السيسى: أمننا القومى العربى لا يتجزأ

الخبراء يرحبون بكلمة الرئيس في القمة العربية الـ31 بالجزائر

الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال مشاركته فى القمة العربية
الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال مشاركته فى القمة العربية

كتب: شحاتة سلامة - أحمد جمال

فى إطار حرص مصر على تدعيم أواصر علاقات التعاون والأخوة مع جميع الدول العربية الشقيقة، واستمرارًا لدور مصر المحورى فى تعزيز جهود دفع آليات العمل المُشترك لصالح الشعوب العربية كافة، شارك الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى القمة العربية الحادية والثلاثين، والتى عُقدت على مدار يومين بالعاصمة الجزائر.  

جانب من مشاركة الرئيس فى القمة

الرئيس خلال مباحثاتــــــــــه مـع الرئيس الجزائرى

لقاء بين الرئيس السيسى ومحمد بن راشد آل مكتوم على هامش القمة


وحدة الصف ضرورة لتأسيس علاقات مستقيمة

استهدفت قمة الجزائر التشاور والتنسيق بين الدول العربية الشقيقة بشأن مساعى الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة وتعزيز المصالح العربية، خاصةً فى ظل التحديات القائمة المُتعددة على المستويين الدولى والإقليمى، لاسيما نتيجة تبعات جائحة كورونا والأزمة الأوكرانية، وما فرضه ذلك من ضغوط مُختلفة على الدول العربية.

وأجمع عدد من الخبراء والسياسيين، على أن القمة العربية الأخيرة انعقدت فى ظل ظروف استثنائية، وكان الجميع ينتظر انعقادها بعد عامين من التوقف بسبب جائحة كورونا، وظروف أخرى عانتها الدول العربية، وبذلت الجزائر والأمانة العامة بالجامعة العربية جهودًا كبيرة للإعداد لها ونجحت فى أن تصل إلى تفاهمات بشأن الإجراءات الاقتصادية اللازم اتباعها للتعامل مع تأثيرات التغيرات المناخية والحرب الأوكرانية التى تعبر عن صراع روسى غربى يفرز تداعياته السلبية على الدول العربية.

واتفق الخبراء على أن القمة عكست رسالة هامة للعالم خاصة بعدما خرجت تحت شعار «قمة لم الشمل»، مؤكدين أنها كانت قمة التجدد والوفاق فى خضم التداعيات الجيوسياسية والأزمات بالمنطقة، كما أكدوا أن كلمة الرئيس السيسى أمام القمة جاءت شاملة وجامعة وتعرضت لكافة الشواهد والهموم العربية التى تهم جميع المواطنين العرب، وربطت ما بين مسئولية الحكومات والشعوب وحددت نقاط تلاق ما بين تحركات القادة والحكومات وما بين تطلعات الجماهير والشعوب.

الرئيس: مازلنا نحتاج لمزيد من العمل العربى الجماعى

وفى كلمته أمام القمة، أكد الرئيس السيسى، أن تاريخ أمتنا العربية، وما شهدته دولنا من أحداث فى الماضى القريب يثبت أن ما قد يؤلم أشقاءنا بالمغرب العربى سيمتد إلى مصر والمشرق العربى ودول الخليج، وأن عدم الاستقرار فى دول المشرق أو فلسطين إنما تمتد آثاره إلى المغرب العربى، وأن تهديد أمن الخليج هو تهديد لنا جميعًا، مُضيفًا أن أمننا القومى العربى هو كل لا يتجزأ فأينما نولى أنظارنا نجد أن الأخطار التى تداهم دولنا واحدة، وترتبط فى مجملها بتهديد مفهوم الدولة الوطنية، وتدخل قوى إقليمية أجنبية فى شئون المنطقة من خلال تغذية النزاعات، وصولًا إلى الاعتداء العسكرى المُباشر على بعض الدول العربية، وكلها عوامل أفضت إلى طول أمد الأزمات دون حل، فى زمن تشتد فيه التحديات الاقتصادية والتنموية والبيئية عالميًا وإقليميًا، ويزيد فيه الاستقطاب الدولى الذى أصبح عنصرًا ضاغطًا سياسيًا واقتصاديًا على نحو بات يؤثر علينا جميعًا.

وشدد الرئيس، على أن ضمان قوة وحدة الصف العربى خطوة أساسية على صعيد تأسيس علاقات جوار إقليمى مستقيمة تستند إلى مبادئ غير قابلة للمساومة ومُلزمة للجميع، وهى احترام استقلال وسيادة وعروبة دولنا، وتحقيق المنفعة المتبادلة، وحسن الجوار، والامتناع الكامل عن التدخل فى الشئون العربية.

اقرأ أيضًا

مؤيد اللامي: العلاقات المصرية العراقية بأفضل حال ومتجهة لمزيد من التطور

شراكة فعلية
وقال السيسى، إن مصر تظل طامحة وراغبة فى تحقيق شراكة فعلية فيما بين دولنا على أرضية ما يجمعنا من تاريخ مُشترك، والتطلع نحو مستقبل أكثر ازدهارًا يتشكل من خلال اضطلاع كل دولة بمسئولياتها على النطاق الوطنى فى سياق أوسع من العمل الجماعى على تعزيز قدراتنا العربية سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا، فتكامل القدرات المُتباينة إنما ينشئ منظومة صلبة قادرة على مواجهة التحديات المُشتركة، والأزمات الدولية المُستجدة بما فى ذلك أزمتا الطاقة والغذاء، بل إنها ستوفر الحماية الرئيسية لنا جميعًا من الاستقطاب الدولى الآخذ فى التصاعد فى الفترة الأخيرة، هذا الاستقطاب الذى باتت له تبعات سلبية على التناول الدولى لأزمات منطقتنا العربية، وأعاد للأذهان مظاهر حقبة تاريخية عانى فيها العالم بأسره.

وأكد السيسى، أننا مازلنا نحتاج لمزيد من العمل العربى الجماعى حتى فى التعامل مع الأزمات الجديدة التى جاءت لاحقة على القضية الفلسطينية، فى ليبيا وسوريا واليمن والعراق والسودان، وإلا سيظل أمن وسلم الشعوب الشقيقة فى تلك الدول مهددين بتجدد ويلات تلك الأزمات، وستظل الأخيرة ثغرات فى المنظومة العربية ومراكز لعدم الاستقرار، وهو ما يؤثر علينا جميعًا ويعرقل جهودنا فى التنمية والتكامل، كما أشار إلى معضلة الأمن المائى التى تؤثر على عدد من الدول العربية، وتنذر بعواقب وخيمة إذا تم تجاهلها، مُجددًا التأكيد على أهمية الاستمرار فى حث إثيوبيا على التحلى بالإرادة السياسية وحسن النوايا اللازمين للتوصل لاتفاق قانونى ملزم بشأن سد النهضة الإثيوبى تنفيذًا للبيان الرئاسى الصادر عن مجلس الأمن فى سبتمبر 2021، والأخذ بأى من الحلول الكثيرة التى طُرحت عبر العديد من جولات المفاوضات، والتى تؤمن مصالح الشعب الإثيوبى الاقتصادية الآن ومستقبلًا، وتصون فى الوقت ذاته حياة الشعبين المصرى والسودانى.

لقاءات متعددة
وعقد الرئيس السيسى عددا من اللقاءات الثنائية مع أشقائه من القادة العرب من أجل التباحث حول سُبل تعزيز العلاقات الثنائية المُشتركة، وكذا تبادل الرؤى بشأن آخر المُستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، حيث التقى الرئيس الجزائرى عبدالمجيد تبون، وعقدا قمة تم خلالها التباحث حول سُبل تعزيز آفاق العلاقات الثنائية، وتم التأكيد على أهمية مواصلة الارتقاء بمستويات التعاون والتنسيق على كافة الأصعدة، بما يخدم جهود دعم العلاقات وتعميق الشراكة الثنائية بين البلدين.

كما التقى الرئيس السيسى، مع الرئيس عبداللطيف رشيد، رئيس جمهورية العراق، حيث  تبادلا وجهات النظر حول عدد من القضايا العربية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، واتفق الجانبان على ضرورة تكثيف التنسيق لمواجهة التحديات التى تعانى منها المنطقة، وبما يحقق آمال شعوبها فى العيش فى سلام واستقرار.

والتقى الرئيس السيسى مع الرئيس قيس سعيد، رئيس الجمهورية التونسية، فى لقاء شهد استعراض سُبل دفع العلاقات الثنائية المتينة بين البلدين الشقيقين فى مختلف المجالات، إلى جانب التشاور بشأن أبرز القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، كما التقى الأمير الحسين بن عبدالله، ولى عهد المملكة الأردنية الهاشمية، حيث أشاد بقوة العلاقات التاريخية بين مصر والأردن، وما يجمع البلدين والشعبين الشقيقين من روابط أخوة ومودة ومصير مُشترك.

كما التقى السيسى، الرئيس الصومالى، حسن شيخ محمود، وتطرق اللقاء لمُتابعة نتائج الزيارة الأخيرة للرئيس الصومالى إلى القاهرة فى شهر يوليو الماضى بهدف تعزيز مختلف جوانب العلاقات الثنائية، إضافة لتبادل الرؤى بشأن تطورات مختلف القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، لاسيما المتعلقة بأمن البحر الأحمر، والتقى الرئيس كذلك رشاد العليمى، رئيس مجلس القيادة الرئاسى اليمنى، حيث أكد استعداد مصر لدعم أمن واستقرار اليمن، واللذين يمثلان أهمية بالغة للأمن القومى المصرى، وذلك فى إطار أمن المنطقة العربية ومنطقة البحر الأحمر.

وخلال زيارته للجزائر، التقى الرئيس السيسى، أنطونيو جوتيريش، سكرتير عام الأمم المتحدة، وقد شهد اللقاء تبادل الرؤى بشأن آخر المستجدات على صعيد عدد من الملفات والقضايا الإقليمية، لاسيما الأزمة الليبية.

السفير صلاح حليمة: كلمة الرئيس كانت جامعة وشاملة لكافة القضايا

كلمة شاملة
السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق، قال إن كلمة الرئيس السيسى، كانت جامعة وشاملة لكافة القضايا، التى تهدد الأمن القومى العربي، وأنه ركز فى البداية على القضية الفلسطينية والتأكيد على الحقوق الثابتــة للشـــعـــب الفلسطـــينى والتأكـــيد علـــى المرجعية العربية المتمثلة فى مبادرة السلام العربية كأساس متوافق عليه للحل، ودعم الاعتراف بدولة فلسطين فى الأمم المتحدة، كما أكد الرئيس دعمه جهود المصالحة الحالية بين الفصائل الفلسطينية والتى قادتها الجزائر مؤخراً ووضعت مصر لبنتها الرئيسية من خلال المشاورات العديدة التى جرت بين قادة الفصائل من قبل فى القاهرة.

وأضاف أن الرئيس تحدث عن الأمن العربى بمفهوم أشمل وتطرق إلى أن ما يحدث فى البحر الأحمر من مناوشات يشكل تهديداً مباشراً للدول العربية، والأهم من ذلك أن الرئيس وضع النقاط فوق الحروف فيما يتعلق برفض أى تدخلات خارجية فى الأزمات العربية وتطرق إلى الآثار السلبية لتلك التدخلات فى ليبيا وسوريا، وكان حاسمًا بشأن أن تكون التسوية السياسية فى أى من البلدان العربية وطنية خالصة بعيداً عن المؤثرات السلبية الخارجية، وجدد التأكيد على دعم مصر للمؤسسات الوطنية فى تلك الدولة باعتبار أن ذلك يشكل أساس استقرارها ومنع تفتتها.

وأوضح أن الرئيس تطرق فى كلمته إلى الأمن الغذائى والمائى وتحدث عن الدول التى تواجه أزمات غذائية ومائية وبينها العراق وسوريا واليمن والصومال، ولم يقتصر فى حديثه فقط على تعنت إثيوبيا بشأن سد النهضة لكنه تطرق إلى القضية من منظور عربى بناء على ما يواجهه العراق الآن من مشكلات شح مائى بسبب السدود التركية على نهرى دجلة والفرات والتى شيدتها بصورة منفردة وقامت بفرض أمر واقع.

المغازى: حضور الرئيس أعطى للقمة الكثير من الزخم

الوحدة العربية
من جانبه، أكد النائب يسرى المغازي، رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس النواب، على أهمية الكلمة التى ألقاها الرئيس السيسى أمام القمة العربية، قائلا إنها جاءت شاملة ومتضمنة لكل القضايا العربية، وجاءت فى وقتها تماما لتنبه الدول العربية والقادة العرب، على أهمية الحفاظ على الدول العربية وحمايتها من التدخل الأجنبى، مُضيفًا أن كلمة الرئيس شددت على ضرورة تعزيز الوحدة العربية والتضامن العربى بين مختلف الدول للتصدى للمخاطر، وأهمية ضمان قوة وحدة الصف العربى، باعتبارها خطوة أساسية على صعيد تأسيس علاقات جوار إقليمى مستقيمة تستند إلى مبادئ غير قابلة للمساومة وملزمة للجميع.

وشدد رئيس عربية البرلمان، على أن كلمة السيسى فى القمة العربية رفعت العديد من الرسائل الهامة فى مقدمتها الانتباه للخطر والتحديات التى تحيط بالدول العربية وتعزيز التضامن والوحدة وتعزيز الأمن القومى العربى على مختلف السبل، مشيرا إلى أن حضور الرئيس السيسى للقمة العربية، انطلاقا من دور مصر وريادتها السياسية والتاريخية وثقلها، أعطى للقمة العربية الكثير من الزخم.