انتباه

دبلوماسية المياه

علاء عبد الوهاب
علاء عبد الوهاب

إذا كانت المهمة الأولى للدبلوماسية هى الدفاع عن المصالح الحيوية للشعوب، باستثمار وسائلها المتعددة، بل وإبداع ما تستدعيه الضرورات والمستجدات، فإن النموذج المصرى فى الممارسة الدبلوماسية استطاع عبر وعيه بخطر مسألة المياه، وأن المعركة من أجل الماء إنما هى معركة بقاء، أن يبدع ما يمكن وصفه بـ «دبلوماسية المياه».

وعلى مدى العقد الأخير، احتلت قضية ضمان حقوق مصر المائية، وضمان أمنها المائى، فى ظل إصرار إثيوبى على محاولة المساس بما يمثل حقوقا تاريخية فى مياه النيل، مكفولة بالقانون الدولى، وكانت الترجمة العملية لذلك تكثيف التحركات الدبلوماسية لحل قضية سد النهضة عبر التفاوض والوسائل السلمية.

ومع وصول الأمر إلى طريق مسدود بالانسحاب الدرامى للجانب الإثيوبى، من المباحثات التى رعتها أمريكا، وكان ذلك فى أبريل ٢٠٢٠، تبلورت ملامح واضحة لـ «دبلوماسية المياه» التى صاغتها مصر، ويتم تنفيذها عبر كافة المؤسسات المعنية بالوظيفة الدبلوماسية.

استطاعت مصر صياغة نموذج دبلوماسى يجمع بين العديد من صور العمل الدبلوماسى، تضمن التقليدى منها إلى جانب الجماعى.

وإذا كانت وزارة الخارجية قد تكفلت بما يدخل فى صميم اختصاصاتها من وسائل وأدوات العمل الدبلوماسى، فإن مؤسسة الرئاسة كان لها دور محورى فى تفعيل «دبلوماسية المياه» سواء كان عبر المحادثات الثنائية مع قادة الدول، أو خلال المشاركة فى لقاءات جماعية، وأقرب مثال كان قمة جدة للأمن والتنمية، ثم خلال مشاركة الرئيس السيسى فى حوار «بطرسبرج للمناخ» وفى المناسبتين كان حرصه على التأكيد أن مصر لا تفرط فى أمنها المائى، وضرورة التوصل لاتفاق ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة.

وكان ذلك متمما لجهود متواصلة ومستمرة بذلها الرئيس، تكريسا لمفهوم «دبلوماسية المياه» الساعية ليس فقط لدعم الأمن المائى المصرى، وإنما لتسليط الضوء على تحديات التصحر وندرة المياه فى المنطقة وعلى المستوى الدولى.