عبد الصبور بدر يكتب: مصري يستغيث بالسيدة زينب في فرنسا

عبد الصبور بدر
عبد الصبور بدر

قرأت رواية "عصفور من الشرق" لتوفيق الحكيم أكثر من 60 مرة، ومستعد لقراءتها ألف مرة، وكلما ذهبت إلى معرض الكتاب ووجدتها أمامي أشتريها، واحتفظ بنسخة قديمة منها؛ استعرتها من صديق ولم أعدها إليه، ولن أفعل!

 

حفظت الرسالة التي بعث بها "محسن" بطل الرواية إلى حبيبته "سوزي"، عن ظهر قلب، والتي كتبها بعد أن عادت حبيبته إلى الـ"إكس"، وتركته وحيدا بائسا معذبا يستغيث بالسيدة زينب في فرنسا، ويعد النجوم في سماء باريس.

 

لم تدهشني حكاية الحب في الرواية، ولكن قصة الهجر، حين يغادر الحبيب دنياك، فتشعر أنها فارغة، خالية من الونس، بينما الحياة التي كنت تظن أنها خلقت لك وحدك وأنت معه، هي بدونه بلا معنى، وأنت ضائع تسير بلا هدف، ولا ترغب إلا في البكاء على ما وصل إليه حالك.

 

ذهب محسن إلى فرنسا للدراسة، ووقع على بوزه حين شاهد فتاة تقطع التذاكر في شباك مسرح الأوديون، سحرته عيناها ﺍﻟﻔﺎﺭﻭﺯﻴﺘان، فظل يجلس على المقهى المقابل كل مساء يرقبهما في صمت، ويتأملهما بهيام، وحين استبد به العشق مشي خلفها ليعرف أين تقيم ويسكن بجوارها!

 

رآها تدخل فندقا، فعاد إلى مسكنه، يحزم حقائبه وغادره، وقد قرر أن يستأجر غرفة في ذلك الفندق، في الوقت الذي لم يكن يعرف اسمها، ولا يدري إن كانت دخلت الفندق للزيارة أم أنه المكان الذي تعيش فيه!

 

وقف الحظ إلى جوار العاشق المبتدئ، حين تعرف عليها، وتأكد أنها تقيم في الفندق، فاستأجر الغرفة أسفل غرفتها، وعاش معها قصة حب كما يقول الكتاب، يستنشق عطرها حين يحتضنها، ويتذوق خمر شفتيها وهو يقبلها، ويذوب كلما نظر إلى عينيها السماويتين.

 

تملكته الحيرة عندما أراد أن يشتري لها هدية، فقال له صديقه: "عجبا!.. إن فرنسا لم تخلق إلا من أجل النساء". وأشار عليه أن يذهب إليها بقارورة عطر، أو باقة ورد، ولكن محسن رفض، وذهب إلى سوق الطيور، واشترى لها ببغاء يقول "أحبك.. أحبك.." وأطلق على الببغاء اسم محسن!

 

أسبوعان فقط هما عمر الجنة التي عاش فيها محسن، والتي انتهت في تلك الليلة التي دخل فيها الـ"إكس" إلى المطعم وهما يتناولان العشاء، فتغير حال الجميلة، وتبدل قلبها، وكلما تحدث إليها محسن تجاهلته، ولم تنطق بكلمة، وهي تطالع مجلة!

 

فهم محسن أن ساعاته معها أصبحت معدودة، ولم يعد يساوي شيئا، فانسحب من أمامها بعد أن دفع الحساب، وهو يقول لها: إنك تحمليني من الإذلال ما لا أطيق!

 

أما الرسالة التي بعث بها محسن إلى سوزي بعد ذلك - والتي سأترك لكم مهمة قراءتها كاملة من الرواية التي يمكن تحميلها بسهولة من خلال الإنترنت - فهي تكشف حجم الألم الذي يعيش فيه العاشق بعد أن يهجره حبيبه، والنار التي يصطلي بها وهو لا يستطيع أن ينتزعها من قلبه ليعود إليه السلام المفقود.

 

 

وحدهم العشاق من يدركون أن الهجر هو أشد أنواع العذاب، وأنه بلاء عظيم ليس له علاج إلا بالعودة إلى الحبيب المذل القاتل.

 

ليس من حق أحد أن يلوم شيرين عبد الوهاب لأنها عادت إلى حسام حبيب.