أوراق شخصية

أطفال الواقع الافتراضى (2)

آمال عثمان
آمال عثمان

استخدام الأطفال لمواقع التواصل الاجتماعى أضحى قضية عامة، تحتاج لحلول قانونية ومجتمعية، حتى بالنسبة للآباء الذين يضعون قيوداً على استخدام أطفالهم للأجهزة الإلكترونية، فلم تعد الضوابط التى وضعت فى بداية عصر السوشيال ميديا قبل20عاماً، قادرة على حماية الأطفال من المخاطر والأضرار المتزايدة فى ظل عدم وجود عقوبات مالية أو قانونية، وسعى الشركات لجذب المستخدمين الأصغر سناً إلى منصاتهم، والضغوط التى تمارسها شركات التكنولوجيا المهتمة بالأرباح، لعرقلة أى قوانين تمنع استخدام الأطفال لتلك المواقع.

وقد وضعت بعض الدول مثل ألمانيا وإيرلندا وسويسرا قواعد صارمة، تشترط بلوغ المستخدم 16سنة للحصول على الموافقة الرقمية، مع وجود المزيد من المتطلبات القانونية للتحقق من بلوغ هذا العمر، ووفق ما جاء فى مجلة «ناشيونال ريفيو» فإن تحديد العمر الذى يحكم استخدام منصات التواصل الاجتماعى، كان فى البداية بهدف حماية الأطفال من الإعلانات المستهدفة وجمع بياناتهم، ولكن اليوم ضرر وسائل التواصل الاجتماعى ليس الإعلانات، وإنما استخدام المنصات نفسها!

ورغم أن شركات التكنولوجيا تدرك المخاطر الكبيرة، والأضرار المتنامية للمنصات التى يبيعونها للأطفال، إلا أنها لا تبذل جهداً حقيقياً للتحقق من أعمار مستخدميها، ويترك عبء إثبات الضرر ومسئولية تقييم المخاطر للوالدين، برغم توفر العديد من أنظمة التحقق من العمر لدى الشركات، وتتزايد المخاطر فى ظل رهان شركات التكنولوجيا على مستقبل المنصات الاجتماعية الأكثر شمولاً، وإنشاء «الواقع الافتراضى الاجتماعى» فى Metaverse، والذى من شأنه أن يستخدم تقنية VR للسماح لمستخدمى الوسائط الاجتماعية بالتفاعل مع بعضهم البعض، مما يثير مجموعة من المشكلات حول تأثير استخدام هذه التكنولوجيا على الأطفال، والقلق من سماعات الرأس المستخدمة فى «الواقع الافتراضي» حالياً عليهم، وتلاشى هذا القلق مع زيادة الأرباح من ألعاب ومنصات أطفال الواقع الافتراضى!!

لذا يرى الخبراء ضرورة انتهاز تلك الفرصة، لفرض بعض القيود على استخدام الأطفال لهذه المنصات، ووضع قانون قابل للتنفيذ، يحظر بموجبه استخدام وسائل التواصل الاجتماعى لمن هم أقل من 16عاماً، صحيح أن هناك دائماً أشخاصاً ينتهكون القانون لتحقيق غاياتهم الخاصة، ولكن هذا لا يجعله عديم الجدوى، وبرغم أن القانون أداة فظة لحل المشكلات الاجتماعية المعقدة، إلا أنه أحياناً يكون الأداة الوحيدة المتاحة.

إذا كنا مهتمين بسلامة أطفالنا فى العالم الواقعي، فكيف لا نبالى بسلامتهم حينما يتعلق الأمر بالواقع الافتراضى؟!