فى الصميم

لبنان.. والتغيير الصعب!!

جلال عارف
جلال عارف

نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة فى لبنان الشقيق كانت تقول بكل وضوح: إن الطريق صعب، وأن التغيير المطلوب لن يتم بسهولة.

بالأمس.. بدأ البرلمان الجديد عمله بانتخاب رئيسه، كان نبيه برى «رئيس البرلمان منذ ثلاثين عاماً» هو المرشح الوحيد، لأن الموقع محجوز للطائفة الشيعية التى يستحوذ تحالف برى مع حزب الله على كل مقاعدها..

ومع ذلك لم يكن سهلاً أن يحصل برى على الأصوات اللازمة لانتخابه «نصف الاعضاء + ١» بسبب انقسام المجلس، وفقد تحالف حزب الله مع حزب الرئيس عون «التيار الوطنى الحر» للأغلبية التى كان يملكها فى البرلمان السابق، وفى نفس الوقت عدم حصول المعارضة على أكثرية مقاعد البرلمان، ووجود كتلة من المستقلين ودعاة التغيير قد تكون هى الوازنة رغم تشرذمها!

حصل نبيه برى على الأصوات اللازمة بالكاد وبعد جهد كبير فى الكواليس.. ليبدأ الدورة السابعة له فى رئاسة البرلمان فى ظروف بالغة الدقة. فاز برى رغم أن خلافه السياسى مع صهر الرئيس عون «جبران باسيل» حرمه من أصوات حزب الرئيس، وفى نفس الوقت كان المنافس المارونى «سمير جعجع»  يرفض التصويت له. وهو ما يعنى أن الكتلتين الرئيسيتين فى التيار المارونى لم تصوت لبرى، وأن ما منحه رئاسة البرلمان هذه الدورة كان موقف جنبلاط المؤيد ومعه عدد من النواب المستقلين. بينما كانت هناك ٦٣ ورقة تصويت ملغاة أو بيضاء.

جيد أن يعبر البرلمان العقبات، وأن يفوز برى من أول اقتراع «ولو بصوت واحد» لكن المؤشرات تقول إن القادم صعب. اختيار الحكومة مشكلة خاصة مع تشرذم أصوات الطائفة السنية والخلافات التى أنهت الدور الأساسى لتيار «المستقبل»، والوضع أشد تعقيداً بالنسبة لانتخاب رئيس الجمهورية الذى يخلف عون، وتعذر التوافق على الرئيس القادم فى ظل حرب تكسير العظام بين عون وصهره من ناحية وسميرجعجع من ناحية أخرى.

ربما يكون طوق النجاة هو أن يتمكن نواب التغيير مع عدد من المستقلين من تكوين تكتل وازن يفتح الطريق نحو التغيير، ويقود التوجه نحو الإصلاح، ويبعد خطر صدام لايمكن أن يتحمل لبنان عواقبه الوخيمة.

التغيير دائماً صعب، لكن بقاء الأوضاع التى قادت لبنان إلى مأساته هو المستحيل، فى زمن آخر وظرف أخرى لم يكن علينا أن نسأل: هل مازالت هناك إرادة عربية للحفاظ على لبنان جميلاً باختلافه وتنوعه وانفتاحه المبدع.. أم أن ذلك كان زماناً وانقضي؟!