ايمن فاروق

الكماليون الجدد .. خدعة جديدة

ايمن فاروق
ايمن فاروق

ما‭ ‬يحدث‭ ‬الأن،‭ ‬داخل‭ ‬تنظيم‭ ‬الإخوان،‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬استمرار‭ ‬لطريق‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬الانهيار‭ ‬والتصدع‭ ‬والإنشقاق،‭ ‬ليكتب‭ ‬نهاية‭ ‬درامية‭ ‬لتلك‭ ‬الجماعة‭ ‬البائسة‭ ‬والتي‭ ‬استغلت‭ ‬الدين‭ ‬كستار‭ ‬لأهدافها‭ ‬الخبيثة،‭ ‬فإعلان‭ ‬التيار‭ ‬الثالث‭ ‬أو‭ ‬مايطلقون‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬التغيير‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬الكماليون،‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬سيناريوهات‭ ‬مأخوذة‭ ‬من‭ ‬ماضي‭ ‬بعيد‭ ‬وتاريخ‭ ‬مليء‭ ‬بالدم‭ ‬والخيانة،‭ ‬كتبه‭ ‬قيادات‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الجماعة‭ ‬الإرهابية‭ ‬ونفذوه،‭ ‬ليأتي‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بتيار‭ ‬التغيير،‭ ‬بعقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬فنادق‭ ‬اسطنبول،‭ ‬وإصدار‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالوثيقة‭ ‬السياسية،‭ ‬تلك‭ ‬الجبهة‭ ‬عقب‭ ‬الإعلان‭ ‬عنها‭ ‬بدأت‭ ‬تنتقد‭ ‬ممارسات‭ ‬الجبهتين‭ ‬المتنازعتين‭ ‬‮«‬لندن‭ ‬واسطنبول‮»‬،‭ ‬ودعت‭ ‬إلى‭ ‬استعادة‭ ‬الأدوار‭ ‬القيادية‭ ‬للشباب‭ ‬داخل‭ ‬التنظيم‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬لتنفيذ‭ ‬تعاليم‭ ‬حسن‭ ‬البنا‭ ‬وسيد‭ ‬قطب،‭ ‬وتنفيذ‭ ‬وصايا‭ ‬الأب‭ ‬الروحي‭ ‬للمجموعة‭ ‬النوعية‭ ‬محمود‭ ‬عزت،‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬زعمهم‭.‬

ما‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم،‭ ‬حدث‭ ‬بالأمس‭ ‬البعيد،‭ ‬وأيضا‭ ‬انشقاقتها‭ ‬بدأت‭ ‬منذ‭ ‬مؤسس‭ ‬الجماعة‭ ‬الإرهابية‭ ‬حسن‭ ‬البنا،‭ ‬وعمر‭ ‬التلمساني‭ ‬ومرورا‭ ‬بإقرارات‭ ‬التوبة‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬بعد‭ ‬عزل‭ ‬مرسي‭ ‬من‭ ‬الحكم،‭ ‬وبداية‭ ‬أول‭ ‬إنشقاق‭ ‬داخل‭ ‬‮«‬الإرهابية‮»‬‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬شباب‭ ‬أطلقوا‭ ‬على‭ ‬أنفسهم‭ ‬‮«‬شباب‭ ‬محمد‮»‬،‭ ‬وهى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬وشباب‭ ‬الإخوان‭ ‬الذين‭ ‬انشقوا‭ ‬عن‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬الإرهابية‭ ‬عام‭ ‬1939م،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬المغلاوي‭ ‬سكرتير‭ ‬لجنة‭ ‬الطلبة‭ ‬والعمال‭ ‬العامة‭ ‬والمحامي‭ ‬محمود‭ ‬أبو‭ ‬زيد‭ ‬مدير‭ ‬مجلة‭ ‬النذير‭ ‬وقتها،‭ ‬وحددوا‭ ‬خلافهم‭ ‬مع‭ ‬الإخوان‭ ‬فى‭ ‬عدة‭ ‬نقاط،‭ ‬أبرزها‭ ‬عدم‭ ‬أخذ‭ ‬قيادة‭ ‬الإخوان‭ ‬بمبدأ‭ ‬الشورى‭ ‬فى‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار،‭ ‬وذلك‭ ‬بالمخالفة‭ ‬لتعاليم‭ ‬السياسة‭ ‬الشرعية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وكذلك‭ ‬عمل‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬تحت‭ ‬لواء‭ ‬الحاكمين‭ ‬بغير‭ ‬ما‭ ‬أنزل‭ ‬الله،‭ ‬ويقصدون‭ ‬به‭ ‬رضا‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬بالعمل‭ ‬السياسى‭ ‬فى‭ ‬إطار‭ ‬القانون‭ ‬الوضعى‭ ‬السائد‭ ‬والذى‭ ‬يحكم‭ ‬العمل‭ ‬الحزبى‭ ‬والنقابى‭ ‬وهاهم‭ ‬بعدها‭ ‬استمروا‭ ‬على‭ ‬إرهابهم‭ ‬وممارسة‭ ‬العنف‭ ‬ولم‭ ‬يتغير‭ ‬شيء‭ ‬ولن‭ ‬يتغير،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬أردنا‭ ‬مقارنة‭ ‬ذلك‭ ‬بما‭ ‬سمى‭ ‬بـ»الوثيقة‭ ‬السياسية‮»‬‭ ‬وتيار‭ ‬التغيير،‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬كثيرا،‭ ‬فما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬محاولات‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬ضعفهم‭ ‬واقترابهم‭ ‬من‭ ‬النهاية‭.‬

كما‭ ‬أنه‭ ‬مايدور‭ ‬بين‭ ‬التيارات‭ ‬الثلاثة‭ ‬للجماعة‭ ‬الإرهابية،‭ ‬ماهو‭ ‬إلا‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التفتيت‭ ‬والتشرذم‭ ‬اقترابا‭ ‬من‭ ‬فصل‭ ‬النهاية،‭ ‬فالبداية‭ ‬كانت‭ ‬جماعة‭ ‬برأسين‭ ‬يديرها‭ ‬جبهتين‭ ‬متناحرتين‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يدير‭ ‬زمام‭ ‬الأمور‭ ‬وكلاهما‭ ‬كشف‭ ‬عن‭ ‬عورات‭ ‬الأخر‭ ‬وحجم‭ ‬الفساد‭ ‬المالي‭ ‬والإداري‭ ‬داخل‭ ‬الجماعة،‭ ‬والأن‭ ‬هي‭ ‬بثلاثة‭ ‬رؤوس،‭ ‬بدخول‭ ‬تيار‭ ‬الكماليون‭ ‬الجدد‭ ‬أو‭ ‬التغيير،‭ ‬وستشهد‭ ‬أيضا‭ ‬انشقاقات‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬القريب‭ ‬العاجل،‭ ‬فما‭ ‬يحدث‭ ‬داخل‭ ‬الجماعة‭ ‬نتيجة‭ ‬طبيعية‭ ‬لحالة‭ ‬الضعف‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬تلك‭ ‬الجماعة‭ ‬الإرهابية،‭ ‬فاستباق‭ ‬تيار‭ ‬إبراهيم‭ ‬منير‭ ‬بإعلان‭ ‬وثيقة‭ ‬سياسية‭ ‬قبل‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬تيار‭ ‬التغيير‭ ‬وإعلان‭ ‬انسحابها‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬صراع‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬تكتيك‭ ‬خبيث‭ ‬اعتاد‭ ‬عليه‭ ‬هذا‭ ‬التنظيم‭ ‬ليظهر‭ ‬بشكل‭ ‬جديد‭ ‬ويحاول‭ ‬استقطاب‭ ‬تعاطف‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬ممكن‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬داخله‭ ‬أو‭ ‬خارجه‭ ‬للتيار‭ ‬الذي‭ ‬يدعي‭ ‬بالتغيير،‭ ‬وكغطاء‭ ‬لما‭ ‬يخطط‭ ‬له‭ ‬التيار‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬العنف‭ ‬ومواصلة‭ ‬الجماعة‭ ‬لإرهابها،‭ ‬فهذا‭ ‬التيار‭ ‬الجديد‭ ‬‮«‬الكماليون‮»‬‭ ‬نشأ‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬اللجنة‭ ‬الإدارية‭ ‬العليا‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬اختيارها‭ ‬بانتخابات‭ ‬أفرزت‭ ‬محمد‭ ‬كمال،‭ ‬عضو‭ ‬مكتب‭ ‬الإرشاد،‭ ‬رئيسا‭ ‬لها،‭ ‬وهو‭ ‬مَن‭ ‬قرر‭ ‬استخدام‭ ‬العنف‭ ‬والإعلان‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أنشأ‭ ‬لجنة‭ ‬‮«‬شرعية‮»‬‭ ‬كانت‭ ‬مهمتها‭ ‬دراسة‭ ‬استخدام‭ ‬العنف‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬‮«‬الشرعية‭ ‬كما‭ ‬يزعمون،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬مخرجاتها‭ ‬ما‭ ‬أسماه‭ ‬‮«‬دراسة‭ ‬فقه‭ ‬المقاومة‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تعميمها‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المكاتب‭ ‬الإدارية‭ ‬للإخوان‭ ‬في‭ ‬مصر‭.. ‬فهذا‭ ‬هو‭ ‬فكر‭ ‬الإخوان‭ ‬واستخدامهم‭ ‬للدين‭ ‬لأجل‭ ‬غرضهم‭ ‬الخبيث،‭ ‬لكن‭ ‬تنظيم‭ ‬الإخوان‭ ‬الإرهابي‭ ‬اضطر‭ ‬للتراجع‭ ‬عما‭ ‬قررته‭ ‬تلك‭ ‬‮«‬اللجنة‭ ‬الإدارية‭ ‬العليا‮»‬‭ ‬من‭ ‬تشريع‭ ‬لاستخدام‭ ‬العنف،‭ ‬لأنها‭ ‬أدركت‭ ‬يقينا‭ ‬أن‭ ‬مواجهة‭ ‬أجهزة‭ ‬الأمن‭ ‬المصرية‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬لها‭ ‬تجاوز‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تتوقعه‭ ‬وأن‭ ‬قوة‭ ‬الأمن‭ ‬المصري‭ ‬صلبة‭ ‬وقوية،‭ ‬ولهذا‭ ‬كان‭ ‬التراجع‭ ‬القوي‭  ‬لأغراض‭ ‬تكتيكية‭ ‬خبيثة‭ ‬من‭ ‬جماعة‭ ‬اعتادت‭ ‬ممارسة‭ ‬الخداع‭ ‬والخيانة،‭ ‬وأيضا‭ ‬إعادة‭ ‬تدوير‭ ‬للعنف‭ ‬تحت‭ ‬ستار‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬ادعاء‭ ‬المظلومية‭ ‬والضعف‭.. ‬لكن‭ ‬الشعب‭ ‬المصري‭ ‬كشفهم‭ ‬ولن‭ ‬ينخدع‭ ‬بتلك‭ ‬الأساليب‭ ‬الملتوية‭. ‬