كنوز| «هيكل» يعتذر لأستاذه في «أسرار الساسة والسياسة»

هيكل يستقبل التابعى بحضور الحمامصى أثناء زيارته لمؤسسة «الأهرام»
هيكل يستقبل التابعى بحضور الحمامصى أثناء زيارته لمؤسسة «الأهرام»

 بعد رحيل أمير الصحافة بأكثر من أربعين عاما، كتب تلميذه محمد حسنين هيكل مقدمة كتاب «أسرار الساسة والسياسة»، وهو الكتاب الأشهر الذى تناول فيه الأستاذ التابعى حياة أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكى فى عهد الملك فاروق، بدأ «هيكل» المقدمة باعتذار واضح وصريح لأستاذه قائلاً: «فى الحقيقة أنا لا أقدم كتاباً للأستاذ التابعى وإنما أتقدم إليه باعتذار وذلك بالفعل شعورى إزاء رجل أعتبره من أساتذتى الكباروأستاذا لكثيرين غيرى من نفس الجيل الذى خطا إلى عالم الصحافة العربية أعقاب الحرب العالمية الثانية وبالتحديد مع مطلع الأربعينيات من القرن العشرين.

وكان من حسن حظى أننى عملت مع الأستاذ التابعى وكان وقتها صاحب ورئيس تحرير مجلة «آخر ساعة» أيام عزها، قادماً من جريدة الإيجيبشان جازيت بتوصية من رئيس تحريرها فى ذلك الوقت «هارولد إيرل» وأظننى ولعل ذلك كان رأيه أيضاً كنت آخر قائمة طويلة من الشباب وقتها تتلمذوا عليه».

وأوضح «هيكل» قيمة مدرسة أستاذه قائلا: «يقال عن الرجل إنه صاحب مدرسة فى علمه أو فنه إذا وصل تأثيره فى مجاله إلى درجة يختلف بها ما بعده عما قبله، بمعنى أنه إذا حذف دوره من المجرى العام للتطور، انقطع الخط على فجوة واسعة، وذلك كان نموذجيا فى حالة التابعى، فقط اختلف مجال الكتابة الصحفية بعده عما كان قبله، وفى هذا الاختلاف بين السابق واللاحق يتبدى حجم تأثيره.

مثله فى ذلك مثل غيره من مستواه فى مسيرة أى علم أو فن». 

ويضيف قائلا: «الأستاذ التابعى أضاف شيئاً آخر إذ صاغ أسلوباً مختلفاً فى التناول الصحفى، وهذا الاختلاف الذى أحدثه التابعى هو نعومة الكلمة وانسياب الكلام، أى أن هناك إضافتين تُحسبان للتابعى إحداهما فى اللفظ والثانية فى السياق، وبالنسبة للأولى فإنه يبدو وكأن الألفاظ كانت على نحو ما فى حالة عشق مع قلم التابعى فما إن يضع سن القلم على صفحة الورق حتى تذوب المعانى والصور لينة سائلة على السطور.

وبالنسبة للسياق فإن أى قارئ لكتابات التابعى سوف تنكشف له قاعدة سمعته يكررها علينا كثيراً مؤداها، أن القصة فى التفاصيل، قلت إننى كنت أسعد تلاميذه حظاً، ربما لأنى كما أسلفت آخر من تتلمذ على يديه، والسبب أننى وصلت إلى صحبته قرب آخر النهار، وفى مرحلة من الحياة لها خواصها مع الناس وفى الطبيعة، وهى مرحلة ما بين الأصيل والغروب.

وعندما حضرت الأصيل فى حياة الأستاذ لفتنى الوهج المهنى والسياسى والاجتماعى المحيط بجوانبها، وبمقدار ما حاولت وحاول غيرى فى مرحلة الغروب أن نعبر للرجل عن عرفاننا بفضله فإن نور الحياة انطفأ عن الأستاذ محمد التابعى، رجل ثقيلة همومه، كيسٌ قلبه، جريحة كبرياؤه، برغم أنه ملك فى لحظات الأزمة شجاعة أن لا يرمى المسئولية على غيره، بل يلوم نفسه، وأحياناً بمرارة كما تكشف أوراقه.


محمد حسنين هيكل من مقدمة «أسرار الساسة والسياسة» 

إقرأ أيضاً|التسويق السياسى جسر عبور الإنجازات للداخل والخارج

 

 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي