عاجل

كنوز| مفكرة «السنوسي» لاتزال في جيب «السعدني»!

«الأخبار»  -- بريشة: مصطفى حسين
«الأخبار» -- بريشة: مصطفى حسين

حكايات الساخر الكبير محمود السعدنى مع زعماء الأمة العربية الذين عرفهم وعرفوه عن قرب تحمل الكثير من الأسرار والمواقف والطرائف التى يصيغها بأسلوبه الساخر السلس الرشيق، ومن هذه الحكايات ما يرويه فى كتابه «الولد الشقى فى المنفى».

والحكاية حدثت عندما كان السعدنى فى ضيافة الزعيم الليبى معمر القذافى ضمن سنوات غربته فى المنفى، ويقول إن العقيد أعطاه مفكرة شخصية عثرت عليها لجان الجرد فى مكتبة الملك السنوسى، التى كان يدون فيها مذكراته اليومية يوما بيوم، وأكد له العقيد أن هذه المفكرة تحمل بين طياتها الكثير من المثيرات المضحكة، وطلب منه أن يطالعها ويستوحى منها قصصا تشبه حكايات الشيخ «لعبوط»! 

يقول الكاتب الساخر الكبير: «عندما تصفحت مفكرة الملك السنوسى..

ضحكت ولكنه كان على رأى المتنبى ضحك كالبكاء، أى عيشة غلب كان يعيشها الملك السنوسى فى ليبيا؟!..

وعندما تسمع كلمة ملك قد يشرد ذهنك إلى حياة الملوك المترفه التى كان يعيشها ملوك أسرة محمد على فى مصر..

وقد يذهب خيالك بعيدا بذاكرتك إلى ليالى بغداد أيام خلفاء بنى العباس.

ولكن الحقيقة.. من خلال هذه المذكرات كان السنوسى يعيش عيشة موظف حكومى درجة تالته فى القاهره...

ولم يكن عيبه هو الإسراف والترف ولكن عيبه هو الضعف الشديد كحاكم...

فلم يكن يحكم أبعد من حجرته فى القصر..

كانت «بنى غازى» فى يد الإنجليز.. وكانت «طرابلس» فى قبضة الأمريكان.. وكانت «فزان» فى براثن الفرنسيين.!

ويستطرد كاتبنا الساخر الكبير قائلا: «وكان القصر الملكى فى قبضة زوجته وكانت حجرته المكان الوحيد الذى يستطيع أن يأمر فيه وأن يحكم فى مساحتها على هواه..

وفى إحدى الصفحات طلب إلى ناظر الخاصة إحضار ثلاثة رءوس ضأن لإحياء ليالى العيد..

ثلاثة رءوس ضأن ثمنها فى تلك الأيام عشرون دينار لا تزيد.. والأغرب من هذا..

أن المفكرة هدية للملك من الشمرلى..

وهو صاحب مكتبة فى شارع محمد على بالقاهرة..

ويطبع كل عام مفكرات رخيصة يطرحها فى الأسواق لعامة الشعب..

وكانت تحمل فى صفحتها الأولى عناوين المحطات الرئيسية لترام الجيزة والمدبح والسكاكينى والعباسية وأرقام تليفونات إسعاف ومطافئ ونجدة القاهرة.. والأغرب من ذلك أنه كتب فى أول صفحة بتاريخ أول يناير ١٩٦٩ «اللهم نجنا من كل شر وجنبنا غدر الزمان.. آمين»..

وبعد ثمانية أشهر من هذا التاريخ وفى يوم الفاتح من سبتمبر ١٩٦٩ لم تشفع له دعواته وقضى الزمان على الملك السنوسى أن يبقى خارج أرضه حيا وميتا.. وقد دفن السنوسى فى البقيع.. والمفكرة لاتزال فى جيبى».

محمود السعدنى من كتاب «الولد الشقى فى المنفى» 

إقرأ أيضاً|«تهييسات محمد صلاح الزهار».. تاريخ ساخر بمعرض الكتاب