كنوز| عندما قال «الحكيم»: لقد عبرنـا الهزيمة

توفيق الحكيم
توفيق الحكيم

أطلقت انتصارات حرب أكتوبر المجيدة، خيال كبار المفكرين والكتاب الذين أصابهم اليأس والإحباط والغم والهم والانكسار من تأثير النكسة التى مُنيت بها قواتنا المسلحة فى حرب 1967، وجعلت إسرائيل تزهو بأنها صاحبة اليد الطولى والجيش الذى لا يُقهر، ومن هؤلاء مفكرنا وكاتبنا الكبير توفيق الحكيم الذى لم يكن يتوقع حرب أكتوبر.

أو يسمع ويرى الانتصارات المتلاحقة لقواتنا المسلحة فى السادس من أكتوبر 1973، لكنه رأى بعينه مشهد الأسرى الإسرائيليين وهم يضعون رءوسهم فى الأرض ويحاولون إخفاء وجوههم عن كاميرات التصوير، فأمسك بقلمه وكتب مقالا فى «الأهرام» بعنوان «عبرنا الهزيمة» يقول فيه: 

«عبرنا الهزيمة بعبورنا إلى سيناء، ومهما تكن نتيجة المعارك فإن الأهم الوثبة، فيها المعنى: أن مصر هى دائما مصر، تحسبها الدنيا قد نامت ولكن روحها لا تنام، وإذا هجعت قليلا فإن لها هبة، ولها زمجرة ثم قيام.

وقد هبت مصر قليلا وزمجرت ليدرك العالم.. ما تستطيع أن تفعل فى لحظة من اللحظات، فلا ينخدع أحد فى هدوئها وسكونها.

وكانت يدها التى بدرت منها حركة اليقظة هى جيشها المقدام بصيحة رئيسها الوطنى بالقيام. سوف تذكر مصر فى تاريخها هذه اللحظة بالشكر والفخر».

وتابع: «نعم، عبرنا الهزيمة فى الروح، وشعرنا أنه قد حدث ويحدث فى داخلنا شىء.

لقد كان جو الهزيمة جو سجن واختناق. والآن نحن نتنفس هواء نقيا، هواء الحرية والانطلاق، وهذا هو المعنى الحقيقى للانتصار، إنه ليس فى مجرد كسب المعرفة الحربية، بل هو فيما يحدث فى النفوس بعدها ونتيجة لها»، وأوضح مكاسب النصر قائلا: «إن الكسب الحقيقى للمعارك الحربية إنما هو فى نوع الجهاد ودرجة البسالة وروح البطولة، وليس فى مجرد الكسب المادى المعتمد على المعدات والآلات.

وكسبنا الباقى لنا دائما بعد اليوم هو فى الروح التى انطلقت عن سجن الإحساس بالهزيمة، هزيمة النفس التى لم تقاوم ولم تجاهد، روحنا المنطلقة اليوم بعد جهادها البطولى هى التى سوف تتجلى غدا فى الأعمال الرائعة التى ينتجها الفكر المصرى فى مجالاته العديدة».

من مقال «عبرنا الهزيمة» 

إقرأ أيضاً|توفيق الحكيم.. موقف لن ينساه داخل أحد المقاهى