لا تعكس قيمة نجيب محفوظ.. «فقر الأغلفة» يثير استياء جمهور «أديب نوبل»

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

تواصل الجدل حول اسم أديب مصر نجيب محفوظ، مع طرح دار (ديوان) للأغلفة الجديدة لثمانية من أعمال أديب نوبل، فى الطبعة الجديدة التى تصدر عنها، والتى تعد ثالث طبعة كبيرة لأعمال النجيب بعد طبعتى (مكتبة مصر) ودار (الشروق)، إذ انقسم جمهور المتلقين بين مؤيد ومعارض حول الشكل الفنى للأغلفة التى رأى فيها البعض تجربة جديدة تستحق الدعم كونها تكشف عن رؤية مختلفة لأعمال محفوظ، بينما هاجمها البعض باعتبارها غير معبرة عن أعمال أديب الحارة المصرية وبعيدة تماما عن عالم تفاصيل عمله الأدبى.

 

وهذا الجدل هو الثانى حول أغلفة أعمال نجيب محفوظ، بعد أشهر قليلة من إصدار مؤسسة (هنداوى) للطبعة الإلكترونية لأعمال صاحب الثلاثية، بأغلفة وصفت من قبل قطاع من القراء بـ «الفقيرة»ـ إذ جاءت بيضاء اللون عليها صورة لنجيب محفوظ واسمه وعنوان العمل فقط.

الأغلفة الجديدة تعرضت لانتقادات من قبل روائيين وقراء

وتعرضت الأغلفة الجديدة لدار (ديوان) لانتقادات حادة على مواقع التواصل الاجتماعى من قبل روائيين وشخصيات عامة وقراء، إذ رفض الروائى والمترجم أشرف القصاص شكل الأغلفة الجديدة ووصفها بالقبيحة، وتركز الهجوم على شكل تصميم الغلاف المعتمد فى جميع أغلفة أعمال نجيب محفوظ، إذ يظهر فيه اسم الأخير وكأنه «بخيت محفوظ»، بسبب نوع الخط المستخدم، بينما عاب البعض على التصاميم عدم إخلاصها لعالم نجيب محفوظ الإبداعى وقدمت رؤى قد لا تتناسب مع نصوص نجيب محفوظ المغرقة فى المحلية، بينما دافع بعض الأدباء عن التجربة، إذ قال الروائى نعيم صبرى، إنه يدعم التجربة الجديدة قائلا: إن العمل الفنى تذوق شخصى يختلف عليه الناس.

القرملاوى يكشف بعض أخطاء الطبعات السابقة

«آخرساعة» طرحت الانتقادات على الروائى والقاص أحمد القرملاوى، منسق لجنة إصدار ومراجعة أعمال نجيب محفوظ بدار ديوان، الذى أكد أن «اختلاف الآراء محل احترام وتقدير عندنا، لكن ربما بعض ما يسبب الضيق أن يكون الانتقاد فى شكل إهانة أو إساءة، ربما يكون هذا غير مقبول، وعلى كل حال الانتقادات تجعلك تراجع نفسك وتطرح عليها الأسئلة من نوعية» لماذا لم تستطع الوصول للناس؟ ولماذا لم تستطع أن توصل لهم المعلومة كاملة؟ هل هناك مشكلة فى منصاتك فلم تقدر أن توصل المعلومة بشكل كامل؟ أم أن الناس مستعجلة فى الحكم والقفز لنتائج؟ ما يدفعك للتفكير وتحلل الأمر من أجل إنجاز شغلك بشكل أفضل، خصوصا أن ردود الفعل لم تكن كلها ضد المشروع فهناك آراء مؤيدة ومعجبة بالمشروع وشكل الأغلفة».

وتعد أغلفة أعمال نجيب محفوظ محل صراع متجدد، إذ ارتبطت أجيال بأغلفة الطبعة الصادرة عن (مكتبة مصر)، والتى تصدى لها الفنان التشكيلى جمال قطب، والتى أصبحت الرسومات الأشهر لأغلفة الأعمال الروائية فى العالم العربى، بعد إنجاز العديد من أغلفة كبار الكتاب المتعاقدين مع (مكتبة مصر) أمثال توفيق الحكيم ويوسف إدريس ويوسف السباعى وإحسان عبدالقدوس، فضلا عن نجيب محفوظ الذى جاءت أغلفة أعماله معبرة عن عوالم الحارة المصرية كما تصورها جمال قطب، ومع انتقال إلى (دار الشروق) تصدى لتصميم أغلفة الطبعة الجديدة الفنان التشكيلى حلمى التونى، وهى أغلفة أثارت الجدل حولها بين مؤيد ومعارض لها، لتأتى أغلفة (ديوان) حاملة توقيع مجموعة من الفنانين الشباب، وتحظى بأكبر مساحة من الجدل بين مشاريع الأغلفة الثلاث.

إقرأ أيضًا

أحمد القرملاوي: أغلفة روايات نجيب محفوظ نتعامل معها كمشروعا فنيا وإبداعيا

وأشار إلى أن آلية تقديم الأغلفة الجديدة، تقوم على إتاحة الفرصة لمجموعة من الفنانين الشباب لتقديم رؤية مختلفة عن أعمال نجيب محفوظ، وتكون قريبة فى الوقت نفسه من روح الأجيال الشابة، إذ تم الاتفاق مع عدد من الفنانين التشكيليين الشباب، من أجل تنفيذ مجموعة من الأغلفة المقترحة، ثم يتم الاتفاق والتنفيذ من قبل الفنان بحسب رؤيته الخاصة المتفقة مع الإطار العام للمشروع الذى يهدف للتأكيد على أنه يمكن التعبير عن أعمال نجيب محفوظ من خلال وجهات نظر مختلفة ومن أجيال مختلفة ومستويات عديدة تكشف عن جوانب غنية فى نص محفوظ الإبداعى، لذا كان هناك توقع أن تثير الأغلفة الجديدة إعجاب البعض ورفض البعض، فى إطار الاحترام الكامل لاختلاف الرؤى والأفكار والانطباعات.

وتابع القرملاوى:  «نحن فى مرحلة إطلاق المشروع، والناس لم تقرأ الكتب بعد فى الطبعة الجديدة، من أجل النقاش حول هذه الأعمال، إذ تم طرح ثمانية أعمال لنجيب محفوظ فى المكتبات، لأن المشروع القائم لا يقتصر على تقديم الأغلفة، ولا مجرد إصدار طبعة جديدة فقط، فنحن نعمل على مشروع ثقافى كامل حول اسم نجيب محفوظ ومبنى على العالم الخاص به، مشروع قد يشمل فنانين تشكيليين ونقاد ومصورين وأحداثا ثقافية مختلفة»، لافتا إلى أن هناك اختلافات كثيرة بشكل عام بين الطبعات فيما يخص المتن، إذ إن اللجنة يقتصر عملها بشكل أساسى على متن أعمال نجيب محفوظ.

وكشف عن إعداد أرشيف يتضمن كل الاختلافات بين الطبعات المختلفة لمشروع نجيب محفوظ، وستكون متوفرة على موقع إلكترونى ضمن مشروع عن نجيب محفوظ، وهى خطوة مهمة لكل باحث ومهتم ومتخصص لأعمال نجيب محفوظ، وهو مادة ستكون متوفرة لكل باحث يريد أن يعد دراسات فى هذا الصدد، وأشار إلى بعض نماذج الأخطاء التى كشفتها اللجنة أثناء عملها قائلا: «على سبيل المثال فى رواية (اللص والكلاب)، نجد أن مدخل الفصل العاشر هو نفس مدخل الفصل الثانى عشر، وهو خطأ تكرر فى جميع الطبعات السابقة، بسبب خطأ عامل أثناء جمع مادة الرواية أسقط بعض الجمل ولم يتم تصويبها فى الطبعات المختلفة»، وأشار القرملاوى إلى أن رواية (ليالى ألف ليلة) بها جمل حوارية سقطت فى الطبعات المختلفة، ما أدى إلى نسبة الجمل الحوارية إلى أشخاص الرواية بشكل خاطئ.

وأعلنت أسرة نجيب محفوظ ودار «ديوان» فى ديسمبر الماضى، توقيع عقد يمنح الأخيرة الحقوق الحصرية لنشر الأعمال الكاملة لمحفوظ، لمدة 15 عاما تبدأ من مايو الماضى، وهو الخبر الذى أنهى حالة الترقب حول الدار التى ستحصل على حقوق النشر الورقى لأعمال محفوظ بعد انتهاء مدة التعاقد مع دار الشروق، لكن الإعلان عن الطبعات الجديدة التى ستنزل الأسواق خلال أيام، لم يمر مرور الكرام، إذ أعلنت (ديوان) بأنها ستعمل على «إعادة إحياء تراث نجيب محفوظ وتقديم أعماله المنقحة والمراجعة بأحدث تقنيات النشر الورقى والرقمى والصوتى، والعمل على تمديد أثره الفكرى وحفظ إرثه الأدبى الفريد»، وهو الأمر الذى خلق حالة ترقب منذ البداية حول شكل ومضمون الأعمال المحفوظية فى حالتها الجديدة.