فى مصر القرن العشرين، كان الأديب والقاص الكبير يحيى حقى، الذى رحل عن دنيانا فى 9 سبتمبر 1992.

يحيى حقى يأتى فى الصف الأول من مبدعى مصر الكبار فى العصر الحديث، فهو أحد رواد القصة القصيرة والرواية الواقعية فى الأدب العربى، فمن ينسى له رواية (قنديل أم هاشم)، التى حفر بها اسمه فى سجل الخالدين، عندما عالج باقتدار أزمة العلاقة الملتبسة بين العلم والتدين الشعبى، ليخرج بطريق ثالثة توفق بينهما وتأخذ أفضل ما فيهما، ثمرة العلم وجوهر الروح، وكل ذلك فى أجواء الحارة الشعبية، لتكون واحدة من أوائل الرواية التى تدور فى عالم الحارة الشعبى الغنى بنماذجه البشرية الثرية.

وفى القصة القصيرة ترك يحيى حقى علامات تأسيسية مهدت الطريق أمام الأجيال التالية من كتّاب القصة، فمن تحت عباءته خرج الكثير من المبدعين الذين استكملوا ما بدأه الأستاذ، فمن ينسى لحقى قصته البديعة (البوسطجى) القادمة من أعماق روح الريف المصرى، فضلا عن العديد من النصوص والمقالات والكتب الأدبية والفكرية التى تكشف عن عمق تجربة يحيى حقى، الذى استغل فترة رئاسته لتحرير مجلة «المجلة الثقافية»، فى فترة الستينيات من أجل فتح الباب أمام الأجيال الشابة لتنشر أول أعمالها، واستفاد من هذه الفرصة الذهبية فى زمن قلت فيه منابر النشر، العديد من الأسماء الأدبية التى لمعت فى سماء الأدب بعد ذلك.

أظن أن الاحتفاء ضرورى بقيمة يحيى حقى، والعمل على تعريف الأجيال الشابة بأهميته ومنتجه وتجربته الثرية والمتنوعة، لأنه عملة نادرة فى وقت عزت فيه القامات، هو من المواهب الحقيقية التى مرت على مصر التى يجب أن تحصل على التكريم المستحق.