صالح الصالحي يكتب: سحقا لأحلامكم

صالح الصالحي
صالح الصالحي

سيناريوهات مرعبة لصدام القوى الكبرى الفاعلة فى العالم تزداد معه ضحايا لشعوب من لا جمل لهم ولا ناقة

سحقا لأحلامكم وأولوياتكم التى تنحسر فى الهيمنة على مقدرات الشعوب على مدار عقود من الزمان.. سحقا لمساعيكم التى تجعلكم تشعلون لهيب النزاعات وتؤججونها من أجل طموحاتكم الدنيئة والتغطية على فشل سياستكم الداخلية أو حتى لتحقيق ضربة لإنجاحكم وتحسين صوركم أمام شعوبكم.. سحقا لرغباتكم المشبوهة التى لا تحقق سوى مصالحكم على رفات ودماء وتجويع الشعوب على موائدكم اللئيمة.. سحقا لنخب العولمة الغربية.. سحقا لمكاسب من مقدرات الشعوب تتربعون بها على قمة هرم منهار يمثل الحضيض السافل فى مواجهة المشردين واللاجئين فى بلدان حُطمت على أيديكم فى سيناريوهات السيئ والأسوأ المتمحورة حولكم وحدكم ومعها أصبح العالم ألعوبة فى أيدى مهيمنى القوة والسلاح والاقتصاد والتكنولوجيا الذين يتلاعبون بها فى حروب استعراض القوى يحققون ثروات بنزيف الشعوب وتجويعهم، فما من منطقة أو بؤرة فى العالم إلا وتحولت لمنطقة مشتعلة تعبث بها الأيادى لصالح مصالح دول معينة تلقن الدروس لإخافة الكل والسيطرة على العالم، حتى وإن خلت بعض المناطق منها فإن الموعد قريب بعد الانتهاء من الحروب الدائرة هناك وسيتم الانتقال إليها لإكمال نتائج المباريات الحروبية.

ومنذ بدأت الحرب الروسية - الأوكرانية تحولت أنظار العالم نحو هذه الحرب .. وكعادة إلهاء الشعوب تجد هناك ليس فقط ضحايا لأطراف الحروب المباشرة بل ضحايا آخرون فى قضايا غير عادلة قد تجمد مصالحهم بإهمال شديد وكأنهم أخذوا حقهم من الظلم والتشريد والحروب الثنائية المظهر ..الآن لم تعد هكذا كما تبدو، إنما هى لأحلاف خفية وظاهرة تدار فيها الحروب بالوكالة وتعم الخسائر والمكاسب على حد سواء فنجد الحرب الروسية - الأوكرانية طالت آثارها الاقتصادية والسياسية والإنسانية من لاناقة لهم ولا جمل فانعكست تداعياتها على المشهد الدولى بأثره والنظام العالمى القائم ما بعد الحرب العالمية الثانية.

فقد كانت الولايات المتحدة حاضرة منذ اللحظة الأولى أو حتى قبل اندلاعها وإعلانها موعد ضرب الجانب الروسى للأوكراني!!، لتتخذها فرصة من أجل الحفاظ على الهيمنة العالمية ونظام القطب الواحد الذى حكم العالم بعد نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتى، والذى أصبحت فيها الولايات المتحدة قوة الردع الأولى فى العالم بامتلاكها القدرات الصلبة والناعمة وقدرات التأثير وحشد الدعم الدولى على مستوى العالم.. ولكن فى العقد الثانى من القرن الحالى بدأت تتراجع الهيمنة الأمريكية وبدأت مؤشرات عودة تعدد الأقطاب لنظام عالمى جديد خشيت الولايات المتحدة من تأثيره عليها فبجانب القوى الاقتصادية والعسكرية لروسيا فهناك صعود اقتصاديات مثل: البرازيل وجنوب أفريقيا والهند كما أن الصين أصبحت قوى اقتصادية وعسكرية تهدد هذا القطب بشكل مفزع بالرغم من العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، كما أنها أصبحت شريكا وحليفا إستراتيجيا لروسيا ناهيك عن الشركات القوية لها فى مناطق نفوذ الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط.. مما أظهر النظام الأمريكى العالمى فى مظهر الهَرِم داخليا وخارجيا مما دفعها لتشجيع تأجيج الصراع الروسى -الأوكرانى كوسيلة لدفع روسيا للتهلكة وجعل من أوكرانيا وقودا للمدافع الأمريكية لمحاولة إطالة أمد الصراع.

وعلى الجانب الآخر تحرك روسيا المطامع أيضا فأصبحت تريد مواجهة ليست أوكرانيا الجارة ذات الأبعاد الإستراتيجية فقط إنما فتح الطريق للتدخل الروسى فى شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا بعدما لُوح بانضمام أوكرانيا لحلف الناتو مما يعنى وجود قوات الناتو وأسلحة أمريكية على حدودها القريبة، ولا يخفى الرئيس بوتين أطماعه أيضا ورغبته فى القضاء على الهيمنة الأمريكية وتوعده بإنهاء النظام العالمى أحادى القطبية.

فتنعكس كل هذه الأطماع على مشهد حافل بارتفاعات لكافة أسعار السلع وتعذر وصول الحبوب لدول عديدة وارتفاع أسعار النفط والغاز العالمى.. والمثير للدهشة تجدهم هم أنفسهم من يستفيدون من زيادة هذه الأسعار رغم الضغط أو العقوبات المفروضة على الجانب الروسي!!.. فالنفط بفضل الأزمة الأوكرانية - الروسية زادت أسعاره نتيجة حدة الصراعات العالمية التى معها رفضت أوبك + زيادة إنتاجها عن ٢ مليون برميل يومياً رافضاً الضغوط الأمريكية لزيادة الإنتاج للحفاظ على أسعاره.

