صباح الفن

صحوة المدينة

انتصار دردير
انتصار دردير

بعد سنوات مما اعتبره كثيرون «ملفاً شائكاً» فى منح تراخيص لتصوير أفلام أجنبية فى مصر، وتداخل عدة جهات كانت تعمل كل واحدة منها وكأنها فى «جزيرة منعزلة»، وساهمت فى هروب كل شركات الإنتاج القادمة إلينا من الخارج للتصوير فى بلدان أخرى، مما تسبّب فى فقداننا ملايين الدولارات، فهل آن الأوان لأن نحرك المياة الراكدة، وتنتهى كل هذه التعقيدات؟!

أرجو أن تكون التصريحات التى صدرت عن رئيس مدينة الإنتاج الإعلامى عبد الفتاح الجبالى خلال زيارة المخرج محمد دياب للمدينة فى الأسبوع الماضي، بداية لصحوة حقيقية لحل هذه المعضلة التى قتلناها بحثاً.

بالفعل أهدرنا فرصاً عديدة، فقدنا خلالها ثقة شركات الإنتاج الكبرى التى وضعتنا ضمن «القائمة السوداء» للدول التى لا ترحب بالتصوير فى أراضيها، بل إننا أفرطنا من دون مبرر بوضع العراقيل، وفقدنا أفضل دعاية ورواج سياحي.

حدث هذا ونحن لدينا مدينة إنتاج كبيرة تزخر بالاستديوهات والإمكانات، ونملك كنوزاً من الآثار والأماكن السياحية الجاذبة، ومواقع التصوير الفريدة، والشواطئ الممتدة فى كل محافظات مصر، ورغم ذلك هجرتنا أعمال عديدة من تصوير مشاهد تجرى أحداثها فى مصر لتصور فى بلدان أخري، كان آخرها مسلسل «فارس القمر» أحدث أعمال «مارفل» الذى أخرجه محمد دياب وسعى لتصوير بعض مشاهده فى شوارع القاهرة والأماكن الأثرية، ونتيجة لتعثر الإجراءات والتصاريح، تم استبدال تصويرها فى المجر. 

الأزمة الحقيقية تكمن فى إدراكنا للمعوقات الإدارية والبيروقراطية التى تواجه تصوير هذه الأعمال، وفى الفكرة المطاطة لـ «اللجان» ودراستها للمشاكل التى تتعلق بالتصوير الأجنبي، وامتدت عبر السنوات الأخيرة لينطبق الأمر نفسه على الفيلم المصري.

أما مقترح «الشباك الواحد» الذى نادى به البعض منذ ما يقارب الستة أعوام، ولم يتم تنفيذه إلى الآن، كان ولا يزال هو طوق النجاة لفض الاشتباك بين الوزارات المختلفة وتضاربها فى هذا المجال.

من الواضح أن ما صدر عن الجبالي، من بيان عقب زيارة المخرج محمد دياب، يؤكد أننا لانزال ندور فى نفس الدائرة، من دون النظر للتجارب والتسهيلات والمزايا والقرارات السريعة من دول عربية سبقتنا وتحقق نجاحات فى هذا الاتجاه، وأننا تأخرنا طويلاً تجاه هذه الخطوة، لكن «أن تصل متأخراً خير من أن لا تصل أبداً».