مصر الجديدة:

الاختيار الضائع

إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد

لأننى من المتابعين للسوشيال ميديا، أحيانا أعتبر نفسى مجنونا.

ليس لما أراه أمامى من أوهام صارت حقائق، أو حقائق صارت أوهاما فقط، لكن مما أقرأه من تعليقات الآلاف التى تزداد وتملأ الفضاء، كلما كان ما يعلقون عليه لا يخص أحدا غير صاحبه أرى الآلاف يعلقون على فنان كتب أو أصدر فيديو عن مشاكله مع زوجته أو ابنائه.

أسأل نفسى وماذا يهم الناس ليفعل ذلك؟  لكن السؤال التالى وماذا يهم الناس ليعلقوا عليه كل هذه التعليقات؟ عن نفسي أتجاوز ذلك ولا أقف عنده.

أرى آلاف التغريدات عن كيف يكون الحب، وكيف يكون أو تكون، من تتزوجينه أو من تتزوجها، ولا أعلق.

والسبب هو أن هذه أمور نسبية لا قوانين صارمة فيها، والتجربة الخاصة بكل فرد لا تشمل كل الأفراد. هذا إذا كانت هناك تجربة أصلا لمن يقدم هذه النصائح. الاختيار الضائع عمن يعلقون على هذه البوستات أو التغريدات، هو أنها «لا تخصه».

أقول هذا ليس بحكم العمر مثلا، رغم أن عمرى وتجاربى فى الحياة، تجعل ممكنا لى أن أقدم فيها المشورة، لكن لأن العلاقات الإنسانية ليست نوعا من العلوم، إنما هى بنت الخبرة الشخصية لمن يمارسها أو يعانيها أو حتى ينجح فيها، فخلف كل ذلك ما قد لا يحدث لغيره.

القضايا العامة هى ما يشغلنى وما يجب أن يشغل الجميع، رغم معرفتى أن آراءنا فيها لم تعد تهم أحدا لكن من يدرى!

فلو لم تكن تفهم فى الاقتصاد مثلا، وتقرأ عن أزمة العملة الصعبة في مصر، فليس صعبا أن تقول إن ذلك يستدعى مراجعة كل السياسات السابقة، وإلا من أين أتت الأزمة! ذلك يحدث وأراه أمامى وأهتم بقراءته وكثيرا ما أعلق عليه، لكن الحب والكره والزواج لا أقف عندها، فهى كما قلت تخص أصحابها.

شيء آخر من عجائب السوشيال ميديا وهو الشتائم التي يتطوع بها من لا تعرفه لأنه لم يعجبه رأيك.

وبعيدا عن اللجان الإلكترونية، هناك من يسألك سؤالا يكشف لك كم هو كسول لم يفكر حتى أن يعرف عنك شيئا، فما بالك أنه لم يقرأ عنك ولا لك، لأنه يسألك سؤالا من نوع لماذا لم تكتب شيئا عن كذا أو كيت، بينما لو كلف نفسه بالدخول إلى جوجل، لا أقول يقرأ كتابا لك، وكتب عنوانا مثل مقالات فلان، سيجد فيها ما يسأل عنه، أو غيره مما يوضح اهتمام من يلومه بالشأن العام. سيجد مقالات عديدة لمن ينتقده.

لا يفكر أن يفعل ذلك ولا يفكر في الاختيار الضائع وهو ألا يهتم أفضل. هذا الاختيار الضائع  بدونه يدخل الكثيرون جدا في نزاع لا معنى له. أى مقهى تدخله تجده حافلا بالضجيج، فالأفضل أن تخرج منه. ومن يفعل ذلك لا يدرك أن الخروج سهل «بالبلوك» أو «الميوت» ورغم ذلك يستمر الكثيرون.