نوال مصطفى تكتب: «وش وضهر» دراما راقية

نوال مصطفى
نوال مصطفى

هل يعيش كل إنسان منا بشخصيتين، الأولى التى يظهر بها أمام الناس ويحاول أن تكون النسخة الأفضل منه، أما الشخصية الثانية فهى الكامنة داخل عقله الباطن، والتى تختزن أسراره، أخطاءه، والأشياء التى لا يعرفها عنه غيره، علماء النفس يؤكدون أن التصالح بين تلك الشخصيتين مسألة مهمة جداً للاستقرار النفسى، أما الصراع الحاد بينهما فهو سر المشاكل المستعصية على الحل، والكوارث فى حياة أى إنسان ،لذلك أسعدنى أن يتناول عمل فنى هذا الموضوع من خلال فريق عمل من نجوم الشاشة الفضية، استطاعوا أن يقدموا فعلاً عملاً راقياً، وممتعاً فى آن معا.

مسلسل «وش وضهر» قدمته منصة «شاهد» فى عشر حلقات متماسكة مترابطة، مقنعة ،قام بالبطولة إياد نصار، ريهام عبد الغفور، إسلام إبراهيم، ميمى جمال، ثراء جبيل ،تأليف ورشة سرد بقيادة مريم ناعوم، سيناريو وحوار أحمد بدوى وشادى عبد الله، وإخراج الفنانة مريم أبو عوف.

المسلسل جديد فى فكرته، أحداثه، أماكن تصويره، اختار صناع العمل مدينة طنطا لتكون لوكيشن معظم أحداثه، جعلنا نرى أبطالاً من لحم ودم، الأماكن الحقيقية السيد البدوى، والشوارع المحيطة به بأجوائها التى تثير الحنين والدفء، محلات الحلويات الشهيرة فى طنطا، الشوارع المعروفة، كل هذا جعل المشاهد حية، طبيعية، تعمق الإحساس والمشاعر بالشخصيات والأحداث ،كذلك الملابس قمة فى الروعة وهنا لابد أن أشكر ريم العدل التى برعت فى اختيار الملابس وطريقة ارتدائها فى الأحياء الشعبية، ريم تدرس بدقة وإتقان جو العمل، وتبحر داخل كل شخصية، فتخرج كل تفاصيلها، كيف وماذا تلبس؟ كيف تختار ألوانها، واكسسوارتها؟.

المخرجة الموهوبة مريم أبو عوف استطاعت تحريك الأبطال بصورة مذهلة فرأينا شخصيات واضحة، طبيعية، مرسومة بدقة وجمال فائقين، أنا حريصة على ألا أتورط فى حكى الأحداث حتى لا أضيع على قرائى الأعزاء متعة المشاهدة، لكنى فعلاً سعيدة بالمستوى الراقى الذى خرج به المسلسل و أشكر الورق الذى أنتجته ورشة سرد ومريم ناعوم فقد أمتعونا فعلا بقصة بسيطة، وأحداث وشخصيات نراها فى حياتنا كل يوم، وموضوع فلسفى عميق نجحوا فى تقديمه ببساطة معجزة فعلا ،أما الأبطال فقد أدى كل منهم ومنهن دوره ببراعة وجمال إياد نصار تفوق على نفسه كالعادة، قدم شخصية هى فى الواقع شخصيتان تعيشان داخل شخص واحد، جسد الصراع النفسى والإنسانى الذى يعيشه هذا الشخص ببراعة وتمكُن، ريهام عبد الغفور ممثلة تتنفس فناً وإبداعاً وصدقاً، أراها فى كل دور تؤديه أو مسلسل تشارك فيه تتوحد مع الشخصية التى تقدمها، لدرجة ننسى إنها ريهام عبد الغفور، ونتفاعل مع «ضحى» مثلا فى هذا المسلسل، إسلام إبراهيم يتطور سريعا، ويخطو خطوات واضحة نحو النجومية، ثراء جبيل نجمة صاعدة بسرعة الصاروخ، انتظروها، ميمى جمال نجمة كبيرة لا تزال، الفنان القدير محمود قابيل لعب دورا مهما وجميلا، محسن منصور اكتشاف مهم وموهبة كبيرة فى المسلسل.
كل الشكر لصناع هذا العمل الممتع الذين يستحقون كل الإعجاب والتقدير.