مبادرات الأزهر.. طوق النجاة لإصلاح المجتمع

مشيخة الأزهر الشريف
مشيخة الأزهر الشريف

كعادته دائما يسارع الأزهر الشريف بالمساهمة بدور كبير في وضع حلول لمشاكل المجتمع من خلال مبادرات متباينة، تعالج الكثير من أمورنا الحياتية، 

فبداية من مبادرته «الحياة الزوجية حقوق وواجبات»، والتي تناولت فيها ندواته بالمحافظات طرق نجاح الحياة الزوجية مع التركيز على المحافظات التي تكثر بها حالات الطلاق بالتنسيق مع المجلس القومي للمرأة، مرورا بمبادرة الأزهر «لتسكنوا إليها» والتي  تظهر أن تعاليم الإسلام جميعا جاءت بأهداف سامية من أهمها التيسير ورفع الحرج عملا بقانون الله عز وجل « يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ»، للتخلص من العادات السلبية للزواج.


وتسعى المبادرات لتحقيق مجموعة من الأهداف التي تقضي على العادات السيئة والمتبعة في الزواج، أملًا في  تيسير الأمور المتعلِّقة به، ومواجهة المغالاة في تكاليفه خاصة في مثل هذه الظروف الاقتصادية التي يعاني منها العالم أجمع، وذلك في إطار اهتمام الأزهر بالقضايا التي تؤرق المجتمع المصري.


وتوصي المبادرات بعدة أمور هامة منها: قصر مراسم الخطوبة على قراءة الفاتحة وحضور درجات القرابة الأولى ودبلة فقط، ضبط اللقاء بين المخطوبين بحضور الأهل، عقد جلسة نقاشية أسبوعية بين الجانبين في إدارة أسرة المستقبل، التقليل من الهدايا المتبادلة، لتظل رمزًا للمودة، لا للمفاخرة، ولا لتكون ضغطًا على أحد الطرفين.


بالإضافة إلى عدم تطويل فترة الخطوبة بشكل يؤدي إلى وقوع بعض المشكلات، والاتفاق على كل مصروفات وتكاليف الزواج خلال فترة الخطوبة وقبل كتب الكتاب ثم المرحلة الثانية للمبادرة وهي مرحلة الإعداد لـ الزواج، بضرورة الحصول على دورة مكثفة للزوجين في التأهيل الأسري، الاقتصار على كتابة المنقولات الفعلية التي يؤسس بها بيت الزوجية، دون مبالغة، اختيار مسكن الزوجية بالتوافق بين طرفي الزواج فقط، وعلى حسب الاستطاعة، دون تدخل الأسرتين، ودون شروط غير ضرورية.


ونادت المبادرة بالاتفاق على الذهب بالقيمة وليس بالجرامات، ويُثبت في قائمة المنقولات  تأجيل ما يمكن تأجيله من أثاث؛ حرصًا على التخفيف والتيسير، الاقتصار على الأجهزة الضرورية للبيت، دون اشتراطات خاصة، الاقتصاد فيما يسمى بـ«الكسوة» وأن يكون الكساء للعروسين بعدد منطقي من الملابس، وإلغاء الأجهزة الكهربائية غير الضرورية والتي ينتج عنها مزيد من التكاليف في الفواتير الشهرية.


تختلف صور المشاكل وتتعدد، بداية من الخلافات حول الميراث الشرعي حتى الخلافات بين الزوج والزوجة، وخلافات العمل والجيرة وما شهده المجتمع المصري من ارتفاع مذهل في حالات الطلاق خلال العقدين الأخيرين. 


لذا كان من الضروي تدخل جهة وسيطة تحظي بصفات الثقة والاحترام في نفوس الناس في المجتمع المصري، ولا يوجد في هذا المقام خير من الأزهر الشريف.


ومؤخرا أطلق مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، حملة توعوية شاملة بعنوان: «قوم النفس بالأخلاق تستقم»، تنفيذًا لاستراتيجية الأزهر الشريف ورسالته السامية في الحفاظ على الوعي المجتمعي وحماية القيم المجتمعية والأخلاقية، والحفاظ على المجتمع المصري من كل محاولات العبث بأمنه واستقراره، خاصة في توقيت يعانى فيه المجتمع بعض المشكلات والسلوكيات المنحرفة والتي يروّج لها البعض تحت غطاء ما يسمونه بالحرية.


ترتكز الحملة على مجموعة من الرسائل الهامة التي تستهدف التأكيد على أهمية الأخلاق الفاضلة في بناء المجتمع والأمم، وضرورة البعد عن الرذائل والأخلاق المذمومة، وأن الشرائع السماوية جاءت للدعوة إلى الإقدام على الخير، والإحجام عن الشر، والترغيب في فعل الخيرات، والترهيب من فعل المنكرات، حتى لا يكون الإنسان منّا أسيرًا لشهواته، عبدًا لملذّاته، باحثًا عن أطماعه وغرائزه.


ومن المقرر أن تُنفذ فعاليات الحملة عن طريق التوعية المباشرة لوعاظ وواعظات الأزهر في مراكز الشباب والمقاهي الثقافية ودروس السيدات في النوادي ودور الرعاية الاجتماعية، إضافة إلى المساجد، فضلًا عن التوعية الإلكترونية عبر وسائل التواصل الاجتماعي وموقع المجمع على بوابة الأزهر الإلكترونية.


ويشير  الدكتور الأمير محفوظ عضو المجلس الأعلي للشؤون الإسلامية سابقا  إلى أن  الواقع وما به من مشاكل وحوادث كثيرة وغريبة  تشير إلى حدوث اعوجاج في سلوك الناس، ففي الحديث الصحيح، يقول صلي الله عليه وسلم "ما من مولود يولد إلا على الفطرة"، فالجميع يولد علي فطرة التوحيد والسلوك القويم، لكن في كل مجتمع يوجد من يدعو الي الي الانحراف ويروح للسلوكيات المشينة.


متابعا أن مبادرات الأزهر الشريف لإصلاح الفرد المصري المتعددة (لتسكنوا إليها، لـم الشمل، وغيرها) هي في الواقع مؤشر دال على استفحال مشكلة ما، وهو ما يلحق الفرد المصري من فساد ظاهر؛ لذا كانت تلك المبادرات لإصلاح الفرد، وتأهيله ليكون فردا وزوجا ومواطنا صالحا، وإن كنت أتسائل: ماذا جرى للفرد المصري؟ أين مبادئه الدينية وأين قيمه الخلقية؟ وفطرته النقية؟ 


ويضيف محفوظ إن ثمة خلل حدث، له أثر قديم ولابد من أن نستعيد للفرد قيمه الدينية التي بات لا يعرف القدر الواجب منها، ويبدو أن فطرته تعكرت أثرا لشرود المسلم عن دينه، وتـجنيبه كل ما يرقى بمعارفه الدينية سواء في التعليم أو في واقع حياته المختلفة، لذا فإننا نثمن ما تقوم به مؤسسة الأزهر الشريف مطالبين بتعميم تلك الـمبادرات، والجهد كبير، والأمل معقود على الله تعالى أن يصلح ما فسد، وأن يجبر كل خلل.


مشددا أنه على مؤسسات بناء الوعي في مجتمعنا المصري، من إعلام وتعليم ودعوة، النظر في الأمر بجدية وقوة، وأن تشارك الأزهر الشريف في الرفع بوعي الفرد المصري ويزيح عنه إصرا ألمّ به، وأغلالا أثقل فالأمر عاجل للأهمية والضرورة.

اقرأ أيضا : محافظ أسوان يشيد بدور الأزهر التوعوي بعدم المغالاة في المهر وتشجيع الزواج