«جيلان» تغرق فى الخيال | «الطائفة» تواجه ضباب الشمال!

«جيلان» تغرق فى الخيال | «الطائفة» تواجه ضباب الشمال!
«جيلان» تغرق فى الخيال | «الطائفة» تواجه ضباب الشمال!

بقلم : محمد سرساوى

هل يمكن أن تتحول عروس البحر إلى مدينة أشباح، وماذا يحدث إذا تحولت مدينة الإسكندرية إلى منطقة مهجورة، لا يرغب أحد من الناس فى الذهاب إليها؟، سؤال تحاول أن تجيب عنه الأديبة جيلان الشمسى عبر روايتها الجديدة «الطائفة» التى تحكى عن أعضاء منظمة «الطائفة» التى تحاول إنقاذ الإسكندرية من الضباب الذى صار يحاصرها.

وتقول جيلان عن الرواية -الصادرة عن دار العين للنشر-: فكرة الرواية قديمة جدا بداخلى، وقد بدأت الكتابة فيها فعليا منذ 2012، لكنها لم تكن بنفس الشكل الحالى لها، ولأننى ارتبطت وجدانيا- بتلك الفكرة فقد تطورت فى ذهنى بمرور السنوات.

واتخذت عدة أشكال وأفكار قبل أن تتحول إلى شكلها النهائي، توقفت عن إكمالها لفترة أثناء كتابة مجموعتى القصصية (كأن تنقصه الحكاية) التى صدرت عام 2018، ثم عاودت العمل فيها مرة أخرى، الفكرة الفلسفية التى كانت وراء أحداثها ظلت تطاردنى لفترات طويلة، فكرة العود الأبدى كانت هى المحرك الرئيسى داخلى والمزج بين زرادشت وديونيسيوس، أردت أن أخط كل تلك الأفكار التى كانت داخلى، وهكذا نشأت رواية (الطائفة) شيئا فشيئا، وقد تحدثنا مع جيلان عن روايتها عبر السطور التالية:


جعلت مدينة الإسكندرية منطقة مهجورة، فكيف يمكن أن يحدث ذلك؟
-الإسكندرية بالنسبة إلى ليست هى فقط المدينة التقليدية والبحر والأجواء المعتادة التى يحبها الجميع، أنا أحب الكتابة عن (إسكندريتى) الخاصة بى. إسكندرية بالنسبة إلى هى ذلك المنزل، ذلك المكان الذى تنتمى إليه بطريقة أو بأخرى، أحيانا تظهر بوضوح كما نعتادها.

وأحيانا أخرى تتحول إلى مدينة أخرى ليست بشكلها التقليدى، الإسكندرية فى الرواية هى بوابة لحلول الضباب من الجانب الشمالى إلى الجنوبى، كما هى فى حقيقة الأمر تلك النافذة على مر العصور، تشكل الإسكندرية ركنا أساسيا فى تفكير الطائفة، فتلك المدينة حتى وسط الضباب وتحولها إلى مدينة مهجورة ينزح سكانها إلى الجنوب.

تشكل محورا أساسيا داخل شخصيات الرواية، كأنها ركيزة داخلهم لا يستطيعون التخلى عنها أو البعد لمكان آخر، فتتقاطع المسارات فيها طوال الوقت، تبقى الإسكندرية محورية رغم الضرورة التى تبدو ملحة لهجرانها، والابتعاد عنها. لكنها تشكل بطريقة ما المنزل الذى تحيا أفكارهم داخله.


الطائفة منظمة، انشأها بعض الشباب الجامعى، هدفها حماية المدينة من الضباب، فمتى يلجأ الشباب إلى مثل ذلك؟
أفراد الطائفة كانوا مجرد أصدقاء يرون الخطر المحدق بهم طوال الوقت محاولين تنبيه الجميع دون أن يصدقهم أحد، لم تكن الطائفة منظمة بأى حال من الأحوال، بل كانوا طوال الوقت مجموعة أصدقاء يشكلون تجمعا خاصا بهم يحمل طاقتهم وأفكارهم، طائفة تذكرنا بالطوائف التى اشتهرت مثل مانسون وغيره. مجموعة أصدقاء يؤمنون من داخلهم بأنهم حقا سيجدون الكتاب المفقود، يؤمنون بفكر فلسفى معين يجتمعون حوله وتتشكل علاقاتهم الشخصية طبقا له.


فكرتا: «الديستوبيا» و»المنظمات» تم تناولهما فى أعمال إبداعية سابقة فكيف استطعت أن تبتكرى رؤية جديدة لهاتين الفكرتين؟
-فكرة «الدستوبيا» فى رواية الطائفة ليست قائمة على حدث يؤدى إلى نهاية العالم قدر ما هى فى النهاية تقوم على فكرة فلسفية تؤدى إلى هذه النهاية تمهيدا لظهور عوالم أخرى، وليس الأمر هنا متعلقا بوباء، أو تغيرات مناخية أو ظهور كائنات فضائية، بقدر ما تقوم على فكرة العود الأبدى التى تحتم تكرار العالم، لم يكن الضباب هنا نتيجة لأية ظاهرة طبيعية أو غيرها قدر ما كان محركا لفكرة فلسفية كى تكون هى نتيجته وليس العكس. طوال الوقت يتحرك العالم الخاص بهم حول فكرة العود الأبدى كفكرة خالصة دون أى مؤثر خارجى.


قمت بتحويل الفيلسوف الألمانى نيتشه وزرادشت إلى شخصيات روائية، فما سبب انجذابك لهاتين الشخصيتين؟
(نيتشه) فيلسوف عظيم وطالما افتتنت به، حتى طريقة كتاباته لأعماله كلها لم تكن بتلك الطريقة الأكاديمية المجردة، قدر ما تحمل كلماته وسطوره ذلك الحيز الواسع من التأويل والتفكير.

وليس باستنتاجات منطقية أو حجج كعادة الفلاسفة عامة والفلاسفة الألمان خاصة، منذ كتابه الأول (مولد التراجيديا من روح الموسيقى) تجد فيلسوفا عصيا على التصنيف فى عصره وأن أعماله وحياته سلسلة متصلة وروح واحدة لا تستطيع فصلها بعضها عن بعض، فى رأيى بلغت ذروتها فى كتابه الأشهر (هكذا تكلم زرادشت).

«زرادشت» و»ديونيسيوس» تجدهما فى جميع كتاباته، حتى لو لم يصرح بهم. «نيتشه» نجح فى إعطاء إله إغريقى مثل «ديونيسيوس» بعدا فلسفيا مختلفا عن جميع التأويلات التى سبقته، وكذلك فعل فى الحكيم الفارسى «زرادشت».
 

اقرأ ايضا | منير عتيبة يكتب: أعمال تنشر لأول مرة لمحمد حافظ رجب