جمال حسين يكتب: مصر التي في إمبابة

جمال حسين
جمال حسين

نعم الحدث جلل والمصاب أليم والمأساة أوجعت قلوبنا جميعا مسلمين ومسيحيين حزنا على شهداء حريق كنيسة أبي سيفين بإمبابة ..لكن الدولة كانت حاضرة وبقوة لتخفيف الآلام وتجلت المواطنة في أروع صورها وضرب أهالي امبابة أروع المثل عندما هبوا لنجدة إخوانهم وأنقذوا كثيرين حاصرتهم النيران لدرجة أن الشاب محمد أنقذ ٥ أطفال وأصيب أثناء انقاذ سيدة مسنة ..النغمة النشاذ الوحيدة حول تداعيات الحادث جاءت من رجل الأعمال المثير للجدل دائما نجيب ساويرس وليته صمت .. فبدلا من أن يسارع الى امبابة للمؤازرة والمساندة وتقديم مساعدات مالية أو التبرع بترميم الكنيسة وهو المحسوب ضمن قائمة رجال الأعمال الأكثر ثراء في العالم .. إذ به يفاجئ الجميع بتويتة بطريقة الغمز واللمز من شأنها أن تثير البلبلة والفتنة بين المصريين .. كتب على حسابه الشخصي في «تويتر» : «لم أرِد أن أكتب تعزية قبل أن أعرف تفاصيل الحادث، لأننا في صعيد مصر لا نقبل العزاء قبل أن نعرف التفاصيل وأن نعرف الفاعل! الله هو المنتقم! و هو الذى سيأتى بحق الضحايا»
لكن المصريين مسلمين ومسيحيين فطنوا إلى تلميحاته ولم يعيروا كلماته أي اهتمام .

لا أدري ماذا يريد ساويرس ولماذا التلميح بوجود فاعل رغم أن كل شهود العيان من داخل الكنيسة اقروا بأن سبب الحريق جهاز التكييف ؟
القاصي والداني شاهد بأم عينيه كيف بادر الرئيس السيسي بتقديم واجب العزاء للبابا تواضروس وكيف وجه أجهزة الدولة بتقديم الدعم اللازم لاحتواء الحادث الأليم وعلاج المصابين وتكليفه للهيئة الهندسية للقوات المسلحة للبدء فورا في إعادة ترميم الكنيسة ..رأينا رئيس الوزراء والوزراء المعنيين وكل أجهزة الدولة في موقع الحادث .. رأينا اللواء هشام أبو النصر مساعد وزير الداخلية مدير أمن الجيزة وهو يؤكد أن قوات المطافي هرعت إلى الكنيسة بعد دقائق من اندلاع النيران وأن رجال الإنقاذ قاموا بإجلاء الكثيرين ممن حاصرتهم النيران والدخان الكثيف وإنهم منعوا امتداد النيران لباقي الكنيسة والمنازل الملاصقة
رأينا أهالي إمبابة المجاورين للكنيسة وهم يسابقون الزمن لإنقاذ إخوتهم من الموت في مشهد مصرى بامتياز في رد عملي على تلميحات تقطر حقدا وكراهية
.. رأينا فضيلة الإمام أحمد الطيب شيخ الأزهر وهو يواسي البابا بكلمات صادقة ويوفد وفدا من كبار رجال الأزهر لزيارة المصابين بالمستشفيات ويأمر بفتح مستشفيات جامعة الأزهر لعلاج المصابين ويقرر منح أهالي الضحايا إعانة عاجلة بواقع ٥٠ ألف جنيه لأسرة كل شهيد إضافة إلى مبلغ مماثل قررته السيدة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي

شاهدنا ملحمة مصرية تؤكد للجميع أن  مصر عصية على مثيرى الفتنة.
ملحمة نفذها المصريون بدافع الأخوة والواجب الحتمي ..مصر التي بكت على أم فقدت توائمها الثلاثة ومسحت دموع أسر المضارين لتؤكد أنها ستبقى أمد الدهر عنوانا للمواطنة والحضارة والإنسانية ..مصر ليس لديها ما تخفيه بدليل ان النائب العام المستشار حمادة الصاوي انتقل بنفسه لمعاينة الكنيسة للوقوف على أسبابه والحمد لله إن كل المؤشرات تؤكد أن الحادث ليس إرهابيا.

ندعو الله أن يرحم الضحايا ويعجل بشفاء المصابين ويلهم أسرهم الصبر  وأن يحفظ مصرنا الحبيبة وشعبها من كل سوء وأن يرحمنا من غباء بعض من يسيئون إليها وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا !!