حازم نصر يكتب.. ليس دفاعا عن وزير التعليم 

حازم نصر
حازم نصر

المدرسة هي المكان الرسمي للتعليم والتعلم والدروس الخصوصية نظام موازٍ غير خاضع للرقابة والمعايير التربوية السليمة.
الدروس الخصوصية تستنزف المليارات من جيوب المصريين بحثا عن مستقبل أفضل لأبنائهم.. تم دفن رؤوسنا في الرمال على مدار السنين و تظاهرنا بأن المشكلة غير موجودة .
أولى خطوات حل المشكلات هو الاعتراف بوجودها  وقد حان الوقت للاعتراف بوجود المشكلة و طرح الأمر للحوار المجتمعي لسماع الاقتراحات المختلفة من جميع الأطراف المعنية من أجل مصلحة أبنائنا الطلاب .
الفكرة التي نعمل عليها حاليا هي تقنين الدروس الخصوصية لضمان بيئة تعليمية تربوية آمنة خاضعة لرقابة حكومية على أن تستخدم أي موارد مكتسبة للوزارة من هذا الدور في دعم المدارس الحكومية و رفع مرتبات المعلمين.
 أدعوكم جميعا للنقاش البناء بخصوص هذا الشأن 
أحسن الدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم صنعا عندما كتب تلك الكلمات الموجزة على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي و التي رد فيها باقتضاب على هذا السيل العرم من التعليقات عقب حديثه بمجلس النواب حول دراسة الوزارة لفكرة تقنين سناتر الدروس الخصوصية وحوكمتها كآلية للسيطرة عليها والحد منها .
ولست هنا في معرض الإدلاء برأي حول تقنين السناتر  وتأييد الفكرة أو رفضها .. لكن الوزير حسم الجدل عندما دعا الجميع للنقاش والحوار البناء حول تلك  الآلية المقترحة وهو ما يقطع بأن الوزير لم يكن  قد حسم أمره بتلك الحوكمة لكنه ينتظر نتائج هذا النقاش المأمول .. فالوزير حتما عندما أعلن عن ذلك كان يستهدف أن يكون   هذا التقنين بداية محاصرة الظاهرة التي باتت تستعصي على العلاج  .
 وأثق أن دعوة الوزير للنقاش  سوف تجد صدى كبيرا من المهتمين والمهمومين في ذات الوقت بقضايا التعليم في مصر باعتباره البوابة الرئيسية لعبور مصر الكثير من أزماتها ..كما أن الوصول بالتعليم للمستوى المأمول سيمنح مصر قوتها الناعمة والخشنة  في ذات الوقت  إذا لزم الأمر ..كما سيدفع بكل خططها التنموية وانطلاقتها الاقتصادية  المنشودة .
أثناء الإعلان عن التعديل الوزاري الأخير الذي تحمل فيه الدكتور رضا حجازي  أعقد حقيبة وهي التعليم تفاءل الكثيرون بهذا الاختيار الذي صادف أهله والذي عبر عنه أعضاء مجلس النواب بتصفيقهم الحاد عندما تم إعلان اسمه كوزير للتربية والتعليم .
التفاؤل باختيار وزير التعليم الجديد كان له بالقطع مبررات موضوعية لعل من أهمها تلك الخبرات المتراكمة منذ أن كان طالبا بكلية التربية ثم عمله كمدرس متميز مرورا بكافة المواقع التي شغلها في حقل التعليم وأبلى فيها بلاءا حسنا وانتهاءا باختياره رئيسا لقطاع التعليم في عهد الوزير الدكتور الهلالي الشربيني ونائبا للوزير في عهد الدكتور طارق شوقي .
وعلاوة على كل  تلك الخبرات المتراكمة لا يختلف اثنان على نزاهة الدكتور رضا حجازي ولا نبل مقصده ولا على قدرته الفائقة على العمل الدؤوب والانصات الجيد لكل الأفكار الخلاقة .
لذا تعجبت من هذا الهجوم الضاري الذي تعرض له الوزير عقب الإعلان عن حوكمة سناتر الدروس الخصوصية واجتزاء الجميع تلك العبارة رغم أن حديثه كان مستفيضا عن كل جوانب تطوير العملية التعليمية التي يعلم الجميع مدى صعوبتها في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة والموروثات الاجتماعية التي جعلت الجميع يتصارع للحاق بما يسمى بكليات القمة .
لا ألتفت كثيرا لما تبثه تلك القنوات التي لا تخفى أهدافها على فطن  ولا لتلك التعليقات التي ضجت بها وسائل التواصل الاجتماعي والكثير منها  كان حسن النية  ولا يدرك  الأهداف الحقيقية لمن يقف وراء هذا الضجيج  المقصود .
فوجئ  الوزير رضا حجازي  عندما أعلن عن بدء دراسة تقنين السناتر بتحول الجميع فجأة إلى خبراء في التعليم وانهالوا بتعليقات تجاوزت المنطق ليس من قبل خبراء التعليم المزعومين فحسب بل  حتى ممن يتصدرون  بعض الشاشات   حيث انساق بعضهم  في ذات الهوجة  دون أن يكلف نفسه عناء اختيار خبراء حقيقيين يناقشهم في وسائل مكافحة تلك الآفة السرطانية التي تنهش جسد التعليم المصري منذ عقود طويلة ويضعوا تصوراتهم الواقعية القابلة للتطبيق أمام الوزير.. وبالتأكيد كانت هناك تعقيبات عاقلة ووجهات نظر لها احترامها  رغم اختلافها  مع وجهة نظر الوزير  .
ما أكتبه بالتأكيد  ليس دفاعا عن الوزير فهو ليس في حاجة لذلك وثقتي المطلقة في أن سوف يبذل قصارى جهده مع معاونيه وكل الخبراء في مصر لعلاج ما يستطيع من أوجاع التعليم المعقدة والمتشابكة والتي تحتاج لتكاتف المجتمع المصري  بأسره .. فقضية التعليم بالتأكيد ليست مسئولية الوزير بمفرده بل هي قضية مجتمعية  تحتاج لنقاش بناء بشأنها كما أكد الوزير في كلماته الرصينة ..كما لا أشك في أن الوزير عندما يصل هذا النقاش والحوار البناء  المنتظر من جانب كل المهتمين بالتعليم في مصر لنتائج تعالج هذا الخلل فسوف يكون أول الحريصين على تطبيق ما يتم التوافق عليه من أجل  الخروج من تلك الدائرة المفرغة حتى لو كانت تلك النتائج متعارضة مع ما كان يعتزم الإقدام عليه  . 
الوزير المحترم الدكتور رضا حجازي ..لا تبتأس بما حدث فأمامك مهام جسام  وليس محاربة الدروس الخصوصية فقط والإنجاز فيها على أرض الواقع هو أفضل رد على ما حدث والجميع ينتظر هذا الإنجاز الذي ننتظره سواء في البيئة المدرسية وحل مشاكل الكثافة وتطوير المناهج والارتقاء بمستوى المعلمين والتقويم وكل عناصر العملية التعليمية .
ولا شك أننا أصبحنا في أمس الحاجة للهدوء والدراسة المتأنية وردود الأفعال المحسوبة والمنطقية تجاه كل قضايانا الحيوية  وفي مقدمتها قضايا التعليم .