عصام السباعي يكتب: إياكم وصدأ القلوب والعقول!

عصام السباعي
عصام السباعي

حب الوطن يحتاج إلى قلوب تنبض حباً، وليس كراهية وسمًّا، فهو يعيش بقلوب لم يصبها الصدأ.. أنسجتها حية، وشرايينها بضة لا يعوق تدفق الدماء فيها كاره ولا حاقد ولا مغيب عقل، ولا متطرف ولا جاهل، حب الوطن يتطلب ملتزمين بالقانون الإلهى الذى يفرض علينا المحبة للجميع وفعل الخيرات والتسامح، والقانون الإنسانى الذى يجبرنا على احترام حريات الآخرين والحفاظ على حقوق الدولة، وأن نكون واعين وقادرين على الحوار، ومناقشة الأفكار بالأفكار، وانتقاء الأصلح، واختيار الصالح، وعندها تتقدم الأوطان، ولكم أن تتخيلوا ماذا يمكن أن يحدث عندما يكون الحال هو العكس، فتضيع المحبة، ويختفى التسامح، ويغيب الوعى، وتصدأ القلوب والعقول، ودعونى أشرح ما أريده فى تلك النقاط المتتالية التى يشرح كل منها الأخرى ويكمل معناها.

1 - الوعى هو أول المبتدا، وقد ركزت على ذلك المعنى الأسبوع الماضى عندما تناولت التعديلات الوزارية الأخيرة، وأشرت إلى التأكيد المستمر من جانب الرئيس عبد الفتاح السيسى، على ضرورة نشر وتعميق الوعى العام، وقد كان ذلك على رأس توجيهات الرئيس للوزراء الجدد، وذلك لأن له دوراً كبيراً وملموساً فى وأد أى محاولة للثعالب الحقيرة لاستغلال أى محنة أو موقف طارئ فى تشويه الحقائق وتلغيم الأجواء من أجل مصالحهم اللا وطنية واللا إنسانية.

2 - نجحت الحكومة بتشكيلها الجديد فى أول اختبار لها، بعد لحظات من حلف أعضائها الجدد اليمين الدستورية، وأجادت فى أداء واجبها فى التعامل مع حريق كنيسة المنيرة ثم كنيسة المنيا على جميع المستويات، وخاصة فيما يتعلق بسرعة التعامل مع الحريق، أو التعامل مع الرأى العام ومواجهة الشائعات بنشر الحقائق بالسرعة والدقة والاحترافية الواجبة، وهو أمر كان محل تقدير جميع المستويات.

3 - أكبر كنز وهبه الله للمصريين هو تلقائيته العظيمة فى التلاحم والوقوف صفا واحدا عند مواجهة أى خطر، وظهر ذلك بوضوح فى التعامل مع حريق الكنيسة، حيث خرج الوطن بأقل خسائر ممكنة، ليمسح حزن الأهالى المكلومين والثكالى.

4 - تحمل المآسى فى داخلها رسائل، ومن بين تلك الرسائل أن نعطى أولوية لأمور الأمن والصيانة وسلامة التركيبات الكهربائية والمدنية بصفة عامة، ولا أعتقد أن مهمة شركات توزيع الكهرباء مجرد بيع التيار الكهربائى، ولكن التأكد من سلامة الشبكات الداخلية، وأتوقع أن تقوم إدارات الشبكات الفنية، بإعداد برنامج زمنى لمتابعة ذلك لكافة المشتركين، مع تنفيذ التعديلات اللازمة، وسوف يكون لها مردودها الإيحابى فى الحفاظ على الإنسان والممتلكات، كما أتوقع من كل دور العبادة أن تهتم بصيانة شبكات الكهرباء، وتخفيف الضغط عليها خلال شهور الصيف.

5 - فشل بعض التيارات التى حاولت استغلال الحادث المروع، من أجل توجيه الضربات للكنيسة المصرية، فلم يعجبنى كلام الأب فائق بولس (الراهب جاورجى المقارى سابقاً)، ولا كلام قلة من المشككين منهم صاحبة دكتوراه فى الحقوق الجنائية، وصفت البطل محمد الذى شارك فى إنقاذ ضحايا كنيسة المنيرة، بأنه اندس بين المصلين لتنفيذ عمله الإرهابى، وكذلك الأستاذ الجامعى الذى خلع عقله على باب منزله، وجزم بأن العمل إرهابى، دون أى دليل يستند عليه، وكلها شائعات نيرانها أشد خطراً وأثراً من أى نار، لأنها تشعل النيران فى القلوب وفى الوطن.

6 - يبقى عتاب إلى أبونا مرقس صموئيل كاهن كنيسة الشهيد العظيم مارمرقس الرسول ببنى سويف، عظيم جداً أن تحذر الناس من ترديد الشائعات، ولكن هل يصح وأنت رجل أكليروس، أن تقول لهم بأن يبتعدوا عن ذلك لأنه سوف يفقدهم المصداقية فى مظالمهم الحقيقية، والغريب أنه يذكر من بينها التهميش فى أندية الكرة، سامحنى يا أبونا مرقص فما علاقة المواطنة بكرة القدم، وما دخل ذلك بالدين والكهنوت؟!

أختم كلامى بتجديد الدعوة للجميع بأن يحبوا ذلك الوطن، فليس لنا ولا لأبنائنا وأحفادنا حضن آمن غيره، وأن يحرصوا على تجديد حبهم له كلما استدعت الحاجة ولو بكلمة حلوة أو سلوك جميل، وأن يمر على عقلهم كل شيء يسمعونه، فلا يوجد أخطر على الأوطان من القلوب الصدئة، والعقول الميتة الجامدة، وطننا يحتاج لحب صاف كما النهر الجارى، وإلى عقل أكثر صفاء وشفافية وقدرة على الفرز والتقييم.
ويارب احفظ مصر وشعب مصر وجيش مصر.

بوكس

 يستحق الدكتور أشرف صبحى وزير الشباب والرياضة باقتدار لقب راعى الأخلاق الحميدة، وسيذكر له الرياضيون لسنوات طويلة قادمة، أنه كان نصيراً لها وأميناً عليها .. وحافظاً لهـــا!