يوميات الاخبار

المثلية.. توتة توتة بدأت الحدوتة!

علاء عبدالهادى
علاء عبدالهادى

انتظروا سندريلا تحلم بأن يتوج حلمها بالزواج بسندريلا مثلها وليس بالأمير !!

كنت أجد فى جلوس ابنى وهو لا يزال طفلا أمام قناة الأطفال متابعا أفلام «توم أند جيرى» فرصة ذهبية آمنة لى ولأمه لالتقاط الأنفاس من فرط حركته، وكثرة بكائه، كنت فى كثير من الأحيان أشاركه المشاهدة، أتابع حركات ومقالب الفأر جيرى مع القط توم، أضحك من أعماق قلبى، وكانت الخطورة محصورة فى مخاوف تقليد الأطفال لحركات الشخصيات التى يحبونها فى الكارتون؛ لعدم ادراكهم بعد للحد الفاصل بين الواقع والخيال أو فى تأثر لغتهم بسبب «دبلجة الأعمال» وتقديمها بلهجة ليست مصرية. رضينا بالضرر على خطورته لعدم وجود البديل، ولم نكن ندرى ما تخبئه لنا الأيام حتى خرجت علينا «كيرى بورك» رئيسة المحتوى الترفيهى فى «والت ديزنى» مؤخرا بتصريح كارثى تبشرنا فيه بأن 50% من أبطال أعمال ديزنى سيكونون مستقبلا من المثليين جنسيا!!

توتة توتة !

منتهى أمل أى مبدع أن تنتج «ديزنى» أحد أعماله، وديزنى نفسها قالت إنها تستهدف كتابات تنصف مجتمع «الميم» إذن انتظروا أن يرى أطفالكم قريبا قصة حب تربط اثنين من الشواذ (آسف من المثليين أو من مجتمع الميم !!!) تتوج بالزواج، وربما لن تستطيع أى أم أن تحكى لطفلها حدوتة قبل النوم وتختمها بالمقولة الأشهر «واتجوز الأمير حبيبته ست الحسن والجمال، وعاشوا فى تبات ونبات وخلفوا صبيان وبنات، وتوتة توتة خلصت الحدوتة». فقد يأتى يوم لا تجذب فيه سندريلا، الشاطر حسن، بل يجذبه شاطر آخر مثله!!
هذا يعنى ببساطة أنه سيتم خلق شخصيات مثلية مثالية داخل السياق الدرامى للأعمال التى سيتم إنتاجها، بهدف أن نتقبل هؤلاء المثليين فى حياتنا، ونتعامل معهم، كما نتعامل مع أى انسان طبيعى، وصولاً للهدف الأسمى: عالم يتسامح مع كل جنس من كل شكل ولون، يعنى لا مانع من أن تحب وتتعلق فتاة بأخرى مثلها، بل وتتوج هذه العلاقة بالزواج، على «سنة الشيطان وأتباعه»، ولا مانع من أن تتجه مشاعر شاب إلى شاب مثله فى العمل أو السكن، وأن يجد فيه كل الصفات لشريك يكمل معه بقية حياته «زوج وزوجة»، وسوف تفاجأ برجل مشعر وله ذقن بل وشنبه يقف عليه الصقر لكنه من داخله يحمل مشاعر أنثى ويحتاج الى رجل مثله يحتويه ويتخذ منه رجلا له، ويعيش هو دور الأنثى، وتتوج أيضا هذه العلاقة بزيجة موثقة، يحضرها علية القوم، ويهنئون ويباركون لطرفى العلاقة، ويتمنون لهم حياة زوجية سعيدة!
الغرب تصالح منذ سنوات مع شواذه الى حد أنه لم يعد يعتبرهم شواذ، بل ووصل الأمر الى مرحلة أنه يتعامل مع من يرفض هذا الوضع، أو يرفض إضفاء الشرعية عليه بأنه هو الشاذ، لأنه يقف ضد حقوق الإنسان، وأبسط حقوقه أن يختار جنسه.. تخيلوا!
نشأت الحياة على الأرض: إنسان وحيوان ونبات على ركيزتين: الذكر والأنثى، وبانجذابهما إلى بعضهما البعض يعمر الكون، فكيف سيعمر الآن بأنثى تكتفى بأنثى مثلها؟ وكيف سيعمر رجل الكون وهو مكتف برجل مثله؟
أعتذر أننى خصصت اليوميات لهذه التفاصيل الصادمة التى قد تراها ضرباً من الخيال، ولكن فى عصرنا هذا أصبح كل شىء جائزا، وما كان يحدث فى قرون يحدث الآن فى سنوات وربما فى شهور.. لا أتحدث بلسان رجال الدين، ولكنى أتحدث عن رأى بسيط قد يراه راعى الأغنام مع ماشيته فى الصحراء، ويتندر اذا رأى حيواناً يحاول أن يعتلى حيواناَ آخر من نفس جنسه، بل وينهال عليه ضرباً لأنه اعتلاء فى غير محله، ولن ينجب صغاراً، الغرب يسير بالدنيا الى هلاكها لا محالة فماذا نحن فاعلون؟
هل ننتظر مثلا أن نجد أولادنا وأحفادنا يشاهدون أبطال الكارتون من المثليين، وبدلاً من أن ينشأ الطفل على أن الأسرة هى أب وأم وأبناء، يتغير هذا المفهوم لتكون الأسرة مكونة مثلا من رجلين وطفل يتم تبنيه.. أو أنثى تعيش مع أنثى مثلها ولديهما ابن يتم تبنيه؟!
كانت المشكلة منذ عدة عقود هى الجرأة فى ضرورة أن يفهم الطفل بعض القيم الجنسية صراحة، والفارق بين الذكر والأنثى وشكل العلاقة، الآن انتقل الغرب إلى مرحلة أخطر، هى مرحلة المجاهرة بالمثلية التى كان عقابها عندهم الإعدام حتى عدة قرون مضت، ثم تحولت الى السجن والجلد، وشيئا فشيئا تحولت الى واقع يجَرم من ينكره، ومؤخراً انقلبت فرنسا على اللاعب السنغالى «إدريسا جاي» لاعب باريس سان جيرمان الذى رفض ارتداء القميص الذى يدعو الى التسامح مع المثلية الجنسية، واعتبرت إدارة الرئيس الأمريكى بايدن أن أحد أكبر إنجازاتها الإتيان بمتحدثة مثلية للبيت الأبيض.. الرأى العام الأمريكى لم يقف كثيراً أمام كونها مثلية أو أمام بشرتها السمراء، ولكنه وقف أمام مخاوف تعارض المصالح بين المتحدثة المثلية ورفيقتها أو صاحبتها أو التى تشاركها الفراش وهى فى الوقت نفسه مراسلة «السى ان ان» فى البيت الأبيض.

ماذا نحن فاعلون؟

كان من الممكن أن نقف عند حدود الآية الكريمة «لكم دينكم ولى دين» ولكن كيف أعيش أو يعيش أبنائى وأحفادى بمعزل عن عالم، أبعد أطرافه لا تتجاوز أنامل الطفل الرضيع الذى يحرك الدنيا بلمسة من أصابعه الرقيقة، هل نتركه للغرب لكى يربيه بقيمه الشاذة، أم نغلق الباب ونتحجر؟!
القضية صعبة وليست سهلة.. نحن مستهلكون من الدرجة الأولى.. الغرب يصنع ونحن نستهلك.. نستهلك طعام وسلاح الغرب، ونشاهد ونتابع أفلامه وقيمه.
بدأوا بالإباحية، وجعلوها أهم صناعة تدر دخلاً، وصدروها لكل جحر فى الكرة الأرضية والآن انتقلوا إلى الشذوذ الذى يكتسب كل يوم أرضا واذا كانت منصة «مارفل» بدأت رحلتها بفيلم جعلت فيه أحد أبطالها الخارقين «الهيرو» شاذاً فهذه هى البداية، لذلك انتظروا قريباً توم يخمش توم مثله، وانتظروا سندريلا تحلم بأن يتوج حلمها بالزواج بسندريلا مثلها وليس بالأمير!!
منذ أن كنت طفلا وأنا أسمع عن مشروعات لإنشاء قناة أطفال، وأخرى وثائقية، ولم تتحقق أى من الأمنيتين.
قبل عدة سنوات قال لى أكبر ابنائى بسعادة غامرة انه ذاهب الى حفل فى ساقية الصاوى بعد أن نجح فى الحصول على تذكرة لحفل ستقدمه فرقة تقدم اشهر أغانى «سبيس تون» كان سعيداً كما لم أره من قبل، فعل ذلك وبعد أن تخرج فى الجامعة بل وأصبح مهندسا ويعمل.. هذا هو الغزو بكل معانيه وصوره، فهو محب ومخلص ومرتبط بما تنشَّأ عليه.. تخيل أحفادك وأبناءك سيجلسون اليوم ليشاهدوا أفلام كارتون أو أفلام «أنمى» تعزز وتزرع بداخلهم قيما تحثهم على قبول المثليين وسطهم فى المدرسة والجامعة والكنيسة والجامع، سيقولون له من خلال الكارتون أو فيلم «الأنميشن» إنه عادى أن يختار إنسان مثله مثلك نوع جنسه، كما يحب، ربنا خلقه ذكرا لكنه يفضل أن يكون أنثى، ما المشكلة ان يعيش كأنثى أو يعبر جنسيا الى عالم الأنوثة ؟ جسده وهو حر فيه !!
هذا ما يسعون إليه، خربوا عقول الكبار، وجاءوا الآن على النبت، لكى يزرعوا بذرتهم الخبيثة ويتعهدوها بالرعاية، لتنبت حدائق الشيطان.
تخيل الدنيا خلال سنوات ليست ببعيدة عندما تتحدث ابنتك عن مشاعر حبها لزميلتها التى تجلس بجانبها فى الفصل المدرسى، تخيل، فى هذا المناخ الجديد الذى وضعونا فيه، حجم القلق الذى قد يعبث برأسك اذا قالت لك ابنتك إنها تحب زميلتها، وهو أمر طبيعى تسعد له عندما تعثر ابنتك على صديقة لها تحبها وتأتمنها على أسرارها، الآن ألن تشعر بخوف وريبة وسوف تتساءل عن نوع الحب الذى يربط ابنك بزميله، وكيف ستفرق بين حب فطرى برىء نشجعه بل ونسعى إلى وجوده، وبين حب يرعاه إبليس؟!
ألن تشعر بالقلق و«يلعب الفار فى عبك» اذا جاءك ابنك الصبى يتحدث يوماً عن حبه لزميله وصديقه الذى يشاركه ألعابه، ويذهبان معاً الى النادى، ماذا ستقول له؟، وكيف تعلمه الفارق بين مشاعر الصداقة النبيلة التى زرعها الله فينا، وبين غريزة انحرفوا بها عن مجراها الطبيعى؟
كيف سنعلمه قيم ومعانى الصداقة والأخوة ونقول له «رب أخ لم تلده امك» اذا كان الأخ من الممكن أن يتحول يوما الى حبيب وعشيق، بل وزوج؟!!

قناة للطفل

ويتكرر السؤال.. ماذا نحن فاعلون؟
ابنى وابنك يجلس بالساعات أمام شاشة التليفزيون وأمام شاشة الموبايل، هذا أمر واقع، كيف ستتحكم فى المحتوى الذى يشاهده؟ كنت تعتقد أنه فى مأمن وهو يشاهد قناة اطفال، الآن سوف تصبح قناة الأطفال أشد خطراً.


لماذا لا ننتج نحن كعرب وشرقيين محتوًى يتفق مع عاداتنا وتقاليدنا؟
مصر لديها خبرات متراكمة فى هذا المجال من كتَّاب، ومؤلفى أدب طفل، ورسامين ومبرمجين يستطيعون صناعة محتوًى يجذب الطفل، ولكن بقيمنا، وأخلاقنا.
القناة الموجهة للطفل بالتأكيد مكلفة، ولكن مهما ارتفعت كلفتها فلن تكون بحجم كلفة ضياع أمة.