شخصيات و حكايات

نجوم من زمن فات l حمادة عبداللطيف .. الحاوى والحريف

حمادة عبداللطيف مع النجوم رضا عبد العال وجمال عبد الحميد
حمادة عبداللطيف مع النجوم رضا عبد العال وجمال عبد الحميد

شوقى‭ ‬حامد

كنت‭ ‬أرمقه‭ ‬فى‭ ‬غدوى‭ ‬ورواحى‭ ‬وهو‭ ‬يلعب‭ ‬الكرة‭ ‬أمام‭ ‬منزله‭ ‬مع‭ ‬الصبية‭ ‬من‭ ‬أقرانه‭ ‬فى‭ ‬شارع‭ ‬زكى‭ ‬عثمان‭ ‬المجاور‭ ‬لشارعنا‭ ‬ولا‭ ‬يفصل‭ ‬منزلنا‭ ‬عنه‭ ‬إلا‭ ‬عدة‭ ‬مئات‭ ‬من‭ ‬الأمتار‭ ‬فتجبرنى‭ ‬لمساته‭ ‬الفنية‭ ‬الساحرة‭ ‬وتعاملاته‭ ‬الرشيقة‭ ‬الماهرة‭ ‬مع‭ ‬الساحرة‭ ‬المستديرة‭ ‬بالوقوف‭ ‬والمتابعة‭ ‬وتنبأت‭ ‬لهذا‭ ‬الصبى‭ ‬الموهوب‭ ‬بمستقبل‭ ‬مشرق‭.. ‬ولم‭ ‬يكد‭ ‬يبلغ‭ ‬الـ‭ ‬١٤‭ ‬ربيعا‭ ‬إلا‭ ‬وقاده‭ ‬خاله‭ ‬اللاعب‭ ‬السابق‭ ‬محمود‭ ‬فوزى‭ ‬لاجتياز‭ ‬اختبارات‭ ‬الناشئين‭ ‬بالزمالك‭ ‬وهرع‭ ‬المسئولون‭ ‬هناك‭ ‬لضمه‭ ‬وتوقيعه‭ ‬ليصبح‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬اللاعبين‭ ‬فى‭ ‬القطاع‭ ‬ويبادر‭ ‬المدير‭ ‬الفنى‭ ‬ميسوفيتش‭ ‬بتصعيده‭ ‬للفريق‭ ‬الأول‭ ‬عام‭ ‬٨٢‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬قد‭ ‬تجاوز‭ ‬الـ١٩‭ ‬سنة‭ ‬ويزامل‭ ‬الأفذاذ‭ ‬أمثال‭ ‬شحاتة‭ ‬وجعفر‭ ‬وسعد‭ ‬يوسف‭ ‬وشلبى‭ ‬وعبدالحليم‭ ‬ولم‭ ‬يجد‭ ‬صعوبة‭ ‬كبيرة‭ ‬فى‭ ‬فرض‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬التشكيل‭ ‬الأساسى‭ ‬كصانع‭ ‬ألعاب‭ ‬ومهندس‭ ‬بوسط‭ ‬الملعب‭ ‬ولحقبة‭ ‬زمنية‭ ‬طويلة‭ ‬استمرت‭ ‬معظم‭ ‬سنوات‭ ‬الثمانينات‭.‬

 

‭ ‬والحاوى‭ ‬كما‭ ‬عرفته‭ ‬عن‭ ‬قرب‭ ‬كجارى‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬الدقى‭ ‬من‭ ‬مواليد‭ ‬٢٢‭ ‬مايو‭ ‬٦٣‭ ‬من‭ ‬أسرة‭ ‬ميسورة‭ ‬الحال‭ ‬كان‭ ‬والده‭ ‬يعمل‭ ‬بالتجارة‭ ‬وتقطن‭ ‬الأسرة‭ ‬فى‭ ‬إحدى‭ ‬الفيلات‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الحى‭ ‬الراقى‭.. ‬وحمادة‭ ‬عبداللطيف‭ ‬كإنسان‭ ‬هادئ‭ ‬ساكن‭ ‬صموت‭ ‬خجول‭ ‬ورغم‭ ‬صداقاته‭ ‬العديدة‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يألف‭ ‬ولا‭ ‬يُقبل‭ ‬على‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭ ‬إلا‭ ‬بتحفظ‭ ‬شديد،‭ ‬وعندما‭ ‬نضج‭ ‬الصبى‭ ‬أصبح‭ ‬لنا‭ ‬حوارات‭ ‬ونقاشات‭ ‬عابرة‭ ‬عندما‭ ‬نتلاقى‭ ‬بالصدفة،‭ ‬وهو‭ ‬يجيد‭ ‬الإنصات‭ ‬ويسعى‭ ‬للاستفادة‭ ‬مما‭ ‬يدور‭ ‬حوله‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬أيضا‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬مقاومة‭ ‬فطريته‭ ‬المزاجية‭ ‬التى‭ ‬تقوده‭ ‬لاتخاذ‭ ‬مايراه‭ ‬من‭ ‬قرارات‭ ‬وسلوك‭ ‬ما‭ ‬يقتنع‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬سلوكيات‭ ‬رافضا‭ ‬أى‭ ‬مساعٍ‭ ‬أو‭ ‬نصائح‭.

 

فكم‭ ‬تلقى‭ ‬النصح‭ ‬بالتخفيف‭ ‬من‭ ‬احتفاظه‭ ‬بالكرة‭ ‬والتقليل‭ ‬من‭ ‬مراوغته‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬حوله‭ ‬وضرورة‭ ‬التمرير‭ ‬لزملائه‭ ‬فى‭ ‬أماكن‭ ‬أفضل،‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬اعتاد‭ ‬أن‭ ‬يرسم‭ ‬تابلوهات‭ ‬فنية‭ ‬بديعة‭ ‬ويعزف‭ ‬مقطوعات‭ ‬موسيقية‭ ‬رائعة‭ ‬لتستقبل‭ ‬أذناه‭ ‬الآهات‭ ‬والتصفيقات‭ ‬وينتشى‭ ‬بسماع‭ ‬كلمات‭ ‬الإطراء‭ ‬وعبارات‭ ‬الإعجاب‭.. ‬ولعل‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬والصفحات‭ ‬الرياضية‭ ‬أسهمت‭ ‬فى‭ ‬تعميق‭ ‬مزاجية‭ ‬الحاوى‭ ‬عندما‭ ‬خرجت‭ ‬علينا‭ ‬وهى‭ ‬تشيد‭ ‬بتلك‭ ‬الموهبة‭ ‬الفذة‭ ‬وهذه‭ ‬المهارة‭ ‬الفريدة‭ ‬وظل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬محققا‭ ‬بعض‭ ‬البطولات‭ ‬وحاصدا‭ ‬الانتصارات‭ ‬فأسهم‭ ‬فى‭ ‬تحقيق‭ ‬بطولتين‭ ‬للدورى‭ ‬ومثلهما‭ ‬لكأس‭ ‬مصر‭ ‬وبطولة‭ ‬لأفريقيا‭ ‬عام‭ ‬٨٤‭ ‬وأخرى‭ ‬عام‭ ‬٨٦‭ ‬وكأس‭ ‬الأفروآسيوية‭ ‬وبطولة‭ ‬الاستقلال‭ ‬بقطر‭ ‬كما‭ ‬استحق‭ ‬لقب‭ ‬أفضل‭ ‬لاعب‭ ‬بمصر‭ ‬عام‭ ‬٨٨‭.. ‬كانت‭ ‬أفظع‭ ‬الصدمات‭ ‬التى‭ ‬تلقاها‭ ‬الحاوى‭ ‬هى‭ ‬عدم‭ ‬انضمامه‭ ‬لمنتخب‭ ‬مصر‭ ‬قبل‭ ‬التصفيات‭ ‬القارية‭ ‬للمشاركة‭ ‬فى‭ ‬مونديال‭.١٩٩٠‭ ‬ .

 

كان‭ ‬الأسطورى‭ ‬كابتن‭ ‬محمود‭ ‬الجوهرى وقتها‭ ‬هو‭ ‬المدير‭ ‬الفنى‭ ‬وانضم‭ ‬الحاوى‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الموهوبين‭ ‬المستبعدين‭ ‬وكأن‭ ‬الجوهرى‭ ‬لم‭ ‬يشأ‭ ‬أن‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬المهارة‭ ‬والموهبة‭ ‬وفضل‭ ‬عليهما‭ ‬القوة‭ ‬والإنتاج‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعله‭ ‬عرضة‭ ‬للخلافات‭ ‬التى‭ ‬كان‭ ‬أشهرها‭ ‬خلافه‭ ‬مع‭ ‬طاهر‭ ‬أبوزيد،‭ ‬إمام‭ ‬الموهوبين‭ ‬آنذاك‭.

 

‬اتجه‭ ‬حمادة‭ ‬عبداللطيف‭ ‬أيامها‭ ‬للهروب‭ ‬من‭ ‬الساحة‭ ‬المحلية‭ ‬طاويا‭ ‬أحزانه‭ ‬ولجأ‭ ‬إلى‭ ‬سلطنة‭ ‬عمان‭ ‬وانضم‭ ‬لنادى‭ ‬مرباط‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬١٩٩١‭ ‬مكملا‭ ‬الثلاثى‭ ‬طاهر‭ ‬أبوزيد‭ ‬وشوقى‭ ‬غريب‭ ‬وحصل‭ ‬على‭ ‬لقب‭ ‬أفضل‭ ‬لاعب‭ ‬أجنبى‭ ‬بالسلطنة‭ ‬فى‭ ‬استفتاء‭ ‬جريدة‭ ‬الوطن،‭ ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬والاجتياز‭ ‬رفض‭ ‬عبداللطيف‭ ‬كل‭ ‬العروض‭ ‬المغرية‭ ‬لاستبقائه‭ ‬ورحل‭ ‬إلى‭ ‬نادى‭ ‬النجمة‭ ‬اللبنانى‭ ‬ملبيا‭ ‬نداء‭ ‬الكابتن‭ ‬عصام‭ ‬بهيج‭ ‬أبيه‭ ‬الروحى‭ ‬والمدير‭ ‬الفنى‭ ‬للنجمة‭ ‬وقام‭ ‬بالتوقيع‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬يلزمه‭ ‬بالبقاء‭ ‬للشرط‭ ‬الجزائى‭ ‬الكبير‭ ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬الأيام‭.. ‬وعقب‭ ‬عودته‭ ‬لمصر‭ ‬تلقى‭ ‬عروضا‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الأندية‭ ‬الكبرى‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬فضل‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬بيته‭ ‬الذى‭ ‬تربى‭ ‬فيه‭ ‬وهو‭ ‬الزمالك‭ ‬وواجه‭ ‬عقبات‭ ‬كئودة‭ ‬فاتخذ‭ ‬القرار‭ ‬الصعب‭ ‬لهجر‭ ‬البساط‭ ‬الأخضر‭ ‬عام‭ ‬١٩٩٢‭.. ‬وبخصاله‭ ‬الهادئة‭ ‬وأخلاقياته‭ ‬الوديعة‭ ‬لم‭ ‬يشأ‭ ‬العمل‭ ‬فى‭ ‬مجالات‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬وكان‭ ‬له‭ ‬بعض‭ ‬الأنشطة‭ ‬التجارية‭ ‬التى‭ ‬لم‭ ‬يحظ‭ ‬بالنجاح‭ ‬الكبير‭ ‬فيها‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬انضم‭ ‬للاستديوهات‭ ‬التحليلية‭ ‬بالقنوات‭ ‬الفضائية‭.‬