عاجل

بدون أقنعة

تجار الأزمات

مؤمن خليفة
مؤمن خليفة

هم فئة من التجار عديمى الضمير يلجأون إلى تخزين السلعة وخلق أزمة فى السوق وبالتالى رفع سعر السلعة والتى لا تعود إلى سابق عهدها ويصبح سعرها الجديد هو السائد.. الكثير من السلع ارتفعت أسعارها فى الفترة الماضية بدون مبرر والشماعة التى يعلق عليها الزيادة هى الحرب فى أوكرانيا.. قبل أيام ذهبت لشراء قطعة غيار لسيارتى الصينى ووجدت السعر مبالغا فيه وبأعلى نحو 40% من قيمتها وسألت البائع فى التوفيقية عن السبب فقال لي: الحرب يا باشا فى أوكرانيا فتعجبت من رده وقلت له: إن سيارتى لا علاقة لها بأوكرانيا وكل أوروبا.. أيقنت على الفور أن هناك فئة من التجار الكبار يحتكرون السوق لصالحهم فى غيبة من رقابة الدولة ومن ثم يرفع تاجر التجزئة السعر ويتحمل الزبون مثلى فارق السعر الجديد. إذن هناك حلقة مفقودة يجب البحث عنها وتحرير محاضر فورية لهؤلاء التجار بواسطة الجهات الحكومية المسئولة بتهمة سرقة المواطنين عينى عينك ونشر قائمة سوداء بأسمائهم ولن يردعهم سوى ذلك الفعل كما تقول قوانين الهندسة «لكل فعل رد فعل مساو له فى الحركة ومضاد له فى الاتجاه»!


وعلى غرار قطع الغيار.. ظهرت فى الأسواق مشكلة نقص السجائر ورفع أسعارها ما بين 3 إلى 10 جنيهات والمدخن هو من يتحمل هذا الفارق.. بعيدا عن تحريم الشرع للسجائر أو كراهيتها تعتبر السجائر سلعة لها مردود اقتصادى على السوق ومصر من أكثر دول العالم استهلاكا للسجائر فهناك أكثر من 30 مليون سيجارة يوميا يتم استهلاكها وبحسبة بسيطة جدا فإن تجار الجملة الذين يقومون بـ «تعطيش» السوق يتربحون يوميا بنحو 90 مليون جنيه تدخل جيوبهم والدولة لا تستفيد منها بجنيه واحد.
هؤلاء التجار معروفون للدولة فهم يعدون على أصابع اليد الواحدة ومكانهم معلوم للجميع ومراقبتهم سهلة وميسورة ومواجهتهم دين فى رقبة الحكومة وخدمة للمواطنين الذين ابتلاهم داء التدخين!
مهما كان رأينا فى موضوع التدخين فإن الدولة مطالبة بوقف هؤلاء عند حدهم خاصة حينما تعلن الشركة الشرقية للدخان التى تنتج نحو 70% من السجائر فى السوق المصرية بأنه لا مشاكل فى الإنتاج.
إبراهيم إمبابى رئيس شعبة الدخان باتحاد الصناعات يؤكد أن جشع التجار هو السبب ولا غيره فهم يقومون بتخزين السجائر لبيعها بأسعار أكبر اعتقادا منهم أن الحكومة سوف ترفع أسعارها فيستفيدون بفارق السعر الجديد وبملايين الجنيهات. وأرجع ذلك إلى ضعف الرقابة.
أما ما يحدث فعليا فى السوق فهو يقع على عاتق التاجر الصغير فى الأكشاك ومحلات السوبر ماركت ومن ثم المواطن.. الذى يحدث أن «المفتشين» يمرون على الأكشاك ويحررون المحاضر ضد الباعة والتى تبلغ نحو 10 آلاف جنيه أو يمتنع معظمهم عن شراء السجائر من تجار الجملة ليتقوا شر تلك المحاضر ولذلك لا يقومون ببيع السجائر للغرباء وإنما لزبائنهم المعروفين.


التاجر الصغير وليس دفاعا عنه يذهب لشراء الحصة المخصصة له من تاجر الجملة فيحدد له السعر ومن ثم يحسب مكسبه ويضطر لبيع السجائر بأزيد من سعرها ويعرض نفسه للغرامات والمحاضر وبعضهم أو معظمهم لا يحصل على حصته فهو لن يجد زبونا يشترى منه بالسعر المغالى فيه ويفقد ثقة الزبون الذى لا يعرف غيره وقد يتهمه بأنه «حرامي» بينما ينعم اللص الحقيقى بملايين تدخل جيبه كل صباح بدون مجهود وهو آمن تماما من السؤال.
 تقريبا معظم السلع تخضع لمثل هذه العصابات التى تحتكر السلعة فى الأسواق وتتحكم فى طرحها وتقبض ثمنها أضعافا، بينما المواطن يدعو على الحكومة التى كل ذنبها أنها لا تسأل عما يجرى من حولها.