تأثير الأزمة الأوكرانية والتغييرات المناخية على الحق في الغذاء لحقوق الإنسان بجنيف

أيمن نصري رئيس المنتدى العربي الأوروبي
أيمن نصري رئيس المنتدى العربي الأوروبي

 

قدم المنتدى العربى الاوروبى للحوار وحقوق الانسان والشبكة العربية للاعلام الرقمى وحقوق الانسان، مداخلة مكتوبة على هامش الدورة ٥٠ للمجلس الدولي لحقوق الإنسان في الفترة من ١٣ يونيو إلى ٨ يوليو ٢٠٢٢.

تضمنت المداخلة رصد للتحديات التى تحاصرالأمن الغذائى العالمى جراء الآثار الجانبية السلبية لتسارع وتيرة التحضٌر غير المنضبط، وظاهرة البناء على الاراضى الزراعية فى دول الجنوب  بما ينال من استدامة النشاط الزراعى وفعالية النظام الغذائى ، إلى جانب التنامى فى معدلات الزيادة السكانية، وتسارع التغيرات المناخية، وتداعيات جائحة كورونا، بكل ما تمخضت عنه من تخبط الأنشطة الزراعية، وتعثر سلاسل التوريد، وارتفاع تكاليف الشحن، وارتباك إمدادات الطاقة. فنتيجة لتلك الاضطرابات مجتمعة، ارتفعت أسعار المواد الغذائية عام 2021 بنحو 30%، مقارنة بالعام الذى سبقه، محققة أعلى مستوى لها خلال سنوات عشر. 


وقال أيمن نصرى رئيس المنتدى العربى الاوروبى للحوار وحقوق الانسان، انه طبقا لتقديرات الأمم المتحدة، اتسعت رقعة انعدام الأمن الغذائى المعتدل أو الشديد، على الصعيد العالمى، خلال السنوات الست المنقضية، حتى سقط قرابة 820 مليون إنسان فى براثن الجوع سنة 2020، فيما بات يلاحق شخصا من بين كل ثلاثة. وبعدما تفاقم بواقع 18% خلال العام الماضى، مسجلا أعلى معدل منذ قرابة عقدين، ينذر تفشى الجوع عالميا بتقويض استراتيجية الأمم المتحدة الرامية لاستئصاله بحلول العام 2030.


وتزايدت المخاطر على الحق فى الغذاء عثب اشتعال الازمة الاوكرانية حيث يتوقع خبراء استفحال أزمة الأسمدة العالمية، التى أشعلتها أزمة الطاقة، وقيود الصادرات، والعقوبات التجارية، التى ضاعفت جميعها أعباءَ جمة تثقل كواهل المزارعين الروس والأوكرانيين منذ سنوات.
و اضاف ان منطقة الشرق الأوسط، تصارع منذ زمن، سيلا من التحديات الهيكلية لأمنها الغذائى، بجريرة ارتفاع معدّلات النمو السكانى، وتفشى الفساد، وتآكل قاعدة الموارد الطبيعية، لا سيما المياه العذبة والأراضى الصالحة للزراعة، فضلا عن ارتدادات التغيرات المناخية، وتعاظم الاعتماد على الخارج فى تدبير الاحتياجات الغذائية. 


ومن جانبه اوضح محمود بسيونى رئيس الشبكة العربية للاعلام الرقمى وحقوق الانسان ان الشرق الأوسط  قد سجل معدّلات مخيفة من سوء التغذية، جراء النقص فى المغذيات، وتجدد النزاعات والأزمات المزمنة، و يترقب عدد من دول الإقليم، خصوصا مصر وتركيا اللتين تتصدران مستوردى القمح عالميا، ببالغ قلق، مآلات الأزمة الأوكرانية  كى تملأ الفجوة المخيفة بين الاستهلاك والإنتاج المحلى.


ولفت إلى أن انفجار الموقف فى شرق أوروبا، بما قد يستتبعه من عقوبات قاسية ومتنوعة على روسيا، أن يفضى إلى ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الغذائية عالميا، حيث تأتى كل من أوكرانيا وروسيا فى طليعة الدول المصدرة للقمح، والذرة، وزيت عباد الشمس، كما علقت الحرب موقتاً ربع تجارة القمح العالمية، ونحو 20 في المائة من تجارة الذرة، مما جعل أسعار المحاصيل العالمية ترتفع إلى مستويات قياسية فيما تعتمد الدول العربية بشكل كبير على القمح المُنتَج في منطقة البحر الأسود، بسبب انخفاض أسعاره وسهولة نقله. وعلى سبيل المثال، يمثّل القمح الروسي 60 في المائة من واردات القمح في تونس و80 في المائة في مصر، بينما يأتي أغلب القمح المستورد إلى لبنان والمغرب من أوكرانيا. وفي المتوسط توفّر روسيا وأوكرانيا 60 في المائة من القمح المورّد إلى البلدان العربية، مما يجعل الصراع بين روسيا وأوكرانيا تهديداً لأمنها الغذائي، لا سيما تحت وطأة الجفاف في بلدان مثل العراق والجزائر والمغرب وتونس.


وأكدت المداخلة، أن الحرب في أوكرانيا كشفت تمامًا كما فعلت جائحة كوفيد-١٩ قبلها – هشاشة منظومة الغذاء الحالية واعتمادها الشديد على المدخلات الكيميائية المُنتَجة بواسطة الوقود الأحفوري وعلى تجارة السع العالمية، ما يسلّط الضوء على ضرورة اعتماد منظومة غذائية محلّية ومتنوّعة وأكثر قدرة على التأقلّم.


ودعت المداخلة أجهزة الامم المتحدة المعنية للتعاون مع دول الشرق الاوسط من اجل معاجلة مكامن الخلل في منظومة الغذاء والزراعة الصناعية والقائمة على التسليع، وهي منظومة غذاء عالميّة غير سليمة وترزح تحت وطأة أنماط الغذاء غير المستدامة للطبقة الفاحشة الثراء وتحت آثار تغيّر المناخ وفقدان التنوّع البيولوجي، وتراجع خصوبة التربة نتيجة الاستخدام المفرط للكيماويات الزراعية.


وأكدت المداخلة، أن الحق فى الغذاء يتعرض لازمة شديدة فى الشرق الاوسط بسبب الازمة الاوكرانية والتغييرات المناخية ويحتاج الى تحرك اممى عاجل يضمن خطط سريعة وتعاون دولى يمكن دول المنطقة من بناء اقتصادات أكثر شمولا واستدامة، واتخاذ تدابير تتيح تحسين قواعد التجارة الدولية فى مجالى الأغذية والزراعة، وتعزيز الكفاءة الانتاجية، وتطوير نظم غذائية وزراعية أكثر عدلا، وقادرة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.