ما يحدث الأن، داخل تنظيم الإخوان، ما هو إلا استمرار لطريق طويل من الانهيار والتصدع والإنشقاق، ليكتب نهاية درامية لتلك الجماعة البائسة والتي استغلت الدين كستار لأهدافها الخبيثة، فإعلان التيار الثالث أو مايطلقون عليه «التغيير»، أو الكماليون، ما هو إلا سيناريوهات مأخوذة من ماضي بعيد وتاريخ مليء بالدم والخيانة، كتبه قيادات من تلك الجماعة الإرهابية ونفذوه، ليأتي ما يسمى بتيار التغيير، بعقد مؤتمر في أحد فنادق اسطنبول، وإصدار ما يعرف بالوثيقة السياسية، تلك الجبهة عقب الإعلان عنها بدأت تنتقد ممارسات الجبهتين المتنازعتين «لندن واسطنبول»، ودعت إلى استعادة الأدوار القيادية للشباب داخل التنظيم في المستقبل، لتنفيذ تعاليم حسن البنا وسيد قطب، وتنفيذ وصايا الأب الروحي للمجموعة النوعية محمود عزت، على حد زعمهم.
ما يحدث اليوم، حدث بالأمس البعيد، وأيضا انشقاقتها بدأت منذ مؤسس الجماعة الإرهابية حسن البنا، وعمر التلمساني ومرورا بإقرارات التوبة التي بدأت بعد عزل مرسي من الحكم، وبداية أول إنشقاق داخل «الإرهابية» كان من قِبل شباب أطلقوا على أنفسهم «شباب محمد»، وهى مجموعة من قادة وشباب الإخوان الذين انشقوا عن جماعة الإخوان الإرهابية عام 1939م، وعلى رأسهم محمد علي المغلاوي سكرتير لجنة الطلبة والعمال العامة والمحامي محمود أبو زيد مدير مجلة النذير وقتها، وحددوا خلافهم مع الإخوان فى عدة نقاط، أبرزها عدم أخذ قيادة الإخوان بمبدأ الشورى فى اتخاذ القرار، وذلك بالمخالفة لتعاليم السياسة الشرعية الإسلامية، وكذلك عمل جماعة الإخوان تحت لواء الحاكمين بغير ما أنزل الله، ويقصدون به رضا جماعة الإخوان بالعمل السياسى فى إطار القانون الوضعى السائد والذى يحكم العمل الحزبى والنقابى وهاهم بعدها استمروا على إرهابهم وممارسة العنف ولم يتغير شيء ولن يتغير، وإذا ما أردنا مقارنة ذلك بما سمى بـ»الوثيقة السياسية» وتيار التغيير، لا يختلف كثيرا، فما هي إلا محاولات تكشف عن ضعفهم واقترابهم من النهاية.
كما أنه مايدور بين التيارات الثلاثة للجماعة الإرهابية، ماهو إلا مزيد من التفتيت والتشرذم اقترابا من فصل النهاية، فالبداية كانت جماعة برأسين يديرها جبهتين متناحرتين على من يدير زمام الأمور وكلاهما كشف عن عورات الأخر وحجم الفساد المالي والإداري داخل الجماعة، والأن هي بثلاثة رؤوس، بدخول تيار الكماليون الجدد أو التغيير، وستشهد أيضا انشقاقات أخرى في القريب العاجل، فما يحدث داخل الجماعة نتيجة طبيعية لحالة الضعف التي تعيشها تلك الجماعة الإرهابية، فاستباق تيار إبراهيم منير بإعلان وثيقة سياسية قبل عقد مؤتمر تيار التغيير وإعلان انسحابها من أي صراع على السلطة في مصر، ما هو إلا تكتيك خبيث اعتاد عليه هذا التنظيم ليظهر بشكل جديد ويحاول استقطاب تعاطف أكبر قدر ممكن سواء من داخله أو خارجه للتيار الذي يدعي بالتغيير، وكغطاء لما يخطط له التيار الجديد من ممارسة العنف ومواصلة الجماعة لإرهابها، فهذا التيار الجديد «الكماليون» نشأ من رحم ما يسمى «اللجنة الإدارية العليا»، التي تم اختيارها بانتخابات أفرزت محمد كمال، عضو مكتب الإرشاد، رئيسا لها، وهو مَن قرر استخدام العنف والإعلان عن ذلك بعد أن أنشأ لجنة «شرعية» كانت مهمتها دراسة استخدام العنف من الناحية «الشرعية كما يزعمون، وكان من مخرجاتها ما أسماه «دراسة فقه المقاومة»، التي تم تعميمها بعد ذلك على كل المكاتب الإدارية للإخوان في مصر.. فهذا هو فكر الإخوان واستخدامهم للدين لأجل غرضهم الخبيث، لكن تنظيم الإخوان الإرهابي اضطر للتراجع عما قررته تلك «اللجنة الإدارية العليا» من تشريع لاستخدام العنف، لأنها أدركت يقينا أن مواجهة أجهزة الأمن المصرية في مصر لها تجاوز ما كانت تتوقعه وأن قوة الأمن المصري صلبة وقوية، ولهذا كان التراجع القوي لأغراض تكتيكية خبيثة من جماعة اعتادت ممارسة الخداع والخيانة، وأيضا إعادة تدوير للعنف تحت ستار جديد من ادعاء المظلومية والضعف.. لكن الشعب المصري كشفهم ولن ينخدع بتلك الأساليب الملتوية.