من الأعماق

الجريمة الكاملة.. والشاهد الصامت

جمال حسين
جمال حسين

هل أراد المستشار قاتل زوجته المذيعة تنفيذ «الجريمة الكاملة»، وغسل يديه من دمائها بعد أن قتلها؛ لتُقيَّد الجريمة «ضد مجهولٍ»؟!

هل بحث القاضى أيمن حجَّاج عن ثغراتٍ فى مواد القانون؛ لإبعاد الشُّبهات عنه، كما نجح فى إخفاء زواجه من المذيعة شيماء جمال عن زوجته وأُسرته سنوات طويلة؟!

هل توهَّم رجل القانون أن حصانته القضائيَّة سوف تكون حائلًا أمام تطبيق القانون عليه؟!

ألم يدرس فى كلية الحقوق أن مسرح الجريمة هو «الشاهد الصامت»، الذى يبذل رجال المباحث والنيابة العامة جهودًا خارقة لاستنطاقه؛ ليكشف المستور فى الجرائم الغامضة؟

كُتب القانون تُؤكِّد أنه لا توجد «جريمة كاملة» سوى جريمة «قتل النفس»، أى الانتحار.

بعد اكتشاف مقتل المذيعة شيماء جمال، واتهام زوجها المستشار أيمن حجَّاج، نائب رئيس مجلس الدولة، بقتلها، عشنا أسبوعًا من اللغط والشائعات التى روَّجتها مواقع التواصل الاجتماعى بفيديوهات أرادت  توجيه العدالة عن مسارها، والايحاء بأن منصب القاضى سوف يُؤثِّر على مُجريات الأمور، بينما أراد آخرون لَى عُنق الحقيقة، واعتبار المتهم الثانى «شاهد ملك»؛ حتى يخرج من الجريمة مثلما تَخرج الشعرةُ من العجين.

لكن رجال البحث الجنائى والنيابة العامة أكَّدوا بما لا يدع مجالًا للشك أنه لا أحد فوق القانون، وأن العدالة فى مصر «معصوبة العينين»، لا تُفرِّق بين مُجرمٍ ومُجرم، وأن كل ما يهمها تحقيق العدالة والقصاص ممن يعيثون فى الأرض فسادًا وإفسادًا.. لم تتأثَّر النيابة العامة بالمنشورات والمقاطع المصوَّرة بمواقع التواصل الاجتماعى، التى تنفى صلة المتهم الذى أرشد عن جثمان المجنى عليها بالواقعة، ولم تلتفت إلى مزاعم وجود تمييزٍ فى التحقيق لطبيعة عمل الزوج قاضيًا، فبعد رفع الحصانة أصبح مواطنًا عاديًا.

المستشار حمادة الصاوى، النائب العام «محامى الشعب»، واجه هذا اللغط منذ البداية بإصدار بيانٍ أكَّد فيه أن رسالة وعقيدة عمل النيابة العامة التى ورثتها من قِيم وتقاليد القضاء المصرى العريق.

وبالفعل تحقَّقت العدالة، وأرشد مسرح الجريمة «القاتل الصامت» عن المستشار القاتل؛ ليتم القبض عليه.

وانتهت التحقيقات سريعًا، وخلال أسبوعٍ واحدٍ يصدر النائب العام قراره بإحالة كلٍَ من المستشار وشريكه إلى محكمة الجنايات بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار وعقوبتها الإعدام شنقًا.

المفاجأة أيضًا أن التحقيقات أسفرت عن ارتكاب المتهم الأول جرائم أخرى؛ لذلك قرَّرت النيابة العامة نسخ صورة منها؛ للتحقيق فيها منفصلة.

ليت كل من يُفكِّر فى قتل النفس التى حرَّم الله قتلها يُدرك أن يد العدالة ستطوله فى الدنيا ويبقى عقاب السماء فى الآخرة.