دموع الأوفياء

كرم جبر
كرم جبر

كان الأوفياء يذرفون الدموع دماً، وهم يتابعون الكاميرات الشيطانية تعبث فى الشوارع والميادين، وتبث الخراب والدمار، فهل هانت مصر عليهم وعلى الأشرار إلى هذا الحد ؟.

كانت الدماء تغلى فى عروقنا، ونحن نشاهد مؤامرات خارجية تحاول هدم تاريخ عظيم لمصر والسطو على مكانتها وحضارتها وعزتها وكبريائها، بتواطؤ عصابة إرهابية، أرادت أن تختزل شرعية الوطن فى صناديقها المزيفة.

«أخويا الشهيد بيقولك خلى بالك من مصر»، وانفجر فنانو مصر ورموز قوتها الناعمة فى البكاء أثناء أوبريت «حبيبى يا وطن يا وطن المحبة والقلب المؤتمن.. لو مت فى سبيلك بسدد التمن»، دموع الخوف على مصر التى تتألم، بتاريخها وثقافتها وحضارتها وحبها وتسامحها، وشعبها الوفى الطيب، الذى يحب الحياة ويكره أعداء الحياة.

فى مسرح الجلاء، 25 أبريل 2013، ليلة الاحتفال بذكرى تحرير سيناء، بحضور وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، ورموز الفكر والفن والسياسة والإعلام فى مصر، ولم يحضر المعزول ولا إخوانى واحد، والدموع هى التى أشعلت الثورة، دموع القوة وليس الضعف، والعزة والكبرياء والكرامة، وليس الاستكانة والمذلة والخنوع.

«عاوز أقول كلمتين صغيرتين، الجيش المصرى وطنى عظيم وشريف، لا تقلقوا أبداً على بلدكم مصر، فالمصريون عندما أرادوا التغيير غيروا الدنيا كلها، لما جيش مصر نزل حماكم وقعد 18 شهرًا ايده لم تمتد، خلوا بالكم من هذا الكلام جيداً، إحنا أيدينا تنقطع قبل ما تمسكم، وأنا أقسمت منذ 3 أسابيع ياريت كلكم تكونوا سمعتوه، أنا قلته عشان كل مصرى قاعد فى بيته يكون مطمئناً رغم كل الشوشرة المرصودة.. وعشان مصر تفضل مصر، وهتفضل مصر».

لم يضع مجهود مثقفى مصر العظماء هباء، واستدعت البلاد «احتياطى الذات» المصرية، الذى تكون على مدى مئات السنين لمواجهة الخطر الداهم، خطر تجريد وطن عظيم من قوته الناعمة، التى يباهى بها الدنيا، واستبدالها بقوة خشنة ظاهرها القبح وباطنها التآمر، وعنوانها المتاجرة بالدين، وفحواها إمارة يحكمها السيف والجلاد وقاطع الرقاب.

القوة الناعمة هى الرصيد الذهبى لثورة 30 يونيو، وتحدت الأناشيد الحماسية جبروت الميليشيات المسلحة، وتغلبت المشاعر الوطنية المتدفقة على الشرعية الزائفة، فلا شرعية لمرشد زائف ولا رئيس كومبارس ولا لأهله وعشيرته.. شرعية مصر فى شعبها وجيشها، وفى العلم والنشيد، وأقسم الطرفان يمين الولاء «رسمنا على القلب وجه الوطن، نخيلاً ونيلاً وشعباً أصيلا.. وصنّاك يا مصر طول الزمن، ليبقى شبابك جيلاً فجيلاً».
تصوروا أنهم سيطروا على مصر وشعبها، لم يفهموا الرسالة التى سطرها الشعب بدموع من نار العزة، إلى الجيش.. «مصر أمانة فى رقبتكم»، «انقذوا مصر من الضياع»، وجاءت رسائل الطمأنة وإحياء الأمل سريعة.