وكلما اشتدت الأزمة تجد السيناريوهات المرعبة المتمثلة فى صدام القوى الكبرى الروسية والأمريكية والصينية يقترب أكثر فى الأفق ليشير لمزيد من الضحايا لنظام يريد ان يتعدد أو يتوحد لصالح طرف أو أطراف على حساب الآخر.. فالعالم أصبح الآن تحكمه ليست المصالح المشتركة بل رغبات السيطرة والتحكم التى يزداد معها الصراع.. فالعالم يشهد تحولا نحو نظام تشير التوقعات إلي أنه يتجه نحو تعدد الأقطاب.. بالرغم من محاولات الولايات المتحدة لإبقاء الوضع على ما هو عليه، لكن التحليلات تشير لنجاح روسيا فى منطقة الشرق الأوسط سواء مع إيران أو تركيا أو حتى فى سوريا كذلك مع العديد من دول الخليج وخاصة أن منهم من رفض إدانة العدوان الروسى كما أن الصين رفضت الموافقة على العقوبات الأمريكية على روسيا باعتبارها الحليف الإستراتيجى الأول لها.

فى وقت صعدت الصين للمرتبة الثانية عسكرياً واقتصادياً عالمياً، وتؤكد التحليلات أنه أيا كانت نتائج الحرب الروسية - الأوكرانية فإن الصين عازمة على عمل عسكرى واسع المدى فى تايوان ضاربة بكل التهديدات الأمريكية عرض الحائط.. ومن ناحية أخرى فإن العلاقات العربية مع الصين آخذة فى النمو وخاصة أبرز حلفاء الولايات المتحدة الإمارات والسعودية فى وقت أدرك الجميع أن الولايات المتحدة لا تدعم حلفاءها فى المنطقة.

وإذا كانت حرب بوتين فى سوريا مجرد بروفة لتحقيق أحلامه فقد كانت مقدمة ناجحة جعلته يخوض الحرب الأوكرانية لخلق عالم متعدد الأطراف.


فى مشهد أصبح فيه جميع القوى العالمية تخوض معارك وصراعات لتحقيق مصالحها ومكاسبها ولا يهم فى طريقها أن تسبب خسائر فى الأرواح وفى الغذاء، إلا أنه يتحقق معه ازدهار فى تجارة الأسلحة فى حروب المكسب لهم وحدهم والخسارة للجميع لتصبح صيغة السؤال متغيرة فبدلاً من أن نتساءل متى ستنتهى الحرب الروسية - الأوكرانية أصبحنا نتساءل عن بؤر الصراع الجديدة التى تشهدها الحروب فى المستقبل المجهول، الذى يبدو عليه أنها عمليات لن تتوقف سواء بدفع روسيا أو الصين أو حتى الولايات المتحدة التى تلوح بالصدام المباشر إن لزم الأمر فى صراعات الهيمنة والسيطرة؟!

أهل الشر
لا يمر يوم علينا دون أن يطالعنا أهل الشر بروايات مغلوطة وتشكيك فى انجازات على أرض الوطن لا ينكرها إلا جاحد.


فتجدهم يلتقطون طرف الحديث أو حتى يجتزئونه من مضمونه ليسيل لعابهم على أى نقاط ضعف أو حتى هامش خسارة وارد حدوثه فى أى قطاع وأى مشروع، وتجدهم يجندون كتائبهم الالكترونية وقنواتهم المشبوهة فى المعارضة الخائنة لتشويه كل جميل وتصيدهم فى الماء العكر إذا ما واجه البلاد أى تعثر فى ظل أزمات عالمية تطحن العالم كله.. فالعالم يمر بأزمات غذاء وطاقة وزيادات غير مسبوقة فى التضخم وأسعار السلع وموجات من الركود.. فتجد الدول الجارة لنا فى المنطقة خير مثال على معاناة تفوق معاناتنا بكثير رغم التعداد السكانى الغالب لنا وندرة الموارد بالقياس لهذا التعداد.. ونجد أهل الشر الذين وصفهم الرئيس عبد الفتاح السيسى بهذا الوصف من منطلق أنهم لا يريدون لهذه البلاد أن تستقر وأن تعبر طرقها للأمام.. تجدهم فى كل مناسبة على مدار السنوات الثماني الماضية يقودون الحملات التى تدفع للفوضى والتفكك.. فبالأمس القريب قادوا حملات لمقاطعة الاستحقاقات الدستورية حتى تظل البلاد فى نفق مظلم ولا تعبر إرهاصات الثورة.

أهل الشر هم الإخوان وحلفاؤهم وأمثالهم فى الداخل والخارج، الذى أتصور أن من بالخارج أكثر ممن هم بالداخل الذين تستخدمهم القوى المعادية للبلاد لزعزعة الاستقرار الداخلى والسلام الاجتماعى فيهيلون التراب على كل إنجاز واستقرار وأمن وأمان للبلاد وينكرون ان مصر أصبحت تجربة رائدة تتوق إليها كل دول المنطقة، فهى حققت المعادلة الصعبة بالعبور الآمن لمرحلة البناء وخلفها جيش قوى يحمى حدودها ودولة يحترمها الجميع ويقيم معها علاقات على قدم وساق من الاحترام والتكافؤ.


دمتِ يا مصر قوية مهما كان أعداؤك على مر السنين.