فى الصميم

عقاب المجرم وليس تقديم العزاء!

جلال عارف
جلال عارف

في جلسة استثنائية لمجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة الخميس الماضى، نجحت الولايات المتحدة وحلفاؤها فى استصدار قرار بفتح تحقيق دولى فى الاتهامات الموجهة لروسيا بارتكاب وقائع قتل وتعذيب للمدنيين وفظائع! أخرى فى الحرب الدائرة فى أوكرانيا. جاء القرار بأغلبية 33 صوتاً ضد صوتين فقط مع امتناع 12 دولة عن التصويت.

وكان قد سبق ذلك قرار استثنائى للجنة العامة للأمم المتحدة قبل شهر حشد له التحالف الغربى كل قواه بتعليق عضوية روسيا فى مجلس حقوق الانسان بسبب الحرب فى أوكرانيا. وجاء القرار يومها بتأييد 93 دولة ومعارضة 24 بينما امتنعت 58 دولة عن التصويت كان من بينها مصر التى قالت فى بيان هام يومها إنها ضد أى انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان، لكنها ترفض سياسة المعايير المزدوجة والكيل بأكثر من مكيال فى اشارة واضحة الى الصمت الدولى على ما يجرى فى فلسطين المحتلة وما تم ارتكابه من جرائم فى دول عربية شقيقة لم تتم المحاسبة عليها أو معاقبة مرتكبيها حتى الآن!


وللمفارقة الصارخة.. يصدر قرار مجلس حقوق الانسان الأخير فى نفس اليوم الذى وقعت فيه جريمة الاغتيال المتعمد للصحفية الفلسطينية شيرين أبوعقلة برصاص قوات الاحتلال الاسرائيلية. ورغم بشاعة الجريمة التى ادانها العالم كله، ورغم ان الشهيدة الفلسطينية تحمل ايضاً الجنسية الامريكية، فقد تمسكت  الادارة الامريكية بمعاييرها المزدوجة وانحيازها الاعمى لارهاب اسرائيل، ورفضت كل المطالب بلجنة تحقيق دولية مستقلة، وأعلنت ثقتها الكاملة فى قدرة اسرائيل على القيام بتحقيق شامل، كما واصلت رفضها الدائم لإحالة جرائم اسرائيل للمحكمة الجنائية الدولية رغم تصاعد الدعوات لذلك من دول العالم!

إنها المعايير المزدوجة التى تحكم السياسة الدولية، حيث يصبح التحقيق الدولى ضرورياً فى أى اتهام للطرف الآخر فى حرب اوكرانيا بينما يصبح الصمت على جرائم اسرائيل التى تتواصل منذ ثلاثة أرباع القرن هو القاعدة. الفظائع الأخيرة فضحت همجية الاحتلال وصدمت شعوب العالم. ورغم ذلك يبقى الكيل بمكيالين والمعايير المزدوجة تحكم سياسة دول كبرى تتحدث طويلاً عن حريات الشعوب وحقوق الانسان.. ثم تصمت على جرائم الاحتلال الاسرائيلى بكل بشاعتها، أو تكتفى بأن تعرب لفسطين عن الاسى وتقديم خالص العزاء!!