محمد بركات يكتب: رحل.. وبقى اللغز

محمد بركات
محمد بركات

يوم السبت الماضى ودعت روسيا الاتحادية فى مراسم جنائزية محدودة بالعاصمة «موسكو» «ميخائيل جورباتشوف» رئيس الاتحاد السوڤيتى السابق، الذى غادر الحياة بعد رحلة حافلة وطويلة امتدت « ٩٢» عاما.

وبوفاة جورباتشوف ودفنه أُغلقت حقبة كاملة من التاريخ الخاص برؤساء وزعماء الاتحاد السوڤيتى السابق، حيث كان « جورباتشوف» آخر هؤلاء الزعماء الباقين على قيد الحياة، قبل ان يلفظ انفاسه الأخيرة مساء الثلاثاء « ٣٠» اغسطس الماضى فى احد المستشفيات الروسية.

كما كان هو أيضا واضع النهاية للاتحاد السوڤيتى نفسه، حيث أدت سياساته وقراراته خلال فترة حكمه، التى بدأت فى عام ١٩٨٥ واستمرت ست سنوات، إلى تفكك وانهيار الاتحاد السوڤيتى واختفائه من الوجود على الساحة الدولية.

وبموت « جورباتشوف» مات معه سره، المتعلق بحقيقة دوره فى انهيار وتفكيك الاتحاد السوڤيتى، وانتهائه كقوة وكتلة دولية ضخمة ومؤثرة تضم دول أوروبا الشرقية، وتفرض وجودها على الساحة الدولية بقيادة « روسيا»، فى مواجهة الكتلة الدولية الاخرى التى تضم دول اوروبا الغربية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية.

وبالرغم من موته لم ينته الجدل الخاص بصحة أو عدم صحة التكهنات التى راجت حول كونه عميلًا سريًا للمخابرات الامريكية، نجحت فى زرعه فى دائرة السلطة والنفوذ فى الحزب الشيوعى السوڤيتى، ليقوم بدوره فى وضع نهاية للاتحاد السوڤيتى.

ولكن على النقيض من تلك التكهنات، هناك من يرون فى « جورباتشوف» زعيما جديرا بالاحترام، بوصفه الزعيم الذى أدت سياساته المرنة مع الغرب لوضع حد لسباق التسلح النووى، وبدء التقارب والتفاهم بين الشرق والغرب ثم إزالة وسقوط جدار برلين الذى أدى لإعادة توحيد المانيا، وهو ما استحق عليه جائزة نوبل للسلام عام ١٩٩٠.
وهكذا ما زالت الحقيقة غائبة ومازال اللغز باقيا بعد رحيل الرجل ودفنه، ومازال السؤال حول دوره الحقيقى دون إجابة شافية.