من الأعماق

جمال حسين يكتب: «عملية البلكونة».. هل تكتب نهاية تنظيم القاعدة ؟

جمال حسين
جمال حسين

رغم إصابته بكورونا، قطع الرئيس الأمريكي جو بايدن إجازته المرضيَّة؛ ليزفَّ للعالمِ نبأ القضاء على زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، الذي كانت بلاده قد رصدت ٢٥ مليون دولار؛ مكافأةً لمَنْ يُدلى بمعلوماتٍ تأتى برأسه.. وصف بايدن العمليَّة بأنها أكبر ضربة للتنظيم المُتشدِّد، منذ مقتل مُؤسِّسه أسامة بن لادن، في ٢٠١١، وكانت مُخطَّطةً بدقةٍ مثل تلك التي نفَّذتها المخابرات الأمريكيَّة ضد بن لادن، عام ٢٠١١.

قال إن "الصيد الكبير" تم اغتياله في كابول بأفغانستان، في عمليةٍ نظيفةٍ تبدو أشبه بعمليَّةٍ جراحيَّةٍ شديدة الدقَّة، لم تُسفر عن سقوط ضحايا آخرين، حتى زوجته وابنته وأحفاده الذين كانوا يُقيمون معه في المنزل الآمن، الذي منحه إياه صديقه وزير داخليَّة طالبان، عقب انسحاب القوات الأمريكيَّة من أفغانستان، العام الماضي.

دوائر أمنيَّة أمريكيَّة أطلقت على عملية اصطياد الظواهري "عملية البلكونة"، حيث تم اغتياله وهو جالسٌ في بلكونة المنزل الذي كان يختبئ به بصاروخين، أطلقتهما طائرةٌ مسيَّرةٌ بدون طيار، تابعة لوكالة الاستخبارات المركزيَّة، يتم تشغيلها من أمريكا على بُعد آلاف الأميال، واستخدمت صواريخ "هيل فاير"، التي لم يسمع عنها العالم من قبل، وهى صواريخ خالية من أي مُتفجرات أو عبوات ناسفة، لكنها مُجهَّزة بشفراتٍ حادةٍ تنبثق من الصاروخ؛ لتقطيع الهدف وتمزيقه إربًا إربًا دون إحداث ضجيجٍ.

الضربة الناجحة قضت على الظواهري، البالغ من العمر 71 عامًا، والذي ارتقى إلى قمة المنظَّمة الإرهابيَّة، بعد مقتل بن لادن، وظل هاربًا طوال السنوات الماضية، لكن المخابرات الأمريكيَّة لم تتوقَّف عن البحث عنه وملاحقته، بوصفه أهم إرهابي مطلوب في العالم، خطَّط مع سلفه بن لادن لهجمات ١١ سبتمبر ٢٠٠١.

حركة طالبان ندَّدت باغتيال الظواهري، واعتبرت أن العمليَّة الأمريكيَّة انتهاكًا لسيادة أفغانستان، وردَّ وزير الخارجيَّة الأمريكي أنتوني بلينكن، بأن طالبان انتهكت على نحوٍ صارخٍ اتفاق الدوحة؛ باستضافتها زعيم تنظيم القاعدة وإيوائه،

بينما رحَّبت دول العالم بمقتل أيمن الظواهري، الذي يُعدُّ من أخطر القيادات الإرهابيَّة، الذي خطَّط لعمليات إرهابيَّة أودت بحياة آلاف الأبرياء من مختلف الجنسيات والأديان، وعلى رأسها تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر.

ونحن في مصر لن ننسى جرائم الظواهري ومساندته للإخوان في عهد مرسى، بتنفيذ التنظيم لعددٍ من التفجيرات في سيناء؛ تلبيةً لرغبة شقيقه محمد الظواهري، الذي أفرج عنه مرسى من السجن وأنقذه من حُكمٍ بالإعدام.

والسؤال الآن: ماذا عن مستقبل تنظيم القاعدة بعد مقتل الظواهري؟.. الكثير يرى أن التنظيم يلفظ أنفاسه الأخيرة، ولن تقوم له قائمة بعد اليوم، خاصةً بعد أن ترك الساحة في السنوات الأخيرة لتنظيم داعش.

بينما يذهب آخرون إلى أن التنظيم سوف يسعى للعودة بقيادةٍ جديدةٍ، وتردَّد اسم المصري سيف العدل، الموجود في إيران، كواحدٍ من أبرز المُرشَّحين لقيادة التنظيم بعد بن لادن والظواهري، الذى وصفوه بأنه "أسدٌ عجوز لا أهمية لغيابه عن الساحة"!