مع انطلاق منصة «ديزنى+» بالمصرى .. لا تخافوا لكن احذروا

منصة “ديزنى+” بالمصرى
منصة “ديزنى+” بالمصرى

ريزان العرباوى

جاء قرار شركة “ديزنى” العالمية بعودة الدبلجة باللهجة المصرية لأفلام الرسوم المتحركة من جديد بعد غياب 10 سنوات, بمثابة انتصارا وتأكيدا على إبداع المصريين فى هذا المجال, وذكاء الشركة لضمان نجاح وانتشار منصة “ديزنى+” التى انطلق بثها بالأمس, اعتمادا على شعبية وجاذبية اللهجة المصرية, إلا أن هذا القرار أثار بعض التساؤلات واقترنت بتخوفات من دس الأفكار الغربية التى تحاول الشركة بثها من خلال أفلام الكرتون المخاطبة لعقل الطفل والنشء الجديد فى المقام الأول، ومنها الترويج للمثلية الجنسية، مما أتاح المجال لتساؤل حول إذا كان سيتم تمصير أو تعريب الأفكار بما يتلائم مع القيم الشرقية أم ستتم الدبلجة فقط بناء على توجهات “ديزنى”، أم أن هناك حسابات أخرى؟، والأهم هو لماذا لا يتم إنتاج كرتون مصرى يحمل قيما ويعبر عن هوايتنا، حتى نوفر البدائل لمواجهة الحروب الفكرية .. نحو كرتون مصرى. 

 

مع انطلاق منصة “ديزنى+” التى بدأت ببث محتوها بالأمس, أعلنت الشركة عن طرح جميع أفلامها السابقة والتى تم إنتاجها ما بين عام 2012 إلى عام 2021 بدبلجة مصرية كاملة, ومن ضمن تلك الأعمال “جامعة المرعبين, موانا, كوكو, الدعسوقة, الباندا الأحمر الكبير, سنجب وسنجوب, قصة لعبة4, كار3, فروزن2”.

 

وقبل الإعلان عن انطلاق المنصة, كانت “ديزنى” قد اتخذت خطوة هي الأولى في تاريخها في الوطن العربي, عندما قررت اصدار أحدث أفلام رسومها المتحركة “إنكانتو” بدبلجتين منفصلتين, الأولى بالعامية المصرية والثانية بالفصحى, وجاء ذلك بعد أكثر من 10 سنوات من المطالبة بإعادة اللهجة المصرية لأفلام ديزني من خلال حملات على مواقع التواصل الإجتماعى, وشارك فى الحملة التى تضمنت هشتاج “ديزنى لازم ترجع بالمصرى” عدد من نجوم الفن منهم محمد هنيدى الذى شارك فى دبلجة عدد من أفلام الرسوم المتحركة منها “شركة المرعبين المحدودة” وتيمون فى فيلم “الأسد الملك” ومن ناحيته اشاد هنيدى بعودة الدبلجة المصرية مرة أخرى عبر حسابه على تويتر.

 

ويذكر أن للنجوم المصريين باع طويل فى مجال دبلجة أفلام الرسوم المتحركة منهم, أمينة رزق, رشوان توفيق, عبد الرحمن ابو زهرة, يحيى الفخرانى, أحمد بدير, أحمد راتب, خالد الصاوى, منى زكى, أحمد السقا, محمد حماقى, مجدى كامل, حنان شوقى, عزت أبو عوف, يوسف داوود, أحمد حلاوة, منال سلامة, غريب محمود,محى إسماعيل وإيهاب فهمى.

 

«حرب فكرية»

وحول أهمية قرار عودة الدبلجة المصرية لأفلام ديزنى وما يترتب عليه, علق السيناريست عمرو سمير عاطف وهو من الكتاب الذين اهتموا بسينما الطفل, وقدم مجموعة من الأعمال فى هذا المجال من أشهرها مسلسل الكرتون “بكار” ومسلسل “مغامرات السندباد البحرى” كما شارك فى مسلسل “عالم سمسم”, قائلا: إن شركة “ديزنى” اتخذت القرار الصحيح بالعودة من جديد للدبلجة باللهجة المصرية, “مصر تمتلك قدرات وطاقات إبداعية فى شتى المجالات الفنية ومن أفضل الفنانين وأنجح التجارب فى دبلجة أفلام ديزنى على مستوى المنطقة العربية والشرق الأوسط كانت من مصر, حتى أننا تفوقنا على العنصر الأجنبى فى هذا المجال وبشهادة ديزنى أنفسهم, فالكفاءة المصرية عالية الجودة وعلى أعلى مستوى, ومن التجارب التى تركت بصمة كبيرة على سبيل المثال محمد هنيدى وعبد الرحمن أبو زهرة وأدائهم المميز من خلال فيلم “الملك الأسد” وبالتالى كان من المنطقى قرار العودة من جديد, الذى كان بانتظاره الملايين فهناك أجيال نشأت على الرسوم المتحركة المدبلجة بالعامية المصرية, وكان الأمر صادما حين توقفت ديزنى عن دبلجة أفلامها باللهجة المصرية عام2012.

 

ويضيف قائلا: “لا أستبعد أن يكون هدفهم الأول ضمان انتشار المنصة الجديدة التى يروجون لانطلاقها, فاللهجة المصرية من أكثر اللهجات انتشارا ولها شعبية كبيرة والأعمال المدبلجة باللهجة المصرية كانت من أنجح الأعمال وأكثرها جذبا للجمهور, وهناك نقطة مهمة يجب أن توضع فى الاعتبار أنه من حق أى دولة أن تسمع وتدرس الأعمال الفنية المراد دبلجتها من أجل الحفاظ على هويتها.

 

وبالنسبة للتخوف من أن يتم دس بعض الأفكار الغربية التى تدعو لاتجاهات تخالف معتقدات وقيم المجتمعات العربية, كالترويج للمثلية فى بعض أفلام الرسوم المتحركة, يقول: هو تخوف يجب أن يوضع فى الاعتبار ولا أستبعد أن يتم تمرير تلك الأفكار من خلال بعض الأعمال, فالشركة لن تحذف من أعمالها لصالح معتقدات شرقية, ودبلجة العمل للغة العربية الفصحى أو اللهجة العامية المصرية لايعنى تمصير أو تعريب العمل, فالتعاقد يتم على عملية الدبلجة فقط وتحت إشراف ومعرفة الشركة بكل صغيرة وكبيرة, وأتذكر عندما تعاونت مع الأمريكان فى مسلسل “عالم سمسم” كان لا يتم تمرير كلمة واحدة دون دراسة وإشراف من قبل فريق مختص, والحل لمواجهة هذا الخطر هو الاعتماد على وعى الفنان فى نقل المحتوى المناسب, إضافة إلى ذلك يجب العمل على إيجاد بدائل مصرية قادرة على مخاطبة الطفل، والمؤسسات المصرية مطالبة بذلك ولكن للأسف لا يوجد اهتمام كبير بهذا المجال أو تشجيع للمنتجين, حتى القنوات التابعة للدولة لا يوجد بها مساحات ملحوظة مخصصة لتقديم مادة ترفيهية للطفل وبالتالى لا نمتلك أى وسيلة دفاع أو هجوم أمام تلك الحرب الفكرية”.

 

«حجر الأساس»

ويرى المؤلف وليد كمال أن هذه الخطوة هى بمثابة تصحيح للأمور وعودة الحق لأصحابه, ويقول: “معروف أن شركة “ديزنى” شركة مشهورة عالميا ولها عشاقها ومتابعيها ولكن الحق يقال فمصر تعتبر من المؤسسين فى مجال دبلجة أفلام الرسوم المتحركة, لذلك أرى أن هذا القرار ليس إضافة أو خطوة للأمام بقدر كونه عودة المكانة لمن يستحق, فالكفاءات المصرية هى التى وضعت حجر الأساس لشغل الدبلجة بإبداع الفنانين المصريين وقدرتهم على الأداء المتميز والمتلون وعلى سبيل المثال وليس الحصر الفنان عبد الرحمن أبو زهرة الذى أبدع بأداء أكثر من رائع من خلال فيلم “الملك الأسد” وتم تكريمه من قبل شركة ديزنى, فالكوادر المصرية هى التى طورت وأضافت للدبلجة روح مميزة ونظام ومعايير, وكنا قادرين على التوافق مع معايير الشركات الأجنبية الصارمة سواء إداريا أو فنيا بشكل غير مسبوق, ومن ذكاء شركة “ديزنى” العودة للدبلجة باللهجة المصرية واللعب فى المضمون بإعادة استثمار نجاح سابق, فهى تعلم جيدا من خلال التاريخ ومن خلال الخبرة والإحصاءات مكانة اللهجة المصرية ومدى انتشارها وانجذاب الجمهور لها فى مختلف بقاع الشرق الأوسط, فهو ذكاء تسويقى قائم على استثمار نجاح قديم من أجل تحقيق انتشار للمنصة وتكوين قاعدة جماهيرية كبيرة فى المنطقة العربية.

 

ويتابع: فكرة التمصير أو مجرد الدوبلاج لأفلام تحمل أفكار غربية، أصحاب القرار والمسئول عنها الشركة نفسها, فهى المتحكم فى المحتوى ومضمونه ولا أعتقد أنها ستراعى القيم الشرقية أو ستغير من سياستها وطبيعتها, لأن الهدف الأساسى لها هو الانتشار وتحقيق الأرباح بتقديم مادة ترفيهيه سواء كانت موجهة أو غير ذلك, وهى الإشكالية التى نعانى منها منذ زمن فى مواجهة الأفلام الأمريكية بشكل عام وليس أفلام الكرتون فقط, والمسئولية هنا تقع على عاتق الفنان المصرى، ومدى وعيه فى انتقاء المحتوى المناسب مع القيم الإجتماعية والدينية لمواجهة هذا الخطر, كذلك يجب على النقابات الفنية والجهات المعنية بشئون الطفل أن تضع ميثاق شرف لهذه المسألة ويتم تعميمه وإلزام الفنانين ببنوده وأيضا الشركات الخاصة بالدبلجة”.

وكان للناقد الفنى طارق الشناوى تعليق على مسألة عودة الدبلجة المصرية لأفلام ديزنى, قائلا: “أعتقد أن الزمن يفرض قانونه والدبلجة والمنصات أصبحت حتمية فى الحياة لذلك يجب علينا نبذ فكرة التخوف من بث أى أمور لها علاقة بالأخلاقيات, مع أنها مسألة واردة وغير مستبعدة, ولكن الخوف من الشئ لا يعنى عدم ممارسته, إنما علينا أن نخوض التجربة ونستمتع بالمادة الترفيهية بعيون يقظة وعقل متفتح. فهى خطوة تحسب لصالح الفن المصرى، فاللهجة المصرية جزء من أسلحة الدولة الناعمة والأكثر جذبا وانتشارا, ومن المتوقع أن يتم تخصيص نسخ للشرق الأوسط, فهم ليسوا بالغباء الذى يقودهم لخسارة الجمهور العربى, وفى النهاية هى خدمة مدفوعة مقابل اشتراك شهرى وليست مفتوحة فى متناول الجميع”.