إنها مصر

حلم التضامن العربى

كرم جبر
كرم جبر

صرنا نحلم بعودة العمل العربى المشترك، لنثبت أن الجسد العربى ما زالت فيه الروح، حتى لو اختلفت الرؤى قليلاً، فالمهم أن توضع الملفات الساخنة على الطاولة، ويتم الاتفاق حول "الحد الأدنى" الذى يمكن التوصل إليه.


الحد الأدنى لعودة الروح إلى العمل العربى المشترك، هو أن تتكاتف الجهود وتخلص النوايا، ضد الوحش المفترس المسمى الإرهاب، وأثبتت تجارب السنوات المريرة الماضية أن "من يحضِّر العفريت لا يستطيع أن يصرفه"، وأن من يحتوى الإرهابيين اتقاء لشرهم أو لاستخدامهم ضد آخرين، لا أمان لهم.


الحد الأدنى هو مساعدة الدول المأزومة على استرداد جيوشها الوطنية وتقويتها، وتدعيم قدرتها والقضاء على سطوة الميليشيات واسترداد العواصم والمدن والأقاليم، فلن تقوم قائمة لأى دولة عربية، إلا إذا أعادت بناء جيشها الوطنى، ليدافع عن أرضها وشعبها.
الحد الأدنى هو احترام إرادة الشعوب، وعدم التدخل فى شئونها أو فرض الوصاية عليها، وليس نظريات الديمقراطية المحمولة جواً الآتية من الغرب، على رخات الصواريخ وانفجارات القنابل.
أثبتت التجارب أن الفوضى سر الخراب، وأن حروب "الفناء الذاتى" التى جاء بها الربيع العربى، لم تثمر ديمقراطيات فاضلة، وأن العودة إلى أحضان الدولة الوطنية هى المنقذ والملاذ.
الملف الفلسطينى هو الأكثر ضرراً، فبعد أن كانت فلسطين هى قضية العرب الكبرى، منذ القمة الأولى فى إنشاص سنة ١٩٤٦ وقبل إعلان قيام اسرائيل، ظل الملف يتراجع فى دائرة الاهتمام العربى، خصوصًَا فى السنوات الأخيرة، التى هبت فيها رياح الجحيم - المسمى بالربيع العربى - فتراجع الاهتمام بفلسطين، بعد أن فُتحت فى الجسد العربى جراح غائرة.
تبنت القمم العربية الدعوة لتفعيل مبادرة السلام العربية، ومتابعة تطورات الاستيطان الاسرائيلى، والمحافظة على هوية القدس الشرقية، والجميع يعلم أن القضية أكبر بكثير من التصريحات والأمنيات، وتخضع لأمرين شديدى الخطورة.
أولاً: إصرار إسرائيل على التهام بقية الأراضى الفلسطينية، مدعومة بقرارات بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، بما يؤكد أن الزمن لم يعد فى صالح القضية الفلسطينية، وأن ما كان مطروحاً عليها بالأمس لن تستطيع تحقيقه اليوم.


ثانياً: تعثر محاولات لم الشمل ورأب الصدع بين فتح وحماس، وصولاً إلى موقف فلسطينى موحد، يدحض مزاعم اسرائيل ولعبها على الوقيعة وإذكاء للصراع والفتن، فوحدة الصف الفلسطينى هى الخطوة الوحيدة لإحياء السلام، وإخراج القضية برمتها من ثلاجة التجميد.
آن الأوان للم الشمل ورأب الصدع، ومحاولة اللحاق بحلم التضامن العربى، وبداية اليقظة هى الشعور بالخطر الشديد، والرغبة فى نبذ الفرقة والخلافات، والاتفاق على حد أدنى يحمى المصالح العربية المشتركة، ويجعلها رقماً مؤثراً فى المعادلة والسياسات التى يجرى وضعها للمنطقة.