وجدانيات

اللا معقول

محمد درويش
محمد درويش

تفرض علىَّ مهنتى ومتابعتى لصفحات الرأى واليوميات والمقالات فى جريدتنا أن أتحقق من معلومة ما يُوردها أحد الكتاب نقلًا عن الفيس بوك، أبحث دائماً من مصدر موثوق سواء كان موقعاً إخبارياً أو شخصية لها اعتبارها، وكثيراً ما دخلت فى نقاش مع صاحب أو صاحبة المقال؛ لإقناعه بأن ما تداوله فى مقاله وحدد رأيه فيه ليس صحيحاً ولم يرد عن مصدر معتبر.

ذات يوم تناول كتاب كبار ومشهورون بما نسب زوراً إلى هيلارى كلينتون عن كتابها «خيارات صعبة» منها ما يتعلق بمصر وتراجع الأسطول السادس وحكايات لا يصدقها عقل، استعنت بمتخصصين قرأوا النسختين الإنجليزية والعربية وأكدوا لى أن الكتاب ليس به هذا الهراء. تمكنت من منع النشر فى جريدتنا لكن كنت أطالعه فى صحف أخرى بأقلام كتاب مرموقين- منهم نقيب صحفيين عربى- نقلوه عن صفحات الفيس ولم يفكر أحدهم فى توثيق المعلومة وما أسهل ذلك فى هذا الزمان مع محرك البحث "جوجل".

تذكرت هذه الواقعة وغيرها وأنا أطالع على صفحات زملاء صحفيين وغيرهم ممن نطلق عليهم الصفوة أو النخبة وهم يتحسرون فى تعليقاتهم «بوستات الفيس» على الأخلاق والقيم بعد أن انتشر كالنار فى الهشيم خبر لم ينسب إلى أى جريدة حتى لو تحت بئر السلم أو وكالة أنباء، الخبر عبارة عن ملصق يدعى أن طبيباً مصرياً يعمل فى السعودية انتظر عروسه فى مطار الرياض التى طلب من أمه أن تختارها له وأرسل توكيلاً لواحد من أفراد أسرته لعقد القران، وعندما رآها فى المطار قال لها "أنت تخينة وأمى لم تقل لى ذلك..

سلامو عليكو"، انهارت العروس وانخرطت فى البكاء وجمع لها الناس ثمن التذكرة للعودة إلى مصر!!

أستحلفكم بالله هل هذه حكاية تدخل الدماغ، وهل وصلت الحقارة بالطبيب إلى هذه الدرجة، أضعف الإيمان كان اصطحبها لفندق حتى يحجز لها تذكرة العودة، مع افتراض صدق الرواية..

المدهش أن طبيباً مشهوراً مثل د.جمال شعبان، العميد السابق لمعهد القلب، خرج على صفحته ينتقد الطبيب ساخراً بقوله هو انت بتشترى ثلاجة أون لاين، وطبعاً لأنه له آلاف المتابعين الذين «عاموا على عومه» وهم ينعون الأخلاق والشهامة والمروءة والرجولة.

لا أوجه نصيحة لبسطاء الفيس وهم بالملايين، ولكننى أوجهها للنخبة والصفوة وأذكرهم بالمثل القائل: إذا زل عالم بكسر اللام زل بزلته عالم بفتح اللام.

خارج المقال: إذا اشتريت ما لا تحتاج .. ستبيع ماتحتاج