قد يرى البعض أن توجه الحكومة لخفض استهلاك الكهرباء فى المبانى الحكومية فى الفترات الليلية وتشجيع المواطنين على تخفيض الاستهلاك ناتج عن وجود نقص فى إمدادات الكهرباء فى الدولة المصرية.. حقيقة الوضع أننا دولة لديها فائض فى الكهرباء ولدينا مشاريع ربط مع بعض الدول العربية والأوروبية لتصدير الكهرباء.. أما سبب مطلب رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولى بخفض استهلاك الكهرباء خلال الفترة القادمة فهو فى الحقيقة فرصة لمصر فى ظل الأزمة العالمية لزيادة الموارد من العملات الأجنبية..
حكاية الكهرباء أن محطات توليد الكهرباء فى مصر تعمل بالغاز الطبيعى وأن ٦٠٪ من حجم إنتاج الغاز المصرى يذهب لتشغيل محطات الكهرباء.. الحكومة ومن خلال الفرص البديلة توصلت إلى أنه من الممكن تقليل نسبة تشغيل المحطات بالغاز واستبداله بالمازوت الأرخص سعرا بعد أن وصل سعر المليون وحدة من الغاز فى الأسواق العالمية إلى ٣٠ دولارا وهو رقم كبير جدا لسعر الغاز وبالتالى من الممكن تقليل الكميات المستخدمة فى محطات الكهرباء واستبدالها بمصدر طاقة آخر خاصة أن سعر المليون وحدة تسليم وزارة البترول المصرية إلى وزارة الكهرباء مايعادل ٣ دولارات فقط .. ليس عيبا ان يتضامن الشعب مع الدولة وأن نعمل جميعا للاستغلال الأمثل لمواردنا خاصة أن إجراء توفير أو ترشيد استهلاك الكهرباء مع بعض الإجراءات الأخرى من الممكن أن يوفر للدولة حوالى مليارى دولار سنويا فى ظل ازمة عالمية طاحنة ومن الممكن أن يتم توجيه المبلغ لشراء السلع الاساسية.. من السهل جدا اختزال الأفكار فى أنها أفكار لصالح الحكومة فقط وان الترشيد سيكون بديله رفع اسعار الكهرباء..
الحقيقة عكس ذلك تماما لأن الدولة المصرية تعرف جيدا ظروف المواطن وتحاول بقدر المستطاع ايجاد حلول وبدائل تساعد الجميع على عبور الأزمة العالمية والمتمثلة فى ارتفاع الأسعار بأقل الخسائر .. بالمناسبة جميع دول العالم وخاصة الدول الأوروبية اتخذت اجراءات حاسمة لتقليل استهلاك الكهرباء نظرا لأزمة الغاز.. ونحن وبفضل الله لدينا فائض.. ولدينا ايضا فرص لتعظيم العائد من صادرات الغاز ليكون مصدر دخل جديدا لزيادة موارد الدولة من النقد الاجنبى.. دعونا نعبر الازمة معا لانها ازمة مستوردة وليست من صنع الحكومة.. ودعونا نبدأ ترشيد الاستهلاك لتقليل قيمة فاتورة الكهرباء ولو فى مرحلة عبور الأزمة.. لأن العائد سيستفيد منه الجميع .. أطالب السيد رئيس الوزراء بتكليف الحكومة بالبحث عن فرص جديدة فى هذا التوقيت تحديدا لأن الفرص تخرج من رحم الأزمات وفى مصر لدينا فرص كبيرة فى إحداث انطلاقة صناعية لو نجحنا فى حل المشاكل والعقبات التى تواجه الصناعة والاستثمار.. وتحيا مصر.
