هبة عمر تكتب: المناخ يحدد المستقبل

هبة عمر
هبة عمر

قد لا يتخيل أغلب الناس أن الحياة فى المستقبل القريب أصبحت مرهونة بتقلبات المناخ التى سوف يمتد تأثيرها إلى كل التفاصيل من بداية اليوم حتى نهايته، فالطعام والشراب وطريقة التنقل والطاقة التى تنير المنازل وتشغل المصانع والهواء الذى نتنفسه والصحة النفسية والعقلية أيضا كلها سوف تتأثر بقدرتنا على التكيف مع مناخ تتصاعد حرارته إلى حد الخطر، ليجبر الجميع، دولا وأفرادا، على تغيير طريقة التعامل مع كل شىء فى هذه الحياة.

وحين تبدأ غدا أعمال قمة المناخ فى شرم الشيخ قد يتوه بعضنا فى التفاصيل والمصطلحات والكلمات الرسمية البراقة، والوعود التى قد تعلنها الدول أو تبرر تأجيل تنفيذها، ولكن المؤكد أن هذه القمة التى تحمل رقم ٢٧ هدفها الأول هو تنفيذ ما خرجت به القمة السابقة للمناخ ، وهو ضرورة الاعتراف بحالة الطوارئ، للحد من زيادة درجة حرارة الأرض إلى١.٥ درجة مئوية ، وتسريع العمل فى خفض انبعاثات ثانى أكسيد الكربون بنسبة٤٥٪، والتخلص التدريجى من الفحم (الفحم والنفط والغاز أسباب رئيسية تسبب الاحترار العالمى)، والأهم تنفيذ وعود تمويل الدول الصناعية الكبرى التى ظلت أكبر مصدر لتغير المناخ بتقديم١٠٠ مليار دولار سنويًا للدول النامية المتضررة من تداعيات تغير المناخ، لمساعدتها فى التكيف والصمود، وحماية الأرواح، وتحقيق العدالة المناخية، التى تتعلق بالخسائر والأضرار التى لحقت بالعالم نتيجة تغير المناخ، خاصة فى ظل الحرب فى أوكرانيا، وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء فى جميع أنحاء العالم، وهو مايجعل الدول الغنية فى صراع مع أزمة تكاليف المعيشة والدول الفقيرة ترزح تحت جبال من الديون تمنعها من التعامل بجدية مع آثار تغير المناخ على حياتها.

منذ سنوات وحتى الآن مازلنا نتعامل مع مشكلات النظافة والتلوث فى الماء والهواء والزراعة وتناقص المساحات الخضراء وأزمات المياه باستهانة وقلة تقدير للعواقب، ولكن الوضع الآن أصبح أكبر من كل هذا، ولم يعد مقبولا التباطؤ فى تنفيذ رؤية شاملة وجادة ومستمرة لوقف النزيف فى مواردنا الطبيعية، وبناء قدراتنا على التعامل والتكيف مع ما ينتظرنا فى مستقبل يحدده المناخ.