مصر تستضيف العالم في قمة المناخ

قمة المناخ
قمة المناخ

محمد طلعت

 على مدار عقود طويلة مضت لم تكن قضية تغير المناخ من الأولويات على أجندة اهتمامات الدولة بل كانت قضية موسمية يتم الحديث عنها فقط عندما تتعاظم مشكلة السحابة السوداء التي عايشناها وتعايشنا معها في أوقات عجاف.

ذلك الوضع تغير في السنوات الست الأخيرة، فأصبحت قضية مصيرية حاسمة تأتي في صدارة اهتمامات الدولة التي اعتبرتها التحدي الوجودي الأخطر الذي يواجه كوكب الأرض كله وفي قلبه مصر فتلك التغييرات التي تحدث هى نذير مؤلم لما سيكون عليه مستقبل الأبناء والأحفاد ما لم يكن هناك تحركات للتخفيف من آثاره سواء داخليًا عن طريق جهود أجهزة الدولة المختلفة بخفض الانبعاثات المحلية ووقف المسببات التي تؤدي لتفاقمه أو من خلال التعاون مع مختلف دول العالم من خلال إقامة مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ cop27 الذي سيفتتحه الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد ساعات في مدينة شرم الشيخ بمشاركة قادة وزعماء العالم للوصول لحل جذري للمشكلة، وسط مناخ سياسي عالمي ملبد بالصراعات لتكون على عاتق مصر مسؤولية قيادة العالم في أهم وأخطر قضاياه في أصعب فترات التاريخ.

فمصر التي تعتبر واحدة من أكثر دول العالم المعرضة لمخاطر من تغيير المناخ رغم أنها من أكثر دول العالم التزامًا في تقليل الانبعاثات المسببة لذلك، تحذر من خلال قيادتها السياسية في مختلف اللقاءات والمؤتمرات الدولية والإقليمية من مخاطر تغير المناخ ولنا في كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر المناخ الذي عقد في باريس ٢٠١٦ منهجًا لتحركات الدولة المصرية خلال السنوات الست السابقة حيث حذر الرئيس - في ذلك المؤتمر المفصلي الذي أفرز اتفاقية باريس للمناخ والتي حدث بسببها صراع سياسي دولي - من مخاطر زيادة درجة حرارة الأرض مطالبًا باتفاق عادل وواضح فيما يتعلق بالحفاظ على المناخ العالمي والحد من الانبعاثات الضارة، وفي ذلك الاجتماع طالب الرئيس المجتمع الدولى بدعم جهود مصر فى مساهماتها الطموحة لمواجهة التغير المناخى.

الجهود المصرية لحماية المناخ أسفرت عن إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ ٢٠٥٠ والتي تهدف للتحول للاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة؛ وذلك لتجنب الآثار السلبية لتغير المناخ في ظل أزمات الطاقة والغذاء العالمية التي يسببها ويؤثر عليها ذلك التغيير، بالإضافة لجعل الهواء الذي نتنفسه نظيفا من خلال تقليل الانبعاثات التي تخرج من عمليات حرق المخلفات الصلبة واحتراق وقود السيارات.

لذلك تتجه الدولة المصرية نحو قطاع النقل النظيف المتمثل في المونوريل وخطوط مترو الانفاق والقطار الكهربائى السريع والقطار الكهربائى الخفيف بالإضافة للاتوبيس الترددى السريع BRT الذى سيعمل بالطريق الدائري، تلك الوسائل ستحافظ على البيئة وتسهم في تقليل الانبعاثات التي تطلقها السيارات وتقليل الاختناقات المرورية والتي كانت تؤثر في بعض الطرق.

وإذا تحدثنا عن التطوير في قطاع النقل يجب أن نتوقف أمام أهم مشكلة تواجه المواطن المصري في أي شارع من شوارع الجمهورية سواء كنت تعيش في القاهرة أو أسوان في الإسكندرية أو مطروح أو سوهاج؛ ألا وهو التوك توك تلك الوسيلة التي تغولت في الشوارع بصورة كبيرة تعيق المرور وتسبب حالة من حالات الاحتقان المروري في الشوارع بل وتسبب حوادث وكوارث كبيرة وتعمل أجهزة الدولة المعنية على حل هذه المشكلة المتشعبة؛ فكان أول قرار هو إعلان وزارة الصناعة عن وقف استيراد مكونات هذه العربات من الخارج وليس ذلك فقط بل هناك لجان من الوزارات المعنية تعمل الآن على مشروع لإحلال التوك توك واستبداله بسيارات ڤان لكي تنتهي أسطورة هذه العربات من الشوارع المصرية والتي تحدثنا عنها سابقا في مساحات مختلفة بالجريدة بسبب خطورتها على الامن والأمان في الشوارع وما يسببه من كوارث لذلك يتمنى الكثيرون أن تكون هذه الخطط التي قال المسؤولون إنها سترى النور قريبا هى نهاية التوك توك.

خطة مكتملة الأركان

وتعتبر وزارة الداخلية واحدة من أهم الوزارات المعنية بالمحافظة على المناخ ومواجهة التحديات التي تواجه قطاع البيئة من خلال الإجراءات الاستباقية للوزارة تحقيقًا للأمن بمفهومه الشامل لذلك تقوم أجهزة وزارة الداخلية المعنية في إطار خطة مكتملة الأركان بتوجيهات من وزير الداخلية اللواء محمود توفيق بحملات مكثفة لحماية البيئة ومكافحة كافة صور الجرائم التي تؤثر على البيئة من خلال رصد مختلف الأحداث وتحليل الظواهر ودراستها بشكل علمي للتعامل مع مختلف الأزمات المرتبطة بالتغيرات المناخية وذلك من أجل المساهمة في تقليل العوامل المسببة للأمراض وتؤثر على البيئة والمناخ؛ ومن أهمها مصانع بير السلم التي تعتبر واحدة من أهم مسببات الأمراض والسرطانات؛ لأنها تستخدم موادًا خطرة غير صالحة للاستخدام الآدمي.

فكانت الحملات التي تقودها أجهزة الوزارة المعنية بالبيئة حجر الأساس في الحفاظ على صحة المصريين فعلى سبيل المثال خلال اليومين الماضيين شنت الإدارة العامة لشرطة البيئة والمسطحات حملات أمنية بالتنسيق مع قطاع الأمن العام أسفرت عن ضبط ٣ شركات للمواد الغذائية ومطعم بدون ترخيص بداخلهم ١١ طن أغذية مجهولة المصدر بالإضافة عن ضبط ١٩ طن لحوم ودواجن في شركات ومصانع بدون ترخيص، واستمرت حملات شرطة البيئة في ضبط مصانع ومخازن بير السلم التي تستخدم خامات غير مطابقة للمواصفات ومضرة للبيئة وغير صالحة للاستخدام الادمي حيث تم ضبط ٣٦ طن مواد غذائية بالإضافة لـ ٨٣ طن اعلاف فاسدة داخل مخزنين بدون ترخيص للمواد الغذائية بالجيزة.

أيضا جهود وزارة الداخلية تواصلت خلال اليومين الماضيين؛ حيث تم ضبط مخالفات في مستشفيين بالجيزة تتمثل في عدم وجود الحالة البيئية وسجل للمخلفات الخطرة مما أدى لتراكم النفايات الطبية الخطرة ما يؤدي إلى انتشار الأمراض والاوبئة.

الأجهزة الأمنية تمكنت أيضا من ضبط مصنع بدون ترخيص لإنتاج المواد الكيماوية المعالجة لمياه الصرف الصحي والصناعي بالجيزة؛ حيث تم ضبط ٦ طن مواد خام سائلة مجهولة المصدر و٤٩ طن مواد لمعالجة مياه الصرف الصحي مخالفة للمعايير الصحية والبيئية، بالإضافة لذلك تم ضبط مصنع بدون ترخيص لإعداد وتعبئة المنظفات والمطهرات المنزلية بداخله ٢٩ طن مواد خام سائلة مجهولة المصدر ومنسوبة لشركات وهمية، كما تم ضبط ٢٠ طن مواد غذائية مجهولة المصدر داخل ٤ مصانع للمواد الغذائية، كما نجحت شرطة البيئة في ضبط ٤٢ طن اعلاف حيوانية مجهولة المصدر مخالفة للمعايير البيئية داخل مخزن بدون ترخيص.

أما في القليوبية فتم ضبط ٣ مصانع بدون ترخيص لإعادة تدوير المخلفات البلاستيكية وتعبئة المنظفات الصناعية بداخلها ٢٤ طن مواد خام بلاستيكية مجهولة المصدر و ١٢٦ الف قطعة بلاستيك مجهولة المصدر بالإضافة لـ ٩ طن منظفات صناعية ومستلزمات انتاج مجهولة المصدر.

كما إن تلك المخازن والمصانع غير المرخصة لا يتوافر فيها إجراءات الحماية المدنية وبالتالي تكون معرضة للحرائق المدمرة التي تأكل الأخضر واليابس كما حدث منذ اسبوع في الإسكندرية عندما اشتعلت النيران في مخزن غير مرخص أدى لاستشهاد أمين شرطة وإصابة ٥ ضباط و٣ أفراد من قوة إدارة الحماية المدينة أثناء أداء واجبهم في إطفاء الحريق المدمر وانقذوا منطقة سيدي جابر من انتشار ذلك الحريق الذي تم السيطرة عليه بأرواح ودماء رجال الشرطة.

نهر النيل

أيضا حماية نهر النيل من أهم ادوار وزارة الداخلية للحفاظ على المناخ حيث تم ضبط ١٦٩٣ قضية فى مجال حماية البيئة ونهر النيل من التلوث، و٩٩٣ قضية فى مجال حماية منافع الرى والصرف، و ١٦٨ قضية فى مجال حماية الأراضى والثروة الزراعية، و١٧٩ قضية فى مجال حماية الملاحة الداخلية و٦٤٣ قضية فى مجال حماية الثروة السمكية كل هذه القضايا الخاصة بالحفاظ على البيئة كانت في ظرف أيام قليلة وهى ارقام تقول إن إجراءات حماية البيئة في أطار الأمن الشامل الذي تنتهجه وزارة الداخلية هو أمر مهم جدا في إطار الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ.

وتقوم الوزارة أيضا بدور توعوي أيضا من خلال لقاءات وندوات ومؤتمرات تقيمها الوزارة من أجل التوعية بما تقوم به وكان آخرها ندوة أقيمت في أكاديمية الشرطة بحضور قيادات من الوزارة بعنوان «الجهود الأمنية لمواجهة ظاهرة التغير المناخي ودور وزارة الداخلية في المواجهة».

أقرأ أيضأ : برلماني بالشيوخ: قمة المناخ نقطة التحول لمسار يخدم القارة السمراء وتحدياتها