خرابيش

«أنتش وأجرى» من الرداءة إلى الانحدار

عصام عطية
عصام عطية

مصر‭ ‬التى‭ ‬أنجبت‭ ‬ابن‭ ‬سينا،‭ ‬وابن‭ ‬الهيثم‭ ‬وابن‭ ‬الفارض،‭ ‬مصر‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬متقدمة‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬العلوم‭ ‬والشعر‭ ‬والأدب،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كنا‭ ‬نلتهم‭ ‬روايات‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬ودروب‭ ‬حاراته،‭ ‬وإحسان‭ ‬عبد‭ ‬القدوس،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كنا‭ ‬نغذي‭ ‬إحساسنا‭ ‬بسينما،‭ ‬تنقل‭ ‬لنا‭ ‬الشخصيات‭ ‬من‭ ‬الورق‭ ‬لتعطيها‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬إبداع‭ ‬جميل،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬آذاننا‭ ‬تسمع‭ ‬موسيقى‭ ‬عذبة‭ ‬جميلة،‭ ‬تنبعث‭ ‬من‭ ‬موسيقار‭ ‬الأجيال‭ ‬وترانيم‭ ‬عوده‭ ‬الجميلة،‭ ‬وصوت‭ ‬العندليب‭ ‬وكوكب‭ ‬الشرق،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬انتهى‭ ‬زمن‭ ‬العمالقة‭ ‬وانتهى‭ ‬زمن‭ ‬الرداءة،‭ ‬أصبحنا‭ ‬نعيش‭ ‬زمن‭ ‬الانحدار‭ ‬وأشباه‭ ‬المغنين‭.‬

انتهى‭ ‬زمن‭ ‬الرداءة‭ ‬وجاء‭ ‬زمن‭ ‬الانحدار،‭ ‬ولا‭ ‬أدري‭ ‬كيف‭ ‬تم‭ ‬الانتقال‭ ‬بنا‭ ‬من‭ ‬زمن‭ ‬إلى‭ ‬آخر،‭ ‬عندما‭ ‬تستيقظ‭ ‬وتجد‭ ‬الدينا‭ ‬بفضائياتها‭ ‬مشغولة‭ ‬بكلمات‭ ‬انتشرت‭ ‬كالجراد‭ ‬بين‭ ‬الشباب‭ ‬بتقول‭ ‬اإتي‭ ‬شندر‭ ‬مايا‭ ‬هورتى،‭ ‬أتا‭ ‬أتا‭ ‬إتي‭ ‬مونتو،‭ ‬إتي‭ ‬شندر‭ ‬أيا‭ ‬هورتي،‭ ‬أنتش‭ ‬وأجري،‭ ‬أنتش‭ ‬وأجري،‭ ‬تراباتاتا‭ ‬نوبن‭ ‬كيرا‭ ‬تتش‭ ‬يور‭ ‬يوبومساكين‭ ‬شيراتونب‭ ‬ويكررها‭ ‬وراءهم‭ ‬الفنانون‭ ‬القدوة‭ ‬وتخرج‭ ‬القنوات‭ ‬بعمل‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬صاحب‭ ‬الكلمات‭ ‬الذى‭ ‬هبط‭ ‬علينا‭ ‬من‭ ‬فوق‭ ‬السطوح،‭ ‬فهذا‭ ‬يؤكد‭ ‬أنه‭ ‬عصر‭ ‬الانحدار‭ ‬السريع،‭ ‬عصر‭ ‬ارتفع‭ ‬فيها‭ ‬سعر‭ ‬الجاهل‭ ‬الجريء‭ ‬بتاع‭ ‬الإعدادية‭ ‬العامة‭ ‬مثلما‭ ‬يقول،‭ ‬وانخفض‭ ‬سعر‭ ‬المثقف‭ ‬المتواضع‭ ‬والصوت‭ ‬الجميل،‭ ‬انتش‭ ‬وأجري‭ ‬مخترع‭ ‬رقصة‭ ‬الأوتو‭ ‬مونتو‭ ‬على‭ ‬السطوح‭ ‬اشتهر‭ ‬وبقى‭ ‬على‭ ‬التليفزيون‭ ‬المصرى‭ ‬العظيم‭.‬

الفضائيات‭ ‬وجريها‭ ‬وراء‭ ‬التريند‭ ‬صنعت‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬شاب‭ ‬وبنت‭ ‬بيحاول‭ ‬يتعلم‭ ‬أو‭ ‬يجتهد‭ ‬الإحباط‭ ‬لأن‭ ‬الجهل‭ ‬دلوقت‭ ‬هو‭ ‬اللى‭ ‬راكب‭ ‬الطريق‭ ‬بمساعدتكم،‭ ‬تشعر‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬إعلاما‭ ‬موجها‭ ‬ضدنا‭ ‬وضد‭ ‬ثقافتنا‭ ‬وتراثنا‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬هذه‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬نعتبرها‭ ‬رذيلة‭ ‬تدمر‭ ‬الأجيال‭ ‬الصغيرة،‭ ‬فأين‭ ‬المصنفات‭ ‬والرقابة‭ ‬على‭ ‬انتشار‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التفاهات‭ ‬المدمرة‭ ‬للمجتمع‭ ‬وماذا‭ ‬بعد‭ ‬عصر‭ ‬الانحدار‭.‬