عاجل

بدون رتوش

الورد البلدي في مكتبة الإسكندرية.. والحوار الدائم

د. أحمد فؤاد أنور
د. أحمد فؤاد أنور

حرصت طوال السنوات الماضية على المشاركة -متحدثا ومستمعا- في مؤتمرات وندوات علمية وثقافية لمكتبة الإسكندرية ولأول اكتب عن إحدى هذه الفعاليات؛ لأنها في رأيي انهت في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ مصر دورها الرمزي والبروتوكولي التاريخي، وبدأت تتحول لمركز للبحوث الميدانيه الموثقه ببيانات من باحثين ميدانين مصريين، ومنبرا للحوار الجاد والدائم بحضور جمهور، وبرلمانيين، وخبراء ومسئولين تنفيذيين، وشخصيات عامة وكتاب رأي، وهو ما اعتبره مواجهة للحشائش الضارة ب(ورد بلدي) متفتح، بعد أن كانت تتم المواجهة في فترات سابقة بالتجاهل أو بورود ونجيل صناعي. والحديث عن مؤتمر من تنظيم مكتبة الإسكندرية، بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي، "عام المجتمع المدني.. التنمية والشراكة في الجمهورية الجديدة"، يومي 1 و2 نوفمبر الجاري وهو تجسيد ناجح لروح العمل الجماعي، حيث شهد حضورًا مكثفًا من الجمعيات الأهلية من كافة أنحاء الجمهورية، وهو باكورة نشاط واسع ومكثف للدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع المرموق وعميد آداب القاهرة الأسبق والمدير الجديد للمكتبة. الذي يحرص على التواجد في المكتبة وحضور كل الفعاليات تقريبا على مدار أربعة أيام أسبوعيا بالاضافة ليوم اضافي تم تخصيصه لمقر المكتبة في القاهرة، مع تخصيص يومي الراحة لبقية أنشطته ومنها عضوية المجلس القومي للمرأة. وقد استقبل على سبيل المثال في اليوم الثاني من أيام المؤتمر المشاركين في نشاط مواز تمثل في وفد من واعظات الأزهر الشريف، في إطار زيارتهن لمحافظة الإسكندرية في اطار التعاون بين مكتبة الإسكندرية والأزهر الشريف.
رشح من كلمة دكتور زايد الافتتاحية تقديره لثقافة العمل الجماعي، ولسياسة التفويض لقطاعات المكتبة.. وهي سياسة رشيدة ومفتاح رئيس لأي تقدم، وخطة ممنهجة لمزيد من النجاحات، حيث نوه للتعاون مع وزارة التضامن، ولجهود د. سامح فوزي المفكر والإعلامي وكبير الباحثين  (دينامو المؤتمر) لتهيئة الأجواء لمؤتمر ناجح، والمشاركة في رسم محاوره وركائزه الأساسية. فالمؤتمر يأتي ضمن البرنامج الذي أطلقته مكتبة الإسكندرية بعنوان مصر المستقبل والذي يستهدف بشكل أساسي خلق حالة نقاش في كافة المجالات بهدف وضع رؤية مستقبلية لمصر في إطار الجمهورية الجديدة. وكأنه (حوار دائم) يضيف ل (الحوار الوطني) الذي دعا له فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ويوسع قاعدته. خاصة وأن سيادة الرئيس هو أيضا الذي وجه لأن يكون عام 2022 – وقد شارف على الانتهاء- عاما للمجتمع المدني، مما ستلزم تقييم التجربة واستخلاص النتائج.  وشدد د. زايد على أن المجتمع المدني هو الضلع الثالث لتكوين العمران بجانب القطاع الحكومي، والقطاع الخاص. وشارك في الكلمات الافتتاحية مساعد وزيرة التضامن أيمن عبد الموجود، ونائب وزير الصحة لشؤون السكان د.طارق توفيق والنائبة سها سعيد وكيل  لجنة الثقافة والسياحة والإعلام بمجلس الشيوخ وأمين سر تنسيقيه شباب الأحزاب والسياسيين.  
 
الدكتور زايد أبرز ضرورة الاستماع لمنظمات المجتمع المدني وبحث العقبات التي تواجهه نظرا لدورها الرئيسي في تحقيق عملية التنمية وأصبح العطاء ركن أساسي في عملية التنمية في أي دولة في العالم . د. سعيد المصري أستاذ علم الاجتماع الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة، أشار إلى أن مشكلات الجمعيات الثقافية تتمثل في نقص مقومات الاستدامة المالية. وأرجع هذا إلى عوامل محددة من بينها: ضعف الموارد المالية، وعدم استقرارها، ونقص مقومات الاستدامة الإدارية بفعل الانغلاق والشللية، وعدم وجود كفاء تنفيذية في العمل، بالإضافة إلى المنافسة الشديدة بين المؤسسات الثقافية المهيمنة على كل فضاء العمل الثقافي .
 د. أماني قنديل أستاذ العلوم السياسية كانت متألقة في كلمتها الجريئة التفصيلية بصفتها أكثر من تابع ونشر عن هذا الملف لعقود، وبحكم اتصالها المباشر بمنظمات المجتمع المدني، والحكومة على حد السواء بجانب عملها الأكاديمي. وطوفت بالحضور حول:  تطور المجتمع المدني على مدى قرنين من الزمان"، وكشفت أن موقعها الشخصي يتيح مؤلفاتها مجانا لكل من يطلبها، وأوضحت أن العدد الفعلي للجمعيات الأهلية بمصر والذي بلغ 53,000 جمعية خادع، حيث لم يتم الاستدلال على 18,000 منها!! وأشارت أنه بعد مرور قرنين من الزمن على تاريخ الجمعيات الأهلية، يجب أن تكون لنا وقفة لمعرفه أسباب عدم تقدم الجمعيات الأهلية، على الرغم من وجود قانون ممتاز وبيئة سياسية مناسبة! مشددة على أنه من بين التحديات في هذا المضمار: عدم وجود ثقافة تطوعية.
من جانبه قال الدكتور عصام شيحة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إنه عندما تتوفر إرادة سياسية من الدولة المصرية؛ تُفتح كل الأبواب، فالتمويل الخارجي ليس جريمة، فهو حق للدولة المصرية، مضيفًا: المجتمع المدني في مصر؛ حصل على تمويل أجنبي تخطى 2 مليار جنيه خلال العام الجاري، وهذا يدل على احترام العالم للدولة المصرية، واعتبارها دولة تحترم حقوق الإنسان
وشاركت جمعية أبناء سيوة للخدمات السياحية والحفاظ على البيئة في المؤتمر في جلسة مميزة ترأسها الدكتور فتحي أبو عيانة أستاذ الجغرافيا البشرية بجامعة الإسكندرية ورئيس جامعة بيروت الأسبق.
وعلى صعيد الحوارات الثنائية على هامش المؤتمر سعدت جدا بلقاء الصحفية المخضرمة والباحثة الوطنية المرموقة أستاذة أمينة شفيق التي سردت بعض من تجاربها الذاتية -ولها بالطبع اسقاطات ودلالات- من فترة الطفولة، وعلى خلفية الحرب العالمية الثانية حيث كان كل شيء بالبطاقة من القماش مرورا بالشاي والعيش.. الذي كان مسموح بالحصول عليه مرة كل أسبوع.. مما يعني أن العيش الطازج كان رفاهية بينما العيش الفينو محرما حتى انتهاء الحرب. وكذلك الحوار المتدفق مع د. أشرف فراج الأستاذ بجامعة الإسكندرية ومستشار مدير المكتبة والمشرف على مشروع سفارات المعرفة، الذي بات يغطي تقريبا كل جامعات مصر.. مما يتيح إمكانيات المكتبة لكل طلبة الجامعات في كل محافظات مصر. وكذلك ذكرياته كبطل دولي مصري لرالي سباق السيارات على مدار 19 سنة كاملة شارك فيها بانتظام كهاوٍ نظرا لارتباطه بالعمل الأكاديمي في الجامعة.. وإن كان قد تفوق على المحترفين خاصة في رالي باريس -داكار! المؤتمر اتاح لي أيضا الاقتراب من أصدقاء أعزاء من أجيال وثقافات مختلفة ومناطق جغرافية مختلفة منهم حازم الملاح عضو لجنة الشباب بالمجلس الأعلى للثقافة، وعضو الهيئة العليا لحزب العدل. 
الخلاصة نشاط مطلوب.. ومرحلة جديدة من مراحل مواجهة التطرف، والجهل، والخمول، والقوالب والاكليشهيات، والورد الصناعي الرديء.. بالعمل والتوعية  والتنوير.. وحوار يضيف ويثري